عبد السلام في حوارٍ مع قناة “يورو نيوز” الأُورُوبية: سنعمل كُـلّ ما نستطيع؛ مِن أجل غزة ومستعدون للذهاب إلى أعلى مستوى بحسب ما تفرضه ظروف المعركة
المسيرة – متابعات
أكّـد رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام، أن أمريكا فشلت في تقديم تصور للعالم بأن هناك مخاطرَ في البحر الأحمر والبحر العربي من خلال تشكيل ما يسمى “بحارس الازدهار”، وأن أمريكا لم تستطع إقناع العالم بأن هناك مخاطر حقيقية تستهدف البحر الأحمر.
وقال خلال مقابلة له مع قناة “يورو نيوز” الأُورُوبية، الأربعاء الماضي، إن “التحالف الأمريكي فشل قبل أن يرى النور”.
وأشَارَ إلى أن البوارج الأمريكية موجودة في الأَسَاس في البحر الأحمر من قبل عملية “طُـوفان الأقصى” وأنه لا يوجد جديد فعلي على الواقع العملياتي في البحر الأحمر أَو في البحر العربي، موضحًا أن هذا التحالف هو؛ مِن أجل “إسرائيل” فقط، وأن الممرات الدولية آمنة ومستقرة، ولا توجد فيها أية مشاكل، بدليل أن المئات من البواخر تعبر من البحر الأحمر والبحر العربي كُـلّ يوم.
وَأَضَـافَ أن هذا التحالف ليس له شرعية لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية القانونية، مُشيراً إلى أن القوات البحرية اليمنية تتخاطب مع السفن يوميًّا، وأن الأحداث التي تريد أمريكا إظهارها وجر بعض الشركات إلى عدم المرور عبر البحر الأحمر هو نوع من الابتزاز لبعض الدول في العالم للدخول في هذا التحالف، لحماية إسرائيل، ولذلك هذا التحالف فشل؛ لأَنَّه يفتقد للشرعية المطلوبة؛ لأَنَّ البحر الأحمر آمن وباب المندب آمن باستثناء إسرائيل.
ولفت إلى أن أمريكا تقدم الحماية لإسرائيل سياسيًّا وعسكريًّا، إضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي، والجسر الجوي من السلاح إلى غير ذلك من الدعم في مجلس الأمن، معتقداً أن الدول التي أعلنت واشنطن اشتراكها في التحالف لديها مصالح، كاشفاً أن صنعاء لديها اتصالات مع دول كثيرة وقد أكّـدت أنها غير موجودة في البحر الأحمر، وأن هناك دولاً ممن طرحت أسمائها داخل هذا التحالف أخبرتنا أنها ستكون موجودة في البحرين فقط؛ مِن أجل التواصل والتنسيق مع سفنها مع البوارج التي تقوم بنوع من الحماية والتنسيق، ومع ذلك يؤكّـدون أن موقفهم السياسي ضد ما يجري في فلسطين، وهم مع فك الحصار على غزة، ويعتبرون أن الطريق الصحيح لإنهاء كُـلّ هذا هو إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
اليمن لا يتلقى الأوامرَ من أحد:
وبخصوص موقف البحرين وانخراطها في التحالف الأمريكي قال عبد السلام: إن البحرين موقفها لا في العير ولا في النفير كما يقولون، فهي تمثل اسماً أكبرَ من أن تمثل حقيقة واقعية على الأرض، وهي لا تملك شيئاً لا في ذاتها ولا في مناطقها، فرضاً عن أن تملك قوة بحرية موجودة في الخارج، منوِّهًا أن واشنطن تستغل بعض الدول الفاعلة في المنطقة لتقديم البحرين كنوع من الطعم؛ باعتبارها تقدم نوعاً من الحضور العربي لبعض الدول الداعمة لها، وكنوع من إسقاط الواجب والتضحية بهذا الاسم.
وواصل عبد السلام حديثه قائلاً: “أما على الواقع فهي لا أثر لها في البحر ولا في مكان آخر، ونحن نعتقد أن وجودها كعدمه”.
