تقاريرُ غربية: الضرباتُ الأمريكيةُ والبريطانية ليس لها تأثيرٌ على قدرات صنعاء
سقوط سريع ومبكر لحسابات ومعادلات واشنطن ولندن:
“نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين: من الصعب تحديد أهداف في اليمن
“الغارديان”: القوات اليمنية ليست جيشاً كلاسيكياً وقد أمضت سنوات في قتال السعوديّين
المسيرة | متابعة خَاصَّة
على الرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تصويرَ عدوانهما على اليمن كضربة كبيرة للقدرات اليمنية ومؤثرة على مسار الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني، فَــإنَّ هذه الصورة المزيَّفة لم تبد قابلة للتسويق، وقد بدأت تتلاشى بسرعةِ؛ بفعل حقيقة الوضع على الميدان، والذي يؤكّـد أنّ القوات المسلحة اليمنية قادرة على مواجهة ما هو أكبر بكثير من الضربات الأمريكية البريطانية الأخيرة، وأنّ الحسابات التي يعتمد عليها الأمريكيون والبريطانيون في عدوانهم، قد أثبتت بالفعل فشلها في اليمن خلال أكثر من تسع سنوات؛ لأَنَّهم هم من كانوا يديرون عمليات العدوان السعوديّ الإماراتي.
في تقرير حول الضربات العدوانية على اليمن، نقلت صحيفةُ “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين قولهم: إنّ العثور على أهداف للقوات المسلحة اليمنية اتضح أنه “أكثر صعوبة مما كان متوقَّعاً”، متذرِّعين بأنّ “المخابرات الأمريكية والغربية الأُخرى لم تنفق وقتًا أَو مواردَ كبيرةً في السنوات الأخيرة لجمع بيانات حول موقع الدفاعات الجوية ومراكز القيادة ومستودعات الذخيرة ومرافق التخزين والإنتاج للطائرات بدون طيار والصواريخ”.
هذه التصريحاتُ تأتي بعدَ الكثيرِ من التقارير التي سرَّبتها الحكومتان الأمريكية والبريطانية خلال الأيّام الماضية حول وجود خطط مسبقة لاستهداف اليمن وضرب القدرات اليمنية، وهو ما يعني أنّ هذه الخطط كانت كلها مبنية على حسابات خاطئة تماماً مثل قرار شن العدوان على اليمن نفسه، وهو ما ينطبق بدوره على حجّـة عدم إنفاق موارد كبيرة على جمع معلومات استخباراتية حول اليمن، فالولايات المتحدة وبريطانيا انخرطتا بشكل قيادي ومباشر في الحرب السعوديّة الإماراتية الإجرامية على اليمن طيلة أكثر من تسع سنوات، وهناك أكوام من التقارير والتحقيقات والاعترافات التي أكّـدت بشكل واضح على أنّ الأمريكيين والبريطانيين كانوا هم من يتولى تحديد الأهداف وجمع المعلومات الاستخباراتية إلى جانب التزويد بالسلاح والصيانة وتشغيل المقاتلات.
والحقيقة أنّ الكثيرَ من المناطق التي استهدفها الاعتداء الأمريكي البريطاني الأخير قد تم استهدافها سابقًا عدة مرات خلال السنوات الماضية، وهو ما يؤكّـد بوضوح على أنّ المسألة لم تختلف كَثيراً ولا تتعلق بإنفاق المزيد من الموارد على جمع المعلومات بل بصعوبة المهمة نفسها.
وللدلالة على ذلك فَــإنَّ الضربة التي نفذها العدوّ الأمريكي على قاعدة الديلمي فجر السبت، كانت هي أَيْـضاً وباعتراف “مسؤول كبير” بوزارة الحرب الأمريكية تحدث لـ “نيويورك تايمز”، كانت “هجوماً معاداً على هدف تم ضربه في الهجوم السابق” بحسب ما نقلت الصحيفة؛ وهو ما يعني أنّ الأمريكيين لا يعرفون ما إذَا كانت هجماتهم تحقّق أهدافها أم لا، وبالتالي لا يعرفون بالضبط طبيعة تلك الأهداف.
هذا أَيْـضاً ما أوضحه المسؤولون الذين تحدثوا لـ “نيويورك تايمز” والذين أكّـدوا أنّ قدرات صنعاء لا زالت سليمة وأن منصات الإطلاق في اليمن يمكن نقلها وإخفاؤها بسهولة؛ وهو ما يعني بوضوح أنّ الأمريكيين والبريطانيين كالعُمْي أمام قدرة القوات المسلحة على التكيف مع كُـلّ الظروف واستعدادها المسبق لمختلف أوضاع الحرب التي لم تتوقف أصلاً منذ تسع سنوات حتى يتغير الوضع وتتوفر أية ثغرات لم تكن موجودة في السابق.
وفي هذا السياق أَيْـضاً تقولُ صحيفة “الغارديان” البريطانية: إنّ الهجوم على اليمن جاء مفتقراً إلى “عنصر المفاجأة”؛ لأَنَّ القوات المسلحة اليمنية -وبحسب تعبير الصحيفة- “ليست جيشاً كلاسيكياً بقواعدَ عسكرية ثابتة، بل تغير قواعدها، وقد أمضت سنوات في قتال السعوديّين.. وأصبح لديها الآن القدرة والخبرة اللازمة لتصنيع طائرات بدون طيار داخل البلاد”.
وتطرح العديد من وسائل الإعلام الأجنبية الأُخرى مثل “وول ستريت جورنال” و”رويترز” افتراضات تقول: إنّ الاعتداء الأمريكي البريطاني على اليمن يمنح اليمنيين “ما يريدونه بالضبط وهو القتال المباشر معهما”، الأمر الذي يجعل مبدأ “الردع” الذي حاولت واشنطن ولندن إرساءه من خلال الاعتداء، غير موجود أصلاً، بل إنه كان في الحقيقة أشبه بـ”فخ” وهو ما يعني بالضرورة أنّ كُـلّ الحسابات التي يعتمد عليها هذا الاعتداء خاطئة، وبالتالي فَــإنَّ النتائج العكسية المفاجئة واردة بشكل كبير.
وتعكسُ هذه التناولاتُ من وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أنّ هشاشةَ التحَرُّك العدائي ضد اليمن واضحةٌ منذ البداية وبشكل جلي للجميع، حتى مع وجود الحملة الدعائية المكثّـفة لتهويل هذا التحَرّك وتضخيمه، وهو ما يعني بوضوح أنّ احتمالات فشل هذا التحَرّك وارتداده بنتائجَ عكسيةٍ هي الأكثر حُضُوراً في المشهد.