هَــل جــزاءُ الإحسان إلا الإحسان؟

 

بشرى خالد الصارم

حين يكون الثمن هو الحياة الأبدية وجنة الخُلد، حينها قد تكون التجارة قد فاقت مستوى الربح، حين يكون المشتري هو الله سبحانه وتعالى، حينها لا تفاوض معه في أوجه البيعة.

تجارة عَزّها الله بالربح قبل بدء خطوتها الأولى، وَوَهَب الله الحياة الأبدية لمن مضوا فيها، وخَتَمها لهم بالجنة عند تسليم الروح لبارئها، لمن كان جهاده لإعلاء كلمة الله وفي سبيله، وهؤلاء هم الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، الذين بذلوا أرواحهم رخيصة لأجل لحظة عزّ، ووقفة كرامة، بذلوا أرواحهم نُصرة لدمعة ثكلى، ليُتم طفل، لفراق أب، ولصرخة وطن تحت ركام بيوته المهدمة على رؤوس ساكنيها، رجال جنود لله في وغى الحروب، في الجبال والسهول في الوديان والصحاري، غير آبهين بـتعديل مناخ يناسب أوضاعهم في خنادق القتال ومتارس المرابطة، لا يردعهم حر الشمس، ولا يثنيهم برد الليل، افترشوا الأرض فكانت لهم سُرُرًا مرفوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابيّ مبثوثة، والتحفوا السماء فكانت لهم لُحَفًا من أجنحة الملائكة.

لطف الله لهم محاوطهم من جميع الاتّجاهات، وملائكة الرحمن تحفهم عن اليمين وعن الشمال، ومعية الله أمامهم تنير لهم الطريق، وهدي الله وقرآنه مخزون لأسلحتهم، وملازم السيد حسين -سلام الله عليه- منهج وعي وبصيرة لحقائق الأحداث، وخطب ومحاضرات السيد القائد -حفظه الله- دعماً معنوياً ودافعاً لهم للخوض للأمام، وَوصايا الشهيد الرئيس الصماد -سلام الله عليه- مونة تمدهم بالعزيمة والثبات وتحمل المسؤولية، متقدمين في الصفوف الأولى، متمسكين بالله واثقين بنصره وبتأييده لهم، فاقتحموا المواقع، نكلوا بأعداء الله، أرهبوا المرجفين الخائفين في صفوف العدوّ، كان يراهم العدوّ واحداً وخلفه جيشٌ مغوار كرار غير فرار، يقتحم الصفوف كحيدرة يوم خيبر، لهم من “الصماد” صمودٌ وشجاعة وتمكين، ومن “طومر” نصيبٌ في التحدي والعزم، ومن “أبو زيد” في الإباء والعزة، ومن “أبو حرب” الشموخ والرفعة والتنكيل، ومن “القحوم” فخراً وانتماء للقضية، ومن “الجبري” حباً وولاءً للقيادة، وغيرهم -سلام ربي عليهم- من النجوم الذين أطفأوا أنوارهم كي يستضيء غيرهم من الأحرار، فبقي توهجهم في وجوه المجاهدين من بعدهم، ونورهم إنارة لهم، وصدقهم سموّ يفتخر به كُـلّ من سار على نهجهم، والمضي للاستجابة للتعبئة العامة نحو النفير إلى جبهاتهم ومتارسهم، وأخذ مواقعهم، فكان حقًا عليه النصر، ولا يسلم روحه لخالقه إلا بعد أن ينكل بالعدوّ، ويوجعه، وبعد أن يأخذ منهم الأسرى وبعد أن يأخذ عدتهم وعتادهم غنائم حرب ليذوقوا بها وبال أمر بقيتهم.

شرفٌ عظيم ما هم فيه وما صاروا عليه، عزة وكرامة خلدوها لأبنائهم وللأجيال القادمة، سقوا الأرض من دمائهم فأثمرت عزة ونصرة، وما نحن عليه اليوم من انتصارات ما هي إلا من ثمار عطاياهم في هذه الأرض، وما نحن عليه من تطبيق شعار الشهيد الرئيس -سلام الله عليه- “يد تحمي ويد تبني” إلا ثمار ما زرعته لنا أيدي الشهداء، وما قدموه لنا من منهج وعي وبصيرة نسير عليه ونمضي في دروبهم، كُلٌّ في مجال عمله، وإننا بإذن الله لا نخيب لهم ظناً، ولن نضيع لهم تعباً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com