وأكّـد أن هناك حالة إرباك لدى الشركات الدولية؛ بسَببِ الدعاية الأمريكية التي حاولت أن تستفز العالم، موضحًا أن الشركات الدولية لم تكن ممنوعة من المرور عبر البحر الأحمر، وأن الممنوعة فقط هي السفن الإسرائيلية أَو التي يملكها إسرائيليون أَو شاركوا فيها، أَو أية سفينة تجارية تريد أن تذهب إلى موانئ الكيان الإسرائيلي.
ووجّه رسالة لشركات الشحن الدولية بقوله: “نقول لأية شركة تريد الذهاب إلى الكيان الغاصب عليها أن تفهم وتحترم قرار صنعاء وأن تأخذ تحذيراتها بمحمل الجد، وإن التزمت بذلك فلن تتعرض لأي نوع من المضايقة أَو الاستهداف”.
وفي رده على سؤال هل تخشون من الرد الأمريكي على عملياتكم في البحر الأحمر، أكّـد محمد عبد السلام أن القيادة في اليمن، وكذلك الشعب اليمني عندما قاموا بهذا الموقف هم قاموا به انطلاقاً من مبادئ دينية وأخلاقية وإنسانية وقومية، ووطنية لهذه الأُمَّــة، وهم يعرفون تبعات هذا الموقف، منوِّهًا أن أي قارئ سياسي بسيط هو يعرف أن هذا الموقف سيكون له تبعات وتداعيات، وصنعاء أعلنت مراراً أنها تدرك تبعات موقفها، لكن هذه التبعات الأكثر ضرراً والأكثر أثراً ستكون في التفريط بالقضية الفلسطينية.
وَأَضَـافَ أن إسرائيل إذَا ما تمكّنت من القضاء على المقاومة الفلسطينية فهذا يهدّد الأمن القومي للأُمَّـة بأكملها، وحينها تصبح إسرائيل هي جندي المنطقة، وبالتالي تصبح دول المنطقة وظيفية وأقل من وظيفية، ولا تملك أي قرار ولا شأن من شؤونها الاقتصادية والسياسية وهُــوِيَّتها العربية ذات التأثير في العالم.
وواصل حديثه: “نحن في واقع الأمر لا نخشى ردة الفعل من أي طرف بقدر ما نخشى من التفريط في مثل هذه القضية على موقفنا أمام الله سبحانه وتعالى، وموقفنا أمام الأجيال وموقفنا أمام شعبنا الفلسطيني”.
ونفى عبد السلام المزاعم التي تتحدث بأن اليمن أغلقت باب المندب بأوامر من طهران، وأشَارَ إلى أنه كانت هناك عمليات عسكرية في البحر الأحمر وتم استهداف السفن الإماراتية والسعوديّة، وهناك سفينة إماراتية اسمها “روابي” هي محتجزة في البحر الأحمر في الحديدة، نتيجة قيامها ببعض العمليات اللوجستية ونقل بعض المعدات العسكرية ما بين اليمن في المناطق المحتلّة إلى السعوديّة.
وأكّـد أن اليمن لا يتلقى الأوامر من إيران، وأن الشعب اليمني لديه القرار، وأن الشعب اليمني يؤيد ذلك من خلال المسيرات الجماهيرية بل ويطالبون بالمزيد.
وأكّـد عبد السلام كذلك أن أنصار الله قرارهم مستقل ولا يتبعون طهران، مُشيراً إلى أن اليمن شعب عربي مسلم يؤمن بأن القضية الفلسطينية تتعرض لمظلومية كبيرة جِـدًّا، ويؤمن أن فلسطين المحتلّة من قبل إسرائيل تهم الأُمَّــة جميعاً، ويؤمن أنه قادر على الدفاع عن المقدسات، ويؤمن الشعب اليمني كامل الإيمَـان أن للمقاومة الفلسطينية كاملَ الحق في اتِّخاذ أعمال عسكرية للقيام بواجبها، ويؤمن الشعب اليمني أن من واجبه الأخلاقي أن يساند القضية الفلسطينية بكل ما يستطيع، مؤكّـداً أن قرار اليمن المساند لفلسطين هو قرار وطني يمني تمثله القيادةُ اليمنية المدعومة من أبناء الشعب اليمني الذين يخرجون في الساحات كُـلّ أسبوع.
