لهذا كان الشهيد القائد اسثنائيا!
إبراهيم السراجي
في الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي التي تأتي هذا العام في ظل أكثر من عام على العدوان السعودي الأمريكي على اليمن يمكن القول إن الرجل أسهم بشكل فاعل ومبكر في مساعدة اليمنيين على مواجهة هذا العدوان نظراً لما تركه الرجل من إرث ثوري وإيماني ورؤية ثاقبة أثبتت لليمنيين أن العدوان كان مخططاً ووضع منذ مدة طويلة ضمن استهداف الأمة العربية والإسلامية ولم يكن حالة طارئة فرضتها ظروف المرحلة السياسية.
ولتفسير الحالة الاستثنائية التي يمثلها الشهيد القائد يمكن القول أنه لو كان الرجل عالماً وفقيهاً في دينه فقط لقال البعض ان اليمن مليئة بأهل العلم والفقه، ولو كان مجرد رجل قال (لا) في زمن كان الجميع يقولون فيه (نعم) خوفاً من بطش السلطة لقال البعض ان التاريخ اليمني حافل بالرجال الشجعان الذين صرخوا في وجه الظلم والطغاة، وكذلك لو كان الرجل بارعاً في السياسة وحكيماً في اتخاذ المواقف السياسية كما فعل في حرب94 لقلنا وقال كثيرون أن هناك الكثير من الساسة الذين اثبتت الأيام حكمة مواقفهم، وأيضا لو كان الرجل مفكراً استطاع قراءة الحاضر واستنتاج المستقبل وأخطاره وواجبات الاستعداد له فإن كثيرين أيضا سيقولون أن التاريخ يحفل بهؤلاء الرجال، لكن الشهيد القائد كان كل ذلك وحمل كل تلك الصفات وإلى جانب ذلك فإن تلك الصفات أضاف إليها قدرة كبيرة على إلهام الناس واقناعهم ليس على مستوى الرضا بما يقوله فقط بل والتحرك الجاد والمسؤول للحد الذي وصل إليه اليوم متجاوزاً التأثير الداخلي إلى الأمة كلها.
جاء الشهيد القائد وظهر على الناس يحملاً مشروعاً عملياً في زمن كانت تعاني الأمة الإسلامية والعربية من الركود والخمول يوضح ذلك نشوء الكيان الصهيوني واستمرار توسعه على مدى العقود الماضية في قلب الأمة العربية دون أن تتمكن الشعوب العربية من تغيير ذلك الواقع والشروع في مشروع عملي ينتصر للقضية الفلسطينية ولا يكتفي بالاعتراف بعدالتها، وقد كان الشهيد القائد يعي أن المرض الذي ضرب الأمة العربية والإسلامية مهما تفرعت وتعددت أسبابه إلا أن كل الأحداث السياسية والحروب التي شهدتها المنطقة ما كانت لتكون لولا بقاء الكيان الصهيوني وبقاء الأراضي العربية تحت الاحتلال، فمشاريع الاستعمار والهيمنة الأمريكية التي انعكست على مشاريع الفتنة الطائفة والتقسيم وتفتيت أرض العرب كانت كلها حصيلة مخطط أمريكي يسعى لجعل إسرائيل القوة المهيمنة الوحيدة في المنطقة ويضمن توسعه ولذلك تمسك الشهيد القائد بالقضية الأساس وهي قضية فلسطين باعتبارها قضية القضايا.
لقد ركز الشهيد القائد في مشروعه على إحياء الأمة في كل جوانب الحياة ولا عجب إذا رأينا أن ما تركه من إرث فكري وإيماني يركز بشكل أساسي على إحياء القيم والمبادئ بكل أنواعها وجوانبها وهذا الإحياء خطوة تكتمل بالتحرك فلا قيمة للمعرفة دون أن تكون واقعاً ولا قيمة للوعي دون أن يطبّق بخطوات على الأرض.
لا يمكن لمقالة أو مقدمة ما أن تشمل كل ما تركه الشهيد القائد للأمة، وإذا كانت مهمة الاطلاع على فكر هذا الرجل وقراءته او الاستماع لما تركه من فكر مسموع أو مرئي يحتاج لوقت طويل يقودنا إلى سؤال: كيف استطاع هذا الرجل ان يحول كل ذلك إلى واقع ملموس يتسع ليتجاوز البلد وينفذ إلى الأمة؟ والإجابة المنصفة على هذا السؤال إذا ما تمكن أحدنا من كتابتها فإنها ستكون هي التفسير الحقيقي الذي يوضح لماذا كان هذا الرجل استثنائياً في تاريخ الأمة.