جنت على نفسها أمريكا
علي الخولاني
عندما تحَرّكت القوات المسلحة اليمنية لمساندة إخواننا في قطاع غزه في مواجهة الصلف الصهيوني الذي فرض حصاراً مطبقاً على القطاع، كان مطلبها واضحًا وبسيطاً وهو: “منع السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى إسرائيل من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي حتى إدخَال ما يحتاجه قطاع غزة من غذاء ودواء”. وهذا ليس مطلباً تعجيزياً، ولا مطلباً خارجاً عن قانون مجلس الأمن الدولي المزعوم.
فمهمةُ حماية المدنيين أثناء اشتعال الحروب بين الدول، وتوفير ما يحتاجونه من متطلبات الحياة الإنسانية الضرورية من ماء وغذاء ودواء، هي مهمة تقع على عاتق مجلس الأمن الدولي لو كان يعملُ بشفافية وينفذ قوانينه التي يتشدق بها. لكن مجلس الأمن يعمل بازدواجيه المعايير، وفقاً لما تريده الولايات المتحدة الأمريكية؛ باعتبارها هي المسيطرةَ على قرارات وتوجّـهات هذا المجلس الوهمي المنحط.
فالقواتُ المسلحةُ اليمنيةُ قامت بالمسؤوليةِ التي يجبُ على مجلسِ الأمن الدولي القيام بها، وفرضت حصاراً على الكيان الصهيوني مقابل الحصار الذي يفرضه على قطاع غزة. لكن ذلك أغاظ الشيطان الأكبر (أمريكا) فعملت على تشكيل حلف دولي لحماية السفن الإسرائيلية من نيران القوات المسلحة اليمنية بدلاً من العمل على فك الحصار على قطاع غزة، وإدخَال الغذاء والدواء لأبناء غزة؛ وهذا العمل يكشف للعالم أجمع أن أمريكا هي من تقود العدوان الصهيوني على أبناء غزة، وأن الإبادة الجماعية لأبناء غزة هي إرادَة أمريكية بالدرجة الأولى.
وبعدَ تحذيراتِ قائد الثورة اليمنية – في خطابه الأخير – للعدو الأمريكي من مغبة التورط في الاعتداء على الشعب اليمني، وأن ذلك سيؤدي إلى أن تكون المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والملاحة الأمريكية في البحر الأحمر والبحر العربي هدفاً مشروعاً لصواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية وعملياتها العسكرية؛ أقدم العدوُّ الأمريكي وحلفُه في يومنا هذا (الأحد، 31-12-2023م) على استهداف ثلاثة زوارق تابعة للقوات البحرية اليمنية، أثناء أدائهم لواجبهم الإيماني في تأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر، نتج عن ذلك الاستهداف استشهاد عشرة من أبناء القوات البحرية كانوا على متن الزوارق المستهدفة. وبهذا يكون العدوّ الأمريكي قد تورط بشكل واضح في حرب مفتوحة مع الشعب اليمني وقواته المسلحة، وفتح على نفسة باب جهنم، وجنى على نفسه، وعلى مصالحِه بشكل عام. والرد اليمني على غطرسة العدوّ الأمريكي واعتدائه على القوات البحرية اليمنية سيكون مزلزلاً بإذن الله، وسيكون بشكل لم يكن يتوقعه ولم يخطر له على بال.
وبما أن العدوّ الأمريكي هو من بدأ هذه المعركة فَــإنَّ نهايتها بيد اليمنيين (جيشاً وشعباً) وحدَهم. فـ الأمريكي من المفترض به أن يكون قد أخذ العبرة والعضة من حربه التي شنها على اليمن بواسطة أدواته في المنطقة لمدة ثماني سنوات ولم يحقّق خلالها سوى الهزائم والفشل الذريع. لكنه وللأسف الشديد مثقلٌ بجرائم الإبادة الجماعية للأبرياء في أفغانستان والعراق، وليبيا وسوريا، واليمن وفلسطين، والكثير من دول العالم التي عاث فيها الفساد. وقد ساقته ذنوبه إلى سواحل اليمن، واختار الله اليمن لأن يقتص لكل المظلومين من هذا الظالم المتغطرس.
ويكفينا شرفاً أن نكون نحن اليمنيين من يجتث الشيطان الأكبر من الوجود، ونحظى بشرفِ إنقاذ المستضعفين وتخليص البشرية جمعاء من شره وظلمه وطغيانه وإلى الأبد بإذن الله. وصدق الله القائل في كتابه الكريم (وَلَـمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْـمِهِ فَأُولئك مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِـمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). صدق الله العظيم.