المشروعُ القرآني ودورُه في تغييرِ واقع البشرية
هاشم أحمد وجيه الدين
أمام الهجمة الأمريكية الإسرائيلية الشرسة في استهداف دول وشعوب العالم العربي والإسلامي وخُصُوصاً في العام 2001 بعد حادثة البرجين الأمريكيين المدبرة والمخطّطة بشكل دقيق لتكون ذريعة للاستهداف والسيطرة على شعوب ودول وثروات الأُمَّــة العربية والإسلامية بذريعة مكافحة الإرهاب، وأمام الموقف الرسميّ للحكومات والزعامات العربية والإسلامية التي لا تشكل أية حماية لشعوب الأُمَّــة، نهض الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- ومن واقع نظرته الإيمَـانية الثاقبة، ومن خلال استشعاره للمسؤولية الدينية والأخلاقية التي أمرنا الله بها في القرآن الكريم وأرسل بها رسوله الكريم وخاتم أنبياءه صلوات الله عليه وعلى آله.
لقد تحَرّك -رضوان الله عليه- بمشروعة القرآني في مرحلة خطيرة وحساسة وفي وقت كانت الأُمَّــة في أمس الحاجة إليه لاستنهاض الهمم لمواجهة هجمات الأعداء والدفاع عن الأرض والعرض والثروات وإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كمبادئ أَسَاسية أمر بها ديننا ونزل بها القرآن.
عندما تأمل الشهيد القائد الموقف الرسمي للحكومات والزعامات وجد أنهم إما متواطئين وانظموا مع الأعداء في تحالفاتهم تحت عنوان محاربة الإرهاب، أَو ضعفاء لا يستطيعون التصدي بمفردهم على تلك الهجمة أَو الوقوف بوجهها، لا سِـيَّـما وقد تحَرّكت أمريكا بهذه الهجمة من خلال تحالفات واسعة ودول وأنظمة كثيرة وكان حجم الاستهداف شاملاً ولا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تعدى ذلك ليشمل الجانب الثقافي والاقتصادي والسياسي والأمني وبعناوين تضليلية مخادعة.
وأمام هذا الواقع التي تعيشه الأُمَّــة والتحديات المتربصة بها وبنظرة المؤمن الواثق بالله وبوعوده الإلهية، أدرك -رضوان الله عليه- أن الرسالة الإلهية هي المشروع الوحيد القادر على تغيير واقع الأُمَّــة السيئ والمهين، فانطلق بمشروعه القرآني كمشروع ثقافي وفكري يستنهض به النفوس ويدعوا الناس إلى الله ويشدهم إلى معرفته حق المعرفة من خلال كتابه القرآن الكريم ورسوله العظيم وإلى الثقة بالله وبوعوده لأوليائه المؤمنين المتقين بالنصر والعون والتأييد إذَا ما تحَرّكوا وفق توجيهاته وتعليماته ولإعلاء كلمته والجهاد في سبيله دفاعاً عن المستضعفين.
إن المشروع القرآني المبارك يعتبر الجهاد ضد العدوّ الصهيوني، وضد الهيمنة الأمريكية، مرتكزاً أَسَاسياً، وعاملاً مهماً في نهضة الأُمَّــة، وتغيير واقعها، وذلك من خلال الرؤية القرآنية، التي ترتقي بالأمة في وعيها، وتربي الأُمَّــة على الإحساس بالمسؤولية، وتحيي الروح الجهادية، وتنتقل بالأمة، من حالة الجمود، وتلقي الضربات، إلى موقع الفاعلية، والموقف، والعمل، والتحَرّك الجاد في كُـلّ المجالات، بوعيٍ ورشاد، وقد تنبه العدوّ إلى خطورة هذا المشروع العظيم فاتجه لمحاربته بغية استئصاله ووأده في مهده وحرك الجيوش آنذاك لمواجهته واستخدم كُـلّ وسائل التضليل والخداع لتشويهه لكن دون جدوى.
لقد هب أنصار هذا المشروع العظيم للدفاع عنه وقدموا أرواحهم وأموالهم وأولادهم في سبيل الله، وفي سبيل استمرار هذا النور في إضاءة الطريق للأجيال، وقدم القائد المؤسّس لهذا المشروع دمه الطاهر الشريف ودماء إخوانه وأولاده ورفاقه -رضوان الله عليهم أجمعين- قرباناً لله وفي سبيله ونصرةً لدينه.
وبالرغم من كُـلّ المؤامرات والحروب الشاملة التي اعترضت طريق هذا المشروع القرآني العظيم منذ العام 2004 وحتى هذه اللحظة إلا أنها لم تتمكّن من إيقافه أَو التأثير عليه والحد من انتشاره المتسارع بل على العكس زادته انتشاراً وتعاظمت قوته وازداد تأثيره وكثر أنصاره ومؤيديه؛ لأَنَّ مشروع القرآن ينطلق على أَسَاس جاذبية القرآن فهو كلام الله “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا”، ولأن قيادته من آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، أمان الأمة ونور الظلمة من تمسك بهم نجا ومن تخلف عنهم غرق وهوى.
لقد توفر لهذا المشروع كُـلّ مقومات النجاح والنهوض والتغيير في الواقع، من القائد إلى المنهج إلى الأُمَّــة، وها هو هذا المشروع اليوم وبعد قرابة العشرين عاماً من الجهاد والكفاح والتضحيات والصبر العملي يتعاظم ويخرج منتصراً وأقوى مما كان عليه من قبل، ويهزم بقوة الله وفضله وتأييده ورعايته كُـلّ مؤامرات الباطل وتحالفاته، وها هو اليوم يناصر قضايا الأُمَّــة المركزية ويناصر المستضعفين في فلسطين وغزة ويقف في مواجهة الاستكبار والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وجهاً لوجه في الوقت الذي صمتت وتواطأت فيه غالبية الدول العربية والإسلامية.
وأمام جرائم الإبادة الجماعية الأمريكية والإسرائيلية بحق أهلنا وإخواننا المسلمين في غزة، هَـا هو المشروع القرآني اليوم يقدم النموذج الراقي العظيم في قيم العدالة والحرية والعزة والكرامة ليثبت للبشرية أن العودة الصادقة للقرآن والرسالة السماوية وما جاء به الرسول الخاتم -صلوات الله عليه وعلى آله- بكل جد وصدق وإخلاص، هي الضمانة الوحيدة لتغيير واقع البشرية بكلها لتنعم بالعدل والأمن والسلام.