من يفرط بفلسطين سيفرط بأية قضية:
وبخصوص المواقف العربية والدولية مما يحدث في غزة قال عبد السلام: إن الموقف على المستوى الشعبي كبير جِـدًّا، لكن على مستوى النخب المرتبطة بالأنظمة فهي تعبر عن الأنظمة التي بعضها للأسف تدعم إسرائيل وتشاطرها الهدف في أنها لا تمانع في أهداف إسرائيل في القضاء على “حماس”، وهناك أنظمة مختلفة تماماً ولها موقف واضح، حَيثُ تعتبر ما يحدث في غزة هو تهديد قومي وإقليمي، معتبرًا أن هذه المواقف في المجمل غير كافية، ويجب على الأنظمة العربية أن تقف مواقف شجاعة، منوِّهًا إلى أن عدم نصرة فلسطين يعتبر موقفاً خطيراً وسيكون له ارتداداته في الدنيا، مؤكّـداً أن من يفرط بفلسطين اليوم سيفرط بأي بلد آخر وبأي قضية أُخرى وسيفرط بالعقد العربي، ولن يكون هناك أي نوع من النجدة العربية ولا التجمع العربي، ولا الجامعة العربية، وكلّ هذه المسميات ستصبح بلا قيمة كما هي في واقع الأمر اليوم بلا قيمة.
وفي رده على الأثر الذي تحدثه العمليات اليمنية على إسرائيل أكّـد عبد السلام أن الأثر أعلن عنه الأمريكي والإسرائيلي، وأعلنت عنه الشركات التجارية الدولية العاملة في الملاحة البحرية، أما الأمريكي فقد أعلن عن خطورة هذه الأعمال وذهب إلى إعلان تحالف بحري جديد وحاول ولم يترك بلداً إلا وذهب ليطلب منه المشاركة في هذا التحالف البحري لحماية إسرائيل لماذا؟؛ لأَنَّه أثر تأثيراً كَبيراً على إسرائيل.
أما تأثير هذه العمليات على إسرائيل فأوضح عبد السلام أن الاقتصاد الإسرائيلي بدأ يتأثر، حَيثُ أصبحت تنقص وزاد الارتفاع في الأسعار نتيجة الحصار الذي فرضه اليمن في البحر الأحمر، وأعلنت شركات أُخرى تغيير الخط البحري نحو خط آخر، وأن ذلك يرفع التكلفة للنقل والتأمين، وأن شركات إسرائيلية تعمل في البحر الأحمر أعلنت أنها رفعت الكلفة بنسبة 400 % عن الكلفة العادية التي كانت في ظل الوضع العادي.
وواصل قائلاً: “أَيْـضاً نلمس الأثر من خلال المفاوضات معنا، وتأتينا الرسائل بأنه بالإمْكَان أن نفتح وندخل المساعدات إلى قطاع غزة استجابةً لمطالب الإخوة الأشقاء في فلسطين، وهناك دور للإخوة الأشقاء في سلطنة عمان ومحاولة للدفع في إدخَال المساعدات إلى فلسطين ومحاولة إيجاد نوع من المعالجات الإنسانية”.
وبيّن عبدُ السلام أن الموقفَ اليمني واضح وهو أنه مُستمرٌّ في الوقوف مع الإخوة الفلسطينيين في هذه المعركة الهامة حتى تحقيق النصر الكامل بإذن الله تعالى، أَو تحقيق الأهداف بإنهاء الحصار على قطاع غزة.
وبشأن تصعيد اليمن بالتزامن مع أحداث غزة أكّـد عبد السلام أن كُـلّ ما نحن نستطيع أن نعمله سنعمله، ونحن مستعدون للذهاب إلى أعلى مستوى بحسب ما تفرضه ظروف المعركة واحتياجاتها واستراتيجياتها وبالتنسيق الكامل مع الإخوة الفلسطينيين.