أسبابُ نصرنا وعواملُ هزيمة أعدائنا
د. شعفل علي عمير
هناك خَطَّان متوازيان لا يلتقيان أبداً، ولا يتقاطعان في نقطة، هما: خَطَّا الحق والباطل، خط الحق الذي رسمه الله حتى يسير عليه أولياؤه الذين يقومون بنصرة الحق، من يقفون مع المظلومين؛ لكبح الظالمين ونُصرة المستضعفين، وخط الباطل ذلك المسار الذي رسمه الشيطان لأوليائه، ومن خلال قراءة الواقع الذي نعيشه نجد بأن خَطَّي الحق والباطل قد أصبحا واضحَينِ وضوحَ الشمس، وأن التمييز بينهما أكثر وضوحاً كما وضوح الأبيض من الأسود، وأن أنصار كُـلٍّ من مسارَي الحق والباطل قد فرزت الأطراف التي تقف مع الحق أَو مع الباطل، ومن يقفْ متأملاً يجدْ الفرقَ الشاسع والفجوة الكبيرة التي تفصل أهدافَ كُـلّ مسار وتُشخّص شخوصها؛ فيتضح جليًّا أن الله قد فرض على الإنسان في حياته العديدَ من المِحن وترك له حُرّيةَ الاختيار، قال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)؛ فقد ترك الله لعباده الاختيارَ بعد أن بيّن في كتابه الكريم طريق الحق وطريق الباطل؛ ولأننا نقف مع المظلومين فإيمانُنا ويقيننا بنصر الله نابعٌ من ثقتنا بوعد الله -سبحانه وتعالى- الذي يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، فمن نصر عباد الله وقاتل أعداء الله المستكبرين، فَــإنَّ الله قد وعدهم بالنصر والتمكين.
وبعيدًا عن المعايير المادية التي يعمل المتخاذلون لها ألفَ حساب بعكس الواثقين بالله، المؤمنين بأن الله هو القادر على كُـلّ شيء، فليس للجانب المادي أي حساب لديهم بقدر المعايير الإيمَـانية المرتبطة بالجانب الروحي، فَــإنَّ خوفَ المؤمنين من وعيد الله وعقابه أكبرُ من خوفهم من أية قوة على وجه الأرض.
هناك فرقٌ بين من ينصر المستضعفين ويؤيد الحق، وبين من يقتلهم ويؤيد الباطل؛ لذلك فحين نقف مع الحق فَــإنَّ الإنسان مهما كان دينُه أَو جنسيتُه يجد نفسَه متعاطفاً مع من أهل الحق بفطرته الإنسانية، وقد شاهدنا في الكثير من الدول التي تدعمُ أنظمتها الكيان الصهيوني خروجَ الكثير من شعوبها في مظاهرات تطالب أنظمتها بالضغط على الكيان الصهيوني؛ لوقف حربه الهمجية والإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، في حين لا نجد هذا الخروج الجماهيري في معظم البلدان العربية والإسلامية مع الأسف؛ لأَنَّهم ربطوا استجابتَهم لنصرة الحق بإرادَة حكامهم، وليس بما يريده الله منهم أَو تملي عليهم ضمائرُهم؛ فأصبحوا عبيدًا لحكامهم وليس عُبّاداً لله -سبحانه-.
قد نختلف، قد نوجه سلاحنا على بعضنا، ولكن في الأخير هناك قضايا مشتركة وعدوٌّ مشترك نراه يتربَّصُ بنا جميعاً، يسيءُ لديننا، يقتلُ إخواننا المسلمين، يُدنِّسُ مُقدساتنا، هذه ثوابت يجب أن نتفقَ عليها؛ فلا يلغي الثوابتَ الدينية والوطنية إلَّا قومٌ وصل بهم الضلالُ والبُغضُ لدرجة التخلي عن الدين والوطن.