استراتيجيةُ أمن البحار

 

علي عبدالله الدومري

أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون لليمن وجيشها العظيم الدور المفصلي والمحوري في ضبط إيقاع المستجدات التي طرأت في البحر الأحمر، على آثار وتداعيات معركة “طُـوفان الأقصى” التي تخوضها المقاومة الفلسطينية الباسلة والشعب الفلسطيني معركة الطوفان التي غيرت المعادلات والمسميات واتجهت عقاربها نحو الانتصار للقضية والأمة.

فكل الأحلام والخطط الصهيونية، كشفت للعالم أجمع و”طُـوفان الأقصى” النقطة الفاصلة والمحورية في كبح المخطّطات الصهيونية والأمريكية والبريطانية؛ التي أرادت تمرير مخطّط صفقة القرن اللعينة، بالعديد من الإجراءات والتحَرّكات السياسية والإعلامية التي تقنع الشارع العربي بالاعتراف بدولة الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين العربية، أبرز تلك التحَرّكات، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لمحاولة تهويدها، وطمس عروبتها والتوسع في التطويع؛ أي (التطبيع) للدول والشعوب وتبادل الزيارات وفتح السفارات والقنصليات، في تلك الدول العربية التي تم تطويعها للكيان الصهيوني والقيام بالزيارات المماثلة من حكومات الدول العربية التي هرولت نحو الاعتراف بكيان العدوّ، كدولة بديلة على أرض فلسطين المحتلّة، وشن حملات إعلامية ممنهجة، وفق استراتيجيات نسيان القضية الفلسطينية وتغييبها من الذاكرة العربية الجامعة، ولفت الأنظار عنها بعبارات ومسميات مختلفة وُصُـولاً بها إلى الموت السريري.

بينما ظلت المقاومة وشعبها الجبار، ومن خلفهما حركات المقاومة في دول المحور وشعوبها، تراقب وترصد وتعد العدة وتجهز ليوم السابع من أُكتوبر النقطة الفاصلة بين الأحرار والمطبعين، وبين الحق والباطل؛ لتعيد إنعاش القضية الفلسطينية في قلب الشارع العربي وتسحب البساط من تحت أقدام ملوك ورؤساء وزعامات وحكام التطبيع وتضعهم في دائرة الحرج أمام شعوبهم وأُمتهم إن استمروا في التطبيع، فشعوبهم رافضة وإن رفضوا السير في معاهدات التطبيع فالصهيوأمريكية وبريطانيا تدفع بهم ليكونوا في عداد الموتى، فماتوا سياسيًّا وشعبيًّا وعربياً وعالميًّا، ولكنه انتعش نبض القضية في قلوب الأحرار من جديد، وبزخم مختلف عن أية مرحلة سابقة منذ 75 عامًا.

والمعطيات الميدانية برهنت ذلك، ثم أفشلت الحسابات والمخطّطات والاستراتيجيات؛ لذلك أصبحت معركة الطوفان معركة استراتيجية عربية امتدت من غزة وغلافها وفلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن العظيم صاحب الموقع الجغرافي الاستراتيجي المطل على البحرين الأحمر والعربي يمتلك سيادته في التحكم بتلك الحدود البحرية، الذي مكنته من فرض استراتيجية أمن البحار والتحكم بالدخول والخروج إليها، والتعامل مع التهديدات التي تُحاك ضد الأُمَّــة العربية وشعوبها، وضد القضية العربية الأَسَاسية والمركزية للعرب والمسلمين فلسطين.

بتدخل عسكري مباشر، لمنع السفن الصهيونية من المرور من مضيق باب المندب، وكذلك السفن التي تنقل البضائع للكيان الصهيوني من أية دولة كانت، وبهذا فرض اليمن معادلة جديدة وفاعلة وناجحة في معركة “طُـوفان الأقصى” تقول حصار فلسطين مقابل حصار الصهاينة؛ فنجحت تلك المعادلة في فرض استراتيجية أمن البحار، وظهور اليمن كلاعب دولي قوي في المنطقة له الحق الكامل بالتحكم بمضيق باب المندب.

ومن ذلك يتم فرض معادلة السلام مع العالم، وإفشال مشروع صفقة القرن والتهجير إلى سيناء ومشروع الوطن البديل والقناه البديلة لقناة السويس، الذي يخطط لها الكيان الصهيوني من أم الرشراش كلها أفضت إلى فرض استراتيجية أمن البحار التي رسمتها اليمن وجيشها العظيم، الذي شارك في المعركة بقوة لم يسبق لها التاريخ منذ 1948م، وذلك بالقصف الصاروخي والطيران المسيّر الذي نفذته القوات الجوية اليمنية على كيان الاحتلال وكذلك العمليات البحرية ضد السفن الصهيونية في البحر الأحمر، بالقصف المباشر وتعطيل السفن، وإجبار الكيان الصهيوني إلى اتِّخاذ طرق إبحار جديدة، عبر رأس الرجاء الصالح مكلفة اقتصاديًّا.

فكل ذلك الحصار البحري جعل الكيان يتراجع عن مشروع القناة البديلة، بنجاح تلك العمليات؛ وهي تأديب الأمريكي وإذلاله والبريطاني وكل شذاذ الآفاق، فقد تحرج المتاجرين بالقضية الفلسطينية من المطبعين والجبناء والخانعين، وظهروا في موقف الضعف والوهن برغم ما يمتلكون من قدرات وإمْكَانيات ومقومات (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ)، إن تمسك اليمن وفلسطين ودول المحور المقاوم الحر بقوله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فتحقّق العلو نتيجة الإيمان بالله والعمل بكتابه فنصر الله جنده.

انقشعت الغمة، واختفت الدعايات والزيف والشعارات الظلامية؛ التي قصفت اليمن تحت عناوينها، وظهر الحق جليًّا للأُمَّـة، أن اليمن أصل العرب؛ فاليمن تُحارب نيابةً عن العرب، الذين شنوا عليها عدوانهم الإجرامي، لتعود للحضن العربي المقصود لديهم (الأمريكي الصهيوني حضن التطبيع) فخابوا وفشلوا وانكسروا وانهزموا أمام اليمن، وأمام معركة “طُـوفان الأقصى”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com