غزةُ أرضُ العزِّة
فايز البتول
يقترب العدوان على غزة من شهره الثالث، هذا العدوان ليس الأول، ولن يكون الأخير؛ فما دامت فلسطين ولّادةً بالأبطال الذين باعوا أنفسهم فداءً لدينهم ودفاعاً عن أرضهم ومقدساتهم فلن يضيع حقٌ وراءه مُطالِب، وما دام أن حكام الدول العربية ما بين مُطِّبعٍ وعميل، وما بين خائفٍ يترقب، فوجود مثل هؤلاء الخانعين يطيل أمد الاحتلال ويشرعن لجرائمه..
تظل اليمنُ هي الاستثناء الوحيد قيادةً وشعباً، فموقف قائد الثورة الشجاع وتهديده لإسرائيل وداعميها من قوى الاستكبار الأمريكي الأُورُوبي، علاوةً على مواقف القيادة السياسية والعسكرية زاده قوةً وصلابة، الوقفات والمسيرات المليونية التي تخرج في كُـلّ مدن اليمن نصرةً لفلسطين وَتأييداً لقيادته وللعمليات العسكرية الجوية والبحرية..
هذا العدوان هذه المرّة هو الأكثر وحشيةً والأشد دموية من قبل المحتلّ، أعداد الشهداء تجاوز 22 ألفاً وأضعافه من الجرحى جُلُّهم من النساء والأطفال..
ثلاثة أشهر من العدوان لم تحقّق إسرائيل أيَّا من أهدافها المُعلنة فلا هي قضت على حماس، ولا هي حرّرت من تسميهم رهائن، لا يمرُّ يوم إلا ويُعلن المتحدثُ باسم الجيش الإسرائيلي مقتلَ ضباط وأفراد رغم أنّ ما خفي أعظم والأرقام أكبر.
لواء جولاني الذي يمثل النخبة ينسحب من المواجهة مع المجاهدين والسبب الضربات الموجعة التي تلقاها أمام صلابة وشراسة مجاهدي القسام وسرايا القدس.
ظهور (أبو عبيدة) بين الفينة والأُخرى وَالتصريحات والبيانات التي يصدرها تؤرق الصهاينة، إضافة إلى مقاطع الفيديوهات والمشاهد التي تستهدف الجيش الإسرائيلي وآلياته العسكرية والتي يقوم بنشرها مجاهدو حماس والجهاد الإسلامي كلها تُمثِل ُكابوساً مزعجاً للإسرائيليين ويقض مضاجعهم.
الكلفة الباهظة سواءً العسكرية أَو الاقتصادية التي يدفعها العدوّ المحتلّ الإسرائيلي جعلته يواجه انهياراً في الاقتصاد غيرَ مسبوقٍ جراء الحرب والعدوان المُستمرّ، ولا ننسى العمليات التي يقوم بها مجاهدو اليمن وأبطاله في البحر الأحمر والتي تستهدف السفن الإسرائيلية والتي أسهمت بشكل مباشر في هزّ الاقتصاد الإسرائيلي وَأصابته في مقتل.
الخنزير نتنياهو بعد أن وقع في مستنقع المواجهة وازدياد الضغوط عليه ورغم أنه هُزم ميدانيًّا وسقط أخلاقياً إلا أنه اليوم يُعلن استمرار العمليات العسكرية؛ لأَنَّه يعي جيِّدًا أن وقف الحرب دون أن يقضي على حماس ويحرّر الرهائن يعني إنهاء مستقبله السياسي كرئيس وزراء وكذلك مستقبل حزبه اليميني المتطرف أمام الناخب الإسرائيلي.
العدوان على غزة هذه المرة أثبت جليًّا أن استراتيجيات فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة المحتلّ الإسرائيلي تميزت بالتطور النوعي والتكتيك العسكري الذي أدهش العالم، بل وأيقظ ضمائرهم، وما خروج المظاهرات في عواصم العالم المطالبة بوقف الحرب، وإيصال المساعدات للفلسطينيين إلا خير دليلٍ على ذلك.
العدوان على غزة فضح أمريكا ودول أُورُوبا الكافرة التي تدعي أنها راعية السلام وَحقوق الطفل والمرأة ووضعها في مأزق الارتباك، وانفصام المواقف، وازدواجية المعايير، فدعمها وتحالفها مع الجلاد المحتلّ والغاصب ضد الضحية المظلومة والمستضعفة أحرجها أمام شعوبها وكشف زيفها.
الشعب الفلسطيني اليوم يُقدم أنموذجًا عمليًّا في التضحية والفداء، ومقاومة المحتلّ، لا يأبهون لمن خذلهم ولا يهابون من حاربهم..
نسأل الله الثبات وَالنصر لهم وَالرحمة لشهدائهم والشفاء لجرحاهم، ولا عزاء للمطبعين والمتخاذلين…