“طُـوفان الأقصى” وطوفانُ البحر الأحمر اليماني سَيلتقيان في المسجد الأقصى

 

محمد علي الحريشي

لم يتعرض كيان الاحتلال الصهيوني لتهديد خطير يمس وجوده ومستقبله السياسي منذ احتلاله لفلسطين عام 1948م مثل التهديد الذي بدأ يعصف به من 7 أُكتوبر الماضي، يوم اندلاع “طُـوفان الأقصى” على أيدي أبطال المقاومة الفلسطينية في غزة، أبطال المقاومة الذين عاشوا وترعرعوا في واقع الاحتلال الصهيوني، الذي جمع كُـلّ ألوان التوحش والإجرام والقسوة الصليبية الغربية، الوحشية الاستعمارية التي أبادت شعوب بأكملها، كما حدث للهنود الحمر السكان الأصليين للأرض التي أطلقوا عليها اسم “أمريكا”، الإجرام الذي استعبد عدداً كَبيراً من سكان غرب ووسط أفريقيا في الحقبة الاستعمارية، التوحش والإجرام الإسرائيلي الصهيوني هو امتداد للتوحش الأُورُوبي الاستعماري جاء من نفس البيئة، فمن تلك البيئات الصليبية الاستعمارية الحاقدة جاءت عصابات “الهاجانا” الصهيونية وغيرها من عصابات اللصوص المجمعين من شتى بقاع المعمورة جمعتهم بريطانيا إلى فلسطين، التي ارتكبوا المجاز في سكانها قبل وبعد عام 1948م عام النكبة، هم نفس العصابات الذين يبيدون أبناء غزة ويدمّـرون مدنهم وأحياءَهم السكنية على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء، معظم سكان قطاع غزة هم من النازحين من الداخل الفلسطيني المحتلّ عقب نكبة 1948م وعدوان 1967م، فمن واقع الظلم والاحتلال ومن داخل المخيمات نشأ أبطال المقاومة الفلسطينية، عصرت نفوسهم المآسي والحرمان، بعضهم قضى معظم حياته في معتقلات وسجون العدوّ، الذي يمارس جلادوه فيها أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، نشأ “طُـوفان الأقصى” ونما من بين أزقة وأحياء قطاع غزة ومخيماتها.

هناك طوفان آخر تحمله أمواج البحر الأحمر جاء من اليمن، من الأرض التي تحالف عليها 17 دولة وشنوا حرباً همجية ظالمة، من قبل أقوى إمبراطوريات السلاح والمال، تحالف ظالم تجمعت فيه أضلع وزوايا الشر والإجرام والكفر والنفاق، شنوا على اليمن حرباً مدمّـرة استمرت 7 سنوات، قصف وقتل ودمار وتجويع وحصار، من أهم أهداف تحالف العدوان على اليمن تمزيقه وإضعافه، وجعله تابعاً لعبيد النفط والدولار وحديقة خلفية يعبثون بمقدراتها وينتهكون سيادتها، من أهم أهداف العدوان على اليمن أَيْـضاً، حتى لا يشكل تهديداً على مستقبل أمن «إسرائيل»، لكن هيأ الله لليمن قيادة حكيمة واجهت العدوان وتجاوزت المؤامرات، انهزمت إمبراطورية السلاح الأمريكي على أيدي اليمنيين وانهزمت إمبراطورية النفط والدولار الخليجي على صخور جبال اليمن، فشلت الأهداف، جاء “طُـوفان الأقصى” والطوفان اليماني من البحر الأحمر ليخلط الأوراق ويفسد مخطّطات ومشاريع أمريكا وكيانها المصطنع، المخطّطات التي أعدوها من أَيَّـام اتّفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، نسف “طُـوفان الأقصى” وطوفان البحر الأحمر بمحطات الشرق الأوسط الجديد، والربيع العربي (العبري) والفوضى الخلاقة، والأرض مقابل السلام وحل الدولتين، والمشاريع الإبراهيمية ومشاريع التطبيع، فإذا كان الطوفان الفلسطيني نشأ وترعرع من مخيمات التهجير ومن غياهب السجون العدوّ ومعتقلاته، فَــإنَّ الطوفان اليماني نشأ من مظلومية كهف مران ومن مظلومية اعتقال وتعذيب الطلاب «المكبِّرين» من الجامع الكبير في صنعاء، نشأ الطوفان اليماني من مظلومية سِتّ حروب أمريكية سعوديّة عبثية على محافظة صعدة، نشأ الطوفان اليماني من يوم أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بقوله: «إنها حرب صليبية ومن لم يكن معنا فهو ضدنا»، ومن يوم رفع السفير الأمريكي في صنعاء تقارير سرية عاجلة إلى إدارته في واشنطن يحذرهم من خطر داهم قادم من اليمن يهدّد أمريكا ومصالحها ويهدّد الكيان الصهيوني ويهدّد شيوخ النفط والدولار في الخليج، منشأ الخطر كما رسمه السفير الأمريكي يتمثل في المشروع القرآني للسيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.

حدّد السفير الأمريكي عناصر الخطر في كلمات بسيطة وهي، «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام»، لا يهم اليمن أن تظل أمريكا تعيش في سكرة وغرور قوتها، وأن يظل الكيان الصهيوني المحتلّ يعيش في أوهام أمجاد بطولاته في الستينيات والسبعينيات، ولا يهم، يشكلون ضد اليمن تحالفاً بحرياً لحماية السفن التي تحمل البضائع إلى موانئ العدوّ المحتلّ في فلسطين، ما يهم اليمن أنه قد هزم تحالفهم البري والجوي، خرجوا مهزومين يجرون أذيال الخزي والعار، أما تحالف أمريكا البحري، فرجال الله قد أعدُّوا له العدة وسوف يتحول قاع البحر الأحمر إلى مكب لبوارجهم الحربية المحطمة، وقريباً سوف يلتقي “طُـوفان الأقصى” الفلسطيني مع طوفان البحر الأحمر اليماني في مدينة القدس، ويتعانقا داخل المسجد الأقصى المبارك وعندئذ سوف يتحقّق وعد الله في زوال مملكة بني صهيون.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com