بحارُنا آمنة للجميع عدا “إسرائيل”

 

محمد يحيى الضلعي

تعرضت بلادنا لعدوان غاشم استمر 9 سنوات من الحرب والحصار والتجويع، وبالرغم من ذلك ظلت الملاحة البحرية في البحر الأحمر والعربي طبيعية، فلم نهدّدها ولم نستخدم أساليب القراصنة، وكنا حماتها رغم الحصار الذي واجهناه، إيماناً منا بحق الجميع وليس عجزاً أَو ضعفاً، وما نقوم به اليوم يهدّد كياناً واحداً اعتدى وقتل النساء والأطفال، وليس تهديداً للعالم.

وتحرص أمريكا وأخواتها على تسويق الوهم بحملة إعلامية منظمة عن قلق العالم على حرية الملاحة الدولية في البحرين العربي والأحمر، وهذا كله لغرض فك الكربة عن “إسرائيل” بأيادٍ عربية أَو حلفاء لأمريكا و”إسرائيل”.

إن أي تحالف يمكن أن ينشأ عبثاً في البحر الأحمر سيكون “إسرائيل” مهما كانت الأقنعة التي يرتديها حتى لو كان القناع عربياً، فَـ “إسرائيل” هي المتضرر الوحيد من خطواتنا التصعيدية ضده، وقد وضعنا شروطنا لإيقاف ذلك التصعيد بإيقاف العدوان على غزة، ونحن لا نخشى أحداً عندما نقول نستهدف السفن الإسرائيلية فقط أَو التي تتجه لـ “إسرائيل”، بل نعبر عن صدق توجّـهنا ونوايانا الحقيقية.

إن ما يجب أن يفهمَه العالم أن البحر الأحمر والعربي آمنان والبيانات واضحة وصريحة ومكرّرة بنفس المنوال، أن كُـلّ السفن العالمية لها الأمان عدا سفن الكيان الصهيوني، وحين أتى التصعيد والفيتو الأمريكي كان التصعيد مشروعاً بمنع السفن المتعاملة مع الكيان الصهيوني وهذا واضح والكل يفهم ذلك، لكن حرص أمريكا بدفع إسرائيلي على المزايدة بتهويل قلق العالم عن حرية الملاحة في البحر العربي والأحمر فيه نوايا أُخرى لا تتعلق بأمن الملاحة، وهذا ما يعرفه الأشقاء العرب قبل غيرهم، فَــإنَّ أي تحالف هو بمثابة خسارة دول المنطقة وتحمل تبعات طبيعة لساحة فوضى تسعى أمريكا و”إسرائيل” لفعلها بعيدًا عن أراضيها، وليفهم الأشقاء أن دافعنا عروبي قومي إسلامي، ومن غير المنطقي أن يكون تحَرّكنا هو أَيْـضاً يتسبب بضرر عربي، فاليمن حريص كُـلّ الحرص على المصالح العربية أَيًّا كانت، حتى دول التحالف العربي التي لنا معها مواقع خلاف لكننا لن نربط أَو نستغل الفرص لتصفية حسابات.

إن التسويق الزائف من قبل “إسرائيل” وأمريكا والتباكي المبالغ فيه عن حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر موضحة ومشروطة، فنحن جنود البحر لتأمين الملاحة الدولية، ولنا خلاف مع عدو محدّد وواضح يجب الحذر من ذَلك فقط، حَيثُ إن المبالغة والاستغلال للحدث والتحَرّك اليمني ضد “إسرائيل” جعل من “إسرائيل” عاجزة عن الرد وجعلها تستنجد تحت اسم العالم وليس لأجلها وهذا مفضوح وكلّ دول المنطقة تعرف ذَلك جيِّدًا، وأن اليمن قيادة وحكومةً وشعبًا حريصون كُـلّ الحرص على المصالح الدولية والسلامة الملاحية، وعلى هرطقات الإعلام أن تتجه إلى “إسرائيل” وجرائمها بحق الأطفال والنساء والتدمير والتهجير في قطاع غزة وأن يعيروا هذا الحدث الإجرامي كُـلّ اهتمامهم.

إن حرص “إسرائيل” على الملاحة بحديثها هو سلوك لتغطية جرائمهم في قطاع غزة بتأجيج الوضع إعلامياً على البحر الأحمر والسلامة الملاحية، وهم يعلمون أن البحر مفتوح وآمن إلا على سفنهم الإسرائيلية، ونحن نثق أن أشقاءنا في الدول العربية يعرفون ذلك جيِّدًا ولو لم يبدوا ذلك استحياء وإحراجاً، فلسنا نلوم أحداً، فكل يسطر موقفه بالطريقة التي يراها مناسبة لنصرة الحق.

على من يفكر بهذا التحالف أَو يفكر بالانضمام إليه أن يعي أنه تحالف عبثي ليس هدفه تأمين الملاحة، فهي آمنة ولا خلاف على ذلك، بل إن لديه أهداف أُخرى تتخفى وراء هذا العنوان الساذج، ونحن بدورنا ستظل الملاحة الإسرائيلية غير آمنة قبل وأثناء وبعد التحالف ما دام العدوان على غزة قائماً، وإضافة إلى ذلك فحضور ما يسمى بتحالفهم يعني تهديداً حقيقياً للملاحة وليس تأميناً لها، وأن الدول العربية الراغبة في الانضمام لهذا التحالف يجب أن تدرك أنها ستكون خصماً لكل العرب الشرفاء في كُـلّ دول العالم العربي والإسلامي، وأنها ستكون تحت راية تحالف إسرائيلي مهما حاولت تقديم عناوين مختلفة.

لو أردنا أن نمنع الملاحة البحرية العالمية في البحر الأحمر والعربي لفعلنا ذلك ونحن نتعرض لأشد أنوع العدوان والحصار الممنهج منذ 2015، لكننا شعب حر وجيش أبي استشعر المسؤولية عندما نادى الشعب الفلسطيني ورد الفعل بالفعل نفسه، وكانت أهدافه واضحة جلية للعالم، حَيثُ يمر الجميع من البحر الأحمر والعربي لكن السفن الإسرائيلية والتي تتجه إليه لن تمر حتى لو اضطررنا أن نحول لون الماء أحمرَ في تلك البحار؛ فلا التهديدات تجدي ولا العناوين الساذجة تؤثر، ولا يمكن لأحد أن يثنيَ هذا الشعب عن قراره التاريخي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com