الشهادةُ والشهداءُ من منظور محاضرات الشيخ العلامة عبد الله عيضة الرزامي

أكّـد أن الشهيد يجب أن يكون صادقَ النفسية، ملتزماً بأخذ الأسباب، صادقاً في ولائه ومؤمِناً فيها، غايتُه رضا الله، وإعلاء كلمة الله، وألا يتمكّن أعداءُ الله من أولياء الله

أوضح أن ذكرى الشهداء يجب أن تكون حاضرةً في قلوبنا في كُـلّ وقت وليس في أسبوع الشهيد فقط

 

المسيرة- خاص

يُحْيي اليمنيون، خلال هذه الأيّامِ، الذكرى السنوية للشهيد، في فعاليات وأنشطة رسمية وشعبيّة متعددة تتناول جميعها عطاءات الشهداء وما قدّموه من تضحيات جسيمة في المعركة المقدسة لليمن في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم المتواصل للعام التاسع على التوالي.

ويحظى الشهداءُ بفضل كبير ورعاية من الله لا ينالها غيرهم، وما يميز رحيل الشهداء أنه رحيل إلى ضيافة الله، وإلى حياة كريمة سعيدة وهنيئة فيها، وهم في حالة فرحٍ دائم ومتجدد، وفي حالة استبشار حتى بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم.

ويتحدث العلامة المجاهد الشيخ عبد الله عيضة الرزامي، عن الشهيد والشهادة في محاضرات متعددة، وله في هذا الموضوع نظرة ثاقبة وَمستبصرة، حَيثُ يرى أن الحديث عن الشهداء يجب أن يكون متواصلاً، وألا يقتصر في مناسبات معينة “كأسبوع الشهيد” أَو “الذكرى السنوية للشهيد” وغيرها؛ لأَنَّ القضية –بنظره- أعمُّ وأكبر.

وبيّن العلامة الرزامي أن الشهداء يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ويقاتلون لكي يُطبَّقَ المنهج الإلهي على الأرض في موقف عملي خالص، مُشيراً إلى أنه “لو قمنا بغربلة داخل عامة من يقتلون، كم سيخرج منهم شهداء بنفس الوصف الديني في محكم كتاب الله”، منوِّهًا إلى أن “الشهيد يجب أن يبتغي الله في جهاده وحتى استشهاده، مطبقاً منهج القرآن، وأن يعمل على إقامة الحق ويقف في وجه أعداء الله لإعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين؛ فالشهادة درجات ومقامات، وعندما تكون القضية بهذه الطريقة يكون مقام الشهيد رفيعاً”.

 

 ليس كُـلُّ من قُتِلَ شهيدًا:

ويوضح أن هناك شروطًا ربانية يجب أن يحملها الفرد قبل استشهاده، فهناك شهداء ارتقوا مقامات عالية؛ لأَنَّهم عرفوا ما معنى الارتقاء بأنفسهم وأرواحهم بالمستوى الإيماني المطلوب، كما قال تعالى: (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، لافتاً إلى أنه ليس كُـلّ من قتل شهيد؛ لأَنَّه يجب أن تكون الطريقة صحيحة ليسلكها ويصل إلى الشهادة المطلوبة، وأن يكون في طريق الله ورسوله وأئمة أهل البيت، وأن تكون قضيته مواجهة أعداء الله، وهدفه تطبيق منهج الله في الحياة.

ويرى العلامة الرزامي أن الشهيد يجب أن يكون صادق النفسية، ملتزماً بأخذ الأسباب، صادقاً في ولائه ومؤمناً فيها، غايته رضا الله، وإعلاء كلمة الله، وألا يتمكّن أعداء الله من أولياء الله، إضافةً إلى أن يكون مهتماً بالمنهج الذي يحمله ويأخذ بالأسباب، وَلا تأخذه الغفلة في تتبع ملذات الدنيا أَو تسول له نفسه بأهداف أخروية، حتى إذَا قتل كان من الشهداء الصادقين، وليس مُجَـرّد وصف كما تعودنا على تسمية كُـلّ من قتل بالشهيد وهذه عادة وليست حقيقة.

ويشير إلى أن هناك شهداء أشتاق الله لهم ورفعهم إليه وَاتخذهم الله له كما قال في محكم كتابه: (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ) أي انتقى منكم؛ نتيجة صدقه وَإخلاصه ونواياه وعمله المخلص، لهذا نريد أن نعرف الطريقة الصحيحة لنكون من أهل الطريقة الصحيحة في وصولنا للشهادة، فهي أكبر المفازات بالدنيا وليس فقط مُجَـرّد قتلى، والطريقة تبتغي عملاً جاداً صادقاً مخلصاً قوياً ساعياً ملتزماً مؤمناً باذلاً ومقدماً على هدف إرضاء الله وَإعلاء كلمته.

 

 الغفلةُ توقعُ خللاً:

ويحذِّرُ العلامة الرزامي من الغفلة، مُشيراً إلى أنها توقع المجاهدين في الانحراف والهفوات، مُشيراً إلى “أنه كان هنالك مجاهدين غفلوا وهم في المواقع الأمامية لم يرصدوا وَلم ينتبهوا ولم يتيقظوا، فانقض عليهم العدوّ وقتل منهم، متسائلاً: هل يمكن أن نسميهم شهداء بالطريقة الراقية، أوقعوا خللاً وإن كانوا مؤمنين مخلصين ومع أئمة أهل البيت وفي الطريق الصحيح، خلله جعله لم يقدم شاهداً على أهميّة الدين؛ لأَنَّ الإسلام والتوجيهات الإلهية لا يوجد فيها فتح باب للغفلة أياً كان نوعها، والله تعالى يقول: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أسلحتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾”.

ويواصل حديثه: “الغفلة توقع خللاً وإن كان صاحبها مؤمناً مجاهداً صادقاً حياً، ولهذا نقول إن الشهادة والشهداء درجات والمقامات تختلف؛ فالقضية أنه يجب أن نأخذ بالطرق السليمة ونتفنن إن صح التعبير كيف يكون الشهيد، وَأن يكون سلوكه وأهدافه إيمانه، نيته”.

ويتطرق العلامة الرزامي إلى مسألة الذكرى السنوية للشهيد، داعياً الجميع إلى الاهتمام بزيارة الشهداء، وتذكر مواقفهم، وجهادهم، وصبرهم، واستشعار كُـلّ زميل، منوِّهًا إلى أن البعض استشهد وهو بالاستعارة “لم يشبع شعير” وبعضهم استشهد وهناك حاجات رغب في إكمالها ونرغب في إعانته كان مريضاً أَو أياً من هذه الشواهد والنواقص.

وقال: “يجب أن تكون عبرة، ويجب أن يتفكر الناس بها عند زياراتهم في أسبوع الشهيد، فكل شهيد له ذكرى في التضحية أَو في العطاء أَو في الصبر أَو في السجون أَو في أي جانب، وكلّ شهيد له موقف خالد يجب أن يتم تذكره، ويجب علينا أن نتفكر فيه وَنطبقه في حياتنا”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com