تهديداتُ القيادة ليست عبثية أَو استعراض كلامي
بشرى خالد الصارم
اليوم بدت اليمن كما عهدها التاريخ بنجمها سهيل في الأفق، شامخةً أبية عصية معصاة، لا يثنيها تهديد ولا يردعها تخويف، ولا يوقفها إغراء، كيف لا وهي أثبتت لقوى الطاغوت ممثلةً بأمريكا وطفلتها المدللة إسرائيل وذيولها المتطرفة ممن حالفهم؛ أن تهديدات القيادة اليمنية ليست عبثية أَو مُجَـرّد استعراض كلامي، أثبتت أن جبهة البحر الأحمر جزء لا يتجزأ من جبهة غزة، وأن كلاهما في خندق واحد وهذا من خلال قراراتها ووقوفها القوي مع هذه القضية، وإثبات أن لديها الكثير من القدرات والإمْكَانيات لفرض هذه القرارات، على مستوى الوطن أَو على مستوى الأُمَّــة والعالم بأكمله.
بعد لعبة مكشوفة من الإسرائيلي، حَيثُ قام بنقل سفنه البحرية عبر سفن ذات جنسيات مختلفة للتمويه والاختفاء والتنصل، ولكن قواتنا المسلحة كانت لها بالصدد، وكشفت كُـلّ ألاعيبها، وقد شاهدنا طريقة التدرج للأمريكي والصهيوني بدءًا من الإنكار إلى الاعتراف الجزئي، وإلى إلقاء المسؤوليات إلى أمريكا وتهديد الملاحة البحرية وُصُـولاً إلى ما يسمى بالتحالف البحري والتموضع في البحر الأحمر وحمايته من قبلها، ولكن كُـلّ هذه التدرجات لم تجد أمام القرار اليمني في مواصلة توسعة دائرة الاستهداف أمام السفن الإسرائيلية أَو السفن الأُخرى من أية جنسية كانت، التي تتجه إلى موانئ العدوّ.
جاء القرار الأخير للقوات المسلحة اليمنية بناءً على ضوء متابعة حق من حقوق الشعب الفلسطيني وأبناء غزة من فك الحصار المفروض عليهم، ووجوب دخول المساعدات لها؛ فاليمن اشترطت شرطًا طبيعيًّا إنسانيًّا أخلاقيًّا ودينيًّا وهو وقف استهداف هذه السفن مقرون بإدخَال المساعدات إلى غزة، وهو أَيْـضاً قرار أتى بعد الفيتو الأمريكي، كان عليه أن يوقف العدوان الهمجي على قطاع غزة ومع ذلك كان هناك فيتو وكأنه يتحدى به العالم، وعندما نقول إن القوات اليمنية اتخذت هذا القرار فهي بالواقع تترجم للقوات المتغطرسة المتحالفة في البحر الأحمر أنها قادرة على فرض خياراتها، وهَـا هي تصعّد وتوسع من خياراتها وتطرح شروط حتمية لا تراجع عنها إلا بوقف العدوان على غزة ودخول المساعدات لها، فقرار اليوم هو يضاف للقرارات الحتمية السابقة.
ونظراً لأهميّة هذه القرارات وبما يترتب عليها من تأثيرات اقتصادية مهولة وفادحة، لذلك سارعت الولايات الأمريكية بإرسال المساعدات البشرية أَو الاقتصادية أَو غيرها للكيان الصهيوني، فنحن الآن أمام قرار قوي وشجاع؛ لأَنَّ قرارات القادة اليمنية ليست للاستهزاء أَو للاستعراض، فعلى الكيان الصهيوني تحمل الكثير من تبعات هذه القرارات وهي رسالة واضحة وجلية للعالم أجمع.
وجاءت هذه القرارات من منطلق عدم اللجوء إلى الأمريكي لحل قضايا أمتنا الإسلامية، وأن من سيكون قادراً على حلها هي الأُمَّــة الإسلامية الجهادية، فمن غير المعقول أن نستجديَ من الولايات المتحدة السلام والأمن وأن نطالبها بحقوق الإنسان وحقوق الطفل وهي لم توفر شيئاً من الدعم الإنساني لغزة!، فكما قال السيد الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-: “أي غباء يعيشه الحكام والأنظمة العربية عندما يستنجدون السلام من الولايات المتحدة الأمريكية، كيف بمن يرعى إسرائيل وبمن أنشأ إسرائيل وبمن يحمي إسرائيل وبمن يسلح إسرائيل أن يأتي ويمنحكم السلام؟!! تذهبوا وتستنجدوا السلام من الراعي لهذا العدوّ الذي يقتلكم!؟”، فتأتي كُـلّ جهود أمريكا انتكاسات ضد القضايا العربية والإسلامية، ومنذ 1948م ووُصُـولاً إلى هذه اللحظة، وعندما حولت أنظمة العالم مرجعيتها للسلام إلى أمريكا فهي ترجع إلى من يقتلها، عندما أصدر الشهيد القائد -رضوان الله عليه- صرخة البراءة “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” فقد أُقفل هذا المجال، حيثُ إن هنالك من يرفض إسرائيل ولكنه يقبل بأمريكا، فجاء الشهيد القائد -رضوان الله عليه- وأوضح لنا أن إسرائيل وأمريكا هما وجهان لعملةٍ واحدة، وقد قالها السيد القائد -سلام الله عليه- في خطابٍ له: “إن من يقبل بأمريكا سيقبل بإسرائيل”، والدليل هو دورها اليوم الرئيسي في الأحداث الأخيرة، ودعمها ومساندتها للكيان الصهيوني.
فألف سلامٍ لهذه القيادة العظيمة التي أهدتنا طريق الخير وطريق الوعي والبصيرة، ووضحت لنا الوجه الحقيقي لهذه الدول وهذه الأنظمة وشرّفنا الله بها من سائر خلقه، وكانت حقًّا القيادة في القول والفعل.