الأمريكي لن يوقفَنا
منتصر الجلي
ها هم وفي كُـلّ جُمعة يخرُجُ اليمنيون في حشودٍ كبيرةٍ يضمِّدون جراحَ غزة عبرَ هُتافاتِ الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، من ميدان السبعين وعواصم المحافظات، يتبعون صلاةَ جمعتهم بالبراءة والوقف في وجه الغطرسة الأمريكية، تلك الغطرسة التي تلاشت أمامَ صمود أبطال غزة وشعب فلسطين.
هكذا كانت في أَيَّـام الطوفان الأولى، وأمريكا تسعى بكل ثِقَلِها العسكري واللوجستي والسياسي في دعم كيان العدوّ، وهَـا هي الأيّام تمر وفي أَيَّـام الثمانين يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي راح ضحيتها عشرات الآلاف بما يقدر 5 % من سكان غزة أطفال ونساء.
بالعودة لليمن ودوره الريادي في معركة الكرامة، وتطورات المعركة البحرية التي أحرجت أنظمةَ المنطقة، وأربكت صَفَّ العدوِّ وأغضبت أمريكا، تلك الدولةُ التي خضعت لها رؤوسٌ وأقلام، وسيادةُ وسياسةُ بلدان العالم، يضعُها اليمنُ على حافة الطريق غيرَ آبهٍ بما تشكّله من تحالف بحري هو في حقيقته تهديد للأمن القومي لتلك الدول المشاطئة للبحر وعلى امتداد قناة السويس، ودور ذلك على قناة بن غوريون وميناء إيلات، لُعبة من الدرجة الأولى حرّكتها المقاومة اليمنية، مع بصيرة وقراءة موجزة ونافذة لما ستؤولُ إليه الأحداث.
دخل كيانَ العدوّ معركةَ الطوفان بورقةِ حماس، ليتفاجَأَ بنافذةٍ واسعةٍ من التداعيات الإقليمية أهمُّها جبهتَا الشمال لدى حزب الله، والبحر قُبالة اليمن.
أمريكا سعت وبضغوط دولية لثني القيادة اليمنية، عن موقفها الأخلاقي والإنساني، دون جدوى، خَاصَّة مع تصدع وتمزق تحالفها المزعوم على تأمين البحر الأحمر وعسكرته وتهديد الملاحة العالمية بدواعي تأمين مجرى السفن والملاحة وهي في الأَسَاس حماية السفن الإسرائيلية وما يعود إليها والوافدة إليها.
في حين خطاب سماحة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- ذلك الخطاب الأخير والذي وضع برمجةً متكاملةً لخارطة الأحداث، بدءاً بغزة وانتهاءً بالبحر، رسم ملامح المرحلة المقبلة، وحقيقة مزاعم أمريكا في تشكيل حلف بحري، والذي انضمت له عددٌ من الدول معلنة وغير معلنة، كله تفادياً للحرج والعقاب خُصُوصاً دول المنطقة.
خطابٌ بلغ تأثيرُه إلى درجة أن ألغت عددٌ من الدول مشاركتها ومنها من اعتذرت ومنها من رأت في الأمر مغامرة لا يمكن الخروج منها من مستنقع اليمن خُصُوصاً وأن اليمنيين ما زالوا ينفضون غبار تسع سنوات من الحرب الظالمة عليهم.
حفلةٌ أمريكية على مياه المنطقة العربية، لم تكتمل وأوقف دفوفها اليمن عن طريق معادلة غزة وشروط الغذاء والدواء والمساعدات، وهي التي لا تستطيعُ أمريكا أن تُحرِج بها كيان العدوّ؛ كون الأمر بالنسبة له من المستحيلات إلا من خلال شروطه.
مع ذلك التستر الذي يتصنعه العدوّ، من خلال أثر معركة البحر على واقعه الاقتصادي والسخط الداخلي، جملة من تلك الأمور التي أوجعت العدوّ في محاولات منه لإخفائها والتقليل من أهمية عمليات البحر التي تنفذُها القواتُ اليمنية، مع ظهور تقارير تشير إلى معدلات الفارق الاقتصادي بين اليوم وما كان عليه في الأمس على مستوى معدلات الميناء والمعيشة.
ضرباتٌ موجعة تردفُها قلوبُ قوم مؤمنين، مع تظافر التأييد الشعبي والزخم المليوني موضوع جعل “إسرائيل” غير مدركة أنها ستخرج من معركة الطوفان خاسرة، رغم ملايين الدولارات، وتكلفة الصواريخ والقنابل الإجرامية بحق الفلسطينيين.