لا سبيلَ لنهضة أُمَّـة الإسلام إلا بالجهاد والاستشهاد
علي الحسني
عندما نراجع تاريخ كُـلّ الأمم والحضارات وكلّ الإمبراطوريات نجد أنها قامت بعد تضحيات جسمية وكبيرة ولم تأتِ لمُجَـرّد صدفة أَو حَظٍّ؛ فعلى مدى العصور نجد أنه مع كُـلّ نهضة وازدهار لا بُـدَّ من تضحيات كبيرة تقدم في سبيل ذلك -هذا بالمنظور العام بعيدًا عن الدين أَو غيره-، ثم عندما نتأمل في واقع الحياة أنه؛ مِن أجل تحقيق العدل والمساواة والعيش الكريم لا بُـدَّ من تقديم التضحيات وأخذ غمار الصعاب؛ مِن أجل نيل الحرية والكرامة، وهذا مسلم به لدى كُـلّ الأمم والشعوب والتأريخ يشهد بذلك بل والواقع يثبت ذلك؛ إذ لا كرامة ولا حرية ولا حياة كريمة إلَّا بتضحيات وقتال وبذل المال والنفس؛ مِن أجل تحقيق الأهداف العظيمة؛ فبقدر وحجم الأهداف تأتي التضحيات.
المتأمل لبداية الدين الإسلامي وبداية تأسيس الدولة الإسلامية المحمدية على يد أعظم رَجُلٍ خلقه الله -عز وجل- محمد -صلوات الله عليه وآله وسلم-، يجدُ أن الإسلام لم ينهض إلَّا بفضل تضحيات كبيرة وعظيمة وجسيمة وبفضل رجال عظماء ضحو بأنفسهم في سبيل الله ومن أجل دين الله ونصرة المستضعفين ورفع الظلم عن المظلومين وإنقاذ الأُمَّــة بل البشرية من عذاب الله وعقابه وغضبه، وقد رأينا وعرفنا ما حقّقه رسول الله -صلوات الله عليه وآله- من إنجاز كبير في بناء دولة إسلامية قوية خلال سنوات قليلة فقط، وكلّ هذا بفضل الله أولاً ثم بفضل القيادة الحكيمة والربانية ثم بفضل تضحيات أبناء الأُمَّــة الإسلامية في سبيل الله التي جعلت من الإسلام والمسلمين قوة لا تقهر على مستوى المعمورة.
والمتأمل للقرآن الكريم يجد أن القرآن الكريم يحث دائماً على الجهاد في سبيل وبذل النفس والمال في سبيل الله، بل جعل الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام فلا قيام للإسلام إلا بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله؛ لأَنَّه هو الخيار الصحيح والسليم؛ مِن أجل إقامة دين الله، وما دام الجهاد ذروة سنام الإسلام؛ فلا بدّ أن يكون ماضيًا مُستمرًّا إلى يوم القيامة، لا يوقفه ولا يعطّله شيء، ولا مفرّ من إمضائه ولو بطائفة من الأُمَّــة.
الجدير ذكره أن كُـلّ الأمم تضحي في سبيل نيل الحرية والكرامة ورفع الظلم عنها وهو شيء أَسَاسي لا بُـدَّ منه إلا أن كُـلّ الذين يضحون بأنفسهم؛ مِن أجل شعوبهم وأمتهم من الأمم غير المسلمة تقتصر فائدة ذلك على شعوبهم فيما بعد، أما بالنسبة لفائدة تعود عليهم فلا يوجد شيء يذكر؛ بينما نحن أُمَّـة الإسلام عندما نضحي في سبيل الله فَــإنَّه يعود علينا نفعاً في الدنيا وفي الآخرة على المستوى العام وعلى المستوى الشخصي؛ فقتلانا هم شهداء في سبيل الله وهم أحياء عند ربهم يرزقون وهم الفائزون بجنة الله ورضوانه… إلخ.
الشهداء هم من بذلوا أنفسهم رخيصةً في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين ورفع الظلم عن كاهل أبناء الأُمَّــة خَاصَّة والبشرية عامة؛ فجادوا بأنفسهم وقد تخلوا عن الدنيا وملذاتها وشهواتها وباعوا أنفسهم من الله خالقهم، الذي وعدهم بالجنة والفوز برضوان الله عز وجل؛ فتحَرّكوا في هذه الحياة لا تغُرُّهم الأطماع والأهواءُ، ولا تهزهم العواصف، ولا ترهبهم قوات العدوّ مهما كان حجمها وكثرتها وفاعليتها، بل يزدادون إيماناً عند مُلاقاةِ أعداء الله مهما كان جمعهم من عتاد وعديد وغيره؛ فهم بالله واثقون، وعليه معتمدون، وبلقائه يرغبون.
في الأخير عندما نتحدث عن الشهداء فَــإنَّ الحديث يطول فلا حصر ولا مداد يحصي مناقب وعظيم فضل الشهداء، لكننا ونحن نعيش ذكرى مهمة وهي الذكرى السنوية للشهيد أردنا أن نقتبس من فضل وعظمة الشهداء لنذكِّرَ بعضَنا بعضًا بفضل هؤلاء الشهداء ونقارن بين من يقتل في سبيل الله وبين من يقتل؛ مِن أجل قضيته وهو ليس في طريق الله ورضوانه، خُصُوصاً ونحن نرى تكالب أعداء الأُمَّــة علينا من كُـلّ جانت وما غزة عنا ببعيد!!
أمتنا اليوم بحاجة ماسة أكثر مما مضى والفرصة سانحة أمامها لتحذو حذو الشهداء والسير على نهج العظماء من أعلام آل البيت -عليهم السلام- فلا خلاص للأُمَّـة من الظلم والذل الذي تعيشه إلا بالجهاد والشهادة والاستشهاد في سبيل الله ولا خلاص للأُمَّـة إلَّا بإزالة الغدة السرطانية (الكيان الصهيوني المحتلّ) من خاصرة هذه الأُمَّــة وتحرير فلسطين من براثن الصهيونية النازية، والمسيرة القرآنية هي منذُ أيامها الأولى من خلال مؤسّسها السيد/ حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- هي في أهدافها الأولى مواجهة اليهود ومن أجل مواجهة مخطّطات اليهود والغرب الكافر وعلى رأسهم الشيطان الأكبر (أمريكا)، وما تقديم شهداء المسيرة القرآنية منذُ أيامها الأولى إلا على طريق القدس وهو البوصلة الأولى لقيام المسيرة القرآنية.