جند الله

د. فؤاد عبد الوهاب الشامي

ليس للزمان أو المكان دور في ظهور جند الله، فهم يظهرون في ظل منهج قرآني وقيادة ربانية وأمّة تؤمن بالله وتثق به، ففي عهد الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان جند الله ينفذون أوامر الرسول ولا يهابون في ذلك أحداً الا الله، ففي غزوة بدر عندما أذن الله لهم بالقتال لم يعملوا أي حساب لا للعدد ولا للعدة، فقد كانت قريش أكثر منهم عدداً وأكثر منهم عدة في السلاح والخيل والجمال.

ومع ذلك فقد نفذ جند الله الأمر، وقاتلوا المشركين، وانتصروا عليهم، وعندما بدأ الاسلام في الخروج من الجزيرة العربية كان من يقف أمام دعوة الاسلام أكبر إمبراطوريتين في ذلك الزمان فارس والروم، بكل الامكانيات العسكرية التي تملكها، ولم يعق جند الله ذلك، فقد توكلوا على الله ووجهوا جنود الفرس والروم وتمكنوا من القضاء على إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم، بالرغم من قلة عددهم ومحدودية خبرتهم العسكرية وعدم امتلاكهم أسلحة توازي أسلحة أعدائهم.

ونرى المشهد يتكرر في ظل المسيرة القرآنية، فبعد أن توفر المنهج والقيادة والأمّة، خاض جند الله الحروب الست مع السلطة متوكلين على الله ومسلحين بسلاح الإيمان ودون مراعاة لفارق العدد أو فارق العدة، وقد بدأوا حروبهم بسلاحهم الشخصي، ولكنهم تمكنوا من تحقيق انتصارات كبيرة نقلتهم من جبال مران حتى وصلوا إلى العاصمة صنعاء، وكان جند الله مؤمنين بأن النصر الذي تحقق لم يأت بفضل قدراتهم العسكرية ولكنه كان من عند الله.

وما حدث خلال العدوان الدولي على اليمن يؤكد هذه الحقيقة، فقد انتقل جند الله خلال هذه المرحلة من مواجهة جيش واحد هو جيش السلطة إلى مواجهة جيوش عديدة بكل امكانياتها العسكرية والاستخبارية واللوجستية، ولكن كلّ ذلك لم يؤثر عليهم فقد توكلوا على الله، ونفذوا أوامر القيادة وتمكنوا من تحقيق انتصارات لم يستوعبها الأعداء إلى اليوم في معركة نصر من الله، والبنيان المرصوص وغيرها، ونجحوا في ظل الحرب والحصار من صناعة أسلحة استراتيجية جعلت من اليمن رقماً صعباً في المنطقة يصعب تجاوزه.

واليوم يخوض جند الله معركة خارج الحدود، وفي البحر دعماً وإسناداً لإخواننا في فلسطين، منطلقين من المبدأ الديني والأخلاقي لإغاثة المظلومين، ولن يتوانى جند الله في خوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس أمام أمريكا وحلفائها دفاعاً عن النفس وعن الدين، معتمدين على الله ومؤمنين بنصره لعباده.