ما هي الأهداف الأمريكية من وراء عدوانها الجديد على اليمن

 

محمد علي الحريشي

العدوان الأمريكي على اليمن ليس بجديد فهو موجود من شهر مارس عام 2015، أمريكا هي التي أدارت تحالف العدوان على الشعب اليمني، سلاحها هو الذي قتل عشرات الآلاف من اليمنيين ودمّـر المدن والأسواق والبنى التحتية وصالات العزاء والأعراس، هي من فرضت الحصار الاقتصادي على اليمن ودمّـرت اقتصاده وتآمرت على نقل البنك المركزي من صنعاء، وهي من هدّدت بجعل العملة اليمنية لا تساوي الحبر الذي مكتوب على جانبيها، لم يفاجأ اليمنيون بالعدوان الأمريكي الجديد.

لم يحدث العدوان الأمريكي الأثر النفسي على الشعب اليمني الذي خططت له الإدارة الأمريكية، ولم يحدث النتائج التي توقعوها في تغيير المواقف اليمنية لمناصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، كُـلّ ذلك لم يحدث ولن يحدث، العدوان الأمريكي الجديد لم يترك أي أثر سلبي في الحياة اليومية لليمنيين؛ لأَنَّهم عايشوا العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني السعوديّ الإماراتي ومعهم 13 دولة، عايشوه على مدى 7 سنوات حرب متواصلة ليلاً ونهاراً، كانت الطائرات الحربية الأمريكية تمخر سماء المدن والقرى اليمنية على مدار الساعة بدون توقف، لقد أَلِفَ اليمنيون حنينَ الطائرات وأصوات الانفجارات وتعايشوا معها، لقد وصل الحال باليمنيين أنهم يشعرون بالضجر والملل إذَا مر عليهم مساء بدون أن يسمعوا حنين الطائرات الحربية ولا أصوات الانفجارات، العدوان الأمريكي الجديد عبر عنه عصر يوم الجمعة، السيد محمد علي الحوثي -عضو المجلس السياسي الأعلى- خلال كلمته التي ألقاها أمام المسيرة المليونية الحاشدة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء عندما قال: «قصفكم لن يخيفنا لقد إعتاد عليه الشعب اليمني، ليس فيه جديد، الطائرات التي أغارت والقنابل التي قصفت هي نفسها التي عرفها شعبنا طيلة سبع سنوات».

أمريكا ومعها بريطانيا يهدفون من وراء العدوان على اليمن على رفع معنويات الجيش والحكومة والشعب الصهيوني الذين يواجهون الهزيمة والفشل، ويواجهون الانهيارات العسكرية والاقتصادية، يهدفون أَيْـضاً إلى إظهار أنهما قوى عظمى يفرضون إرادتهما بقوة السلاح، هدف آخر ترسله أمريكا؛ لأنظمة الدول الخليجية والعربية التي لم تنخرط في عملية «حارس الازدهار»، تطمئنهم فيه أنها ما زالت قوية وتوفر لعروشهم الحماية وما عليهم إلَّا الانخراط في عملية «حارس الازدهار» ومواصلة دعمهم للكيان الصهيوني، وتمويل أي تحالف تقوده أمريكا، حتى تستمر البقرة الحلوب الخليجية «السعوديّة والإمارات» يمتصها الأمريكي، العدوان الأمريكي الجديد على اليمن هو هروب من واقع الهزيمة التي تحل بكيان الاحتلال الصهيوني، بعد أن حاصرته قوى المقاومة وشدت عليه الخناق بعد مضي (100) يوم من بداية “طُـوفان الأقصى” لم يستطع الجيش الصهيوني ومن خلفه جيوش التحالف الغربي الصليبي بكل ما أوتوا من قوة من تحقيق أي هدف من أهدافهم المعلنة في إنهاء المقاومة الفلسطينية واستئصال شأفتها من أرض فلسطين، العدوان الأمريكي الجديد على اليمن الهدف منه إنقاذ الجيش الصهيوني من أوحال غزة، حاولت أمريكا خلال الأسبوع الماضي إخراج الجيش الصهيوني وحكومته من مأزق الهزيمة ورفع معنوياتهم بتنفيذ عمليات اغتيالات طالت قيادات رفيعة في الحرس الثوري الإيراني وقيادات في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس»، لكن تلك الاغتيالات لم تحقّق الأهداف المرجوة، بل زادت الضغط على كيان العدوّ المحتلّ باشتعال جبهة جنوب لبنان وما شهدته الحكومة العراقية من حراك ديبلوماسي وشعبي للمطالبة بإنهاء الوجود الأمريكي العسكري من العراق، ذلك الفشل الذي واجهته أمريكا وكيانها المحتلّ، هو الذي حرك الإدارة الأمريكية لمد حبل النجاة لكيانها المدلل وذلك بإرسال وزير خارجيتها الأمريكي اليهودي «بلينكن» إلى الشرق الأوسط لتسويق مخطّط قصف اليمن، الذي ختمته بطرح قرار في مجلس الأمن تدين من خلاله اليمن بدعوى مضللة وكاذبة وهو تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، استعجلت الإدارة الأمريكية في العدوان على اليمن وهي تسابق الزمن لإنقاذ حكومة وجيش الكيان الصهيوني المحتلّ من واقع الهزيمة التي يتجرعها في أربع جبهات، وهي جبهة غزة التي استنزفت جيشه وجبهة جنوب لبنان التي تشكل الهزيمة الكبرى التي تنتظر الجيش والحكومة والوجود الصهيوني في فلسطين وجبهة البحر الأحمر التي شلت اقتصاده وعطلت أهم موانئه وجبهة العراق التي تهدّد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، هذه المسارات الأربع التي سببت الهزيمة لجيش الكيان الصهيوني المحتلّ، وبالتالي هزيمة محور الشر والطغيان أمريكا وتحالفها الغربي الصليبي.

أرادت أمريكا تحقيق اختراق في المسار الثالث وهو مسار البحر الأحمر الذي يشكل التهديد المؤثر على سير الصراع الصهيوني مع قوى محور المقاومة، لكن هيهات لأمريكا تحقيق أحلامها في تركيع اليمن وإنقاذ الاقتصاد الصهيوني من السقوط الحتمي فلن تتحقّق الأهداف الأمريكية ولن تتراجع اليمن عن مواقفها الثابتة الداعمة للشعب الفلسطيني، هذا ما عبرت عنه الحشود الهادرة من الشعب اليمني الذين خرجوا عصر الجمعة، بالملايين في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وفي عواصم المحافظات اليمنية، لن تحقّق الضربات العسكرية الأمريكية البريطانية على اليمن أهدافها ولن تحدث تأثيراً على المواقف اليمنية، بل سوف تتضرر أمريكا ومن يدور في فلكها، هذا ما سوف تفصح عنه الأيّام القادمة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com