قراءةٌ في القرارات المتوقعة من محكمة العدل الدولية تجاه الكيان الصهيوني

 

يحيى صلاح الدين

تعتبر محكمة العدل الدولية أعلى هيئــة قضائية في الأمم المتحدة، وقد أزعج الكيان الصهيوني تقديم دعوى ضده واتّهامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، شكل ذلك ضربة قوية لمكانة إسرائيل لدى الرأي العام الغربي وأزعجت الحلفاء الدوليين للكيان.

بيان الاتّهام والدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا:

قدم فريق الدفاع الجنوب إفريقي الذي ضــم خــبراءَ في القانون الدولي برئاســة المحاميــة من أصول يمنيــة عديلة هاشــم محمد المشرقــي، مرافعات مشــفوعة بالأدلة، أكّـدت أن الهجــوم الجوي والــبري الإسرائيلي دمّـر مســاحات واســعة من القطاع الســاحلي الضيق وقتلت الآلاف من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال.

وطلب الفريق القانوني من المحكمة الذي استند إلى نص المادة 41 من النظام الأَسَاسي لمحكمة العدل الدولية التي تنص على أنه: “يكون للمحكمة ســلطة أن تبني، إذَا رأت أن الظروف تتطلّب ذلك، أي تدابير مؤقتة ينبغي اتِّخاذهــا للحفاظ على الحقوق الخَاصَّة بأيٍّ مــن الطرفين، ريثمــا يتم اتِّخاذ القرار النهائــي يجب على الفور إبلاغ الأطراف ومجلس الأمن بالتدابير المقترحة” باعتبار أن إسرائيل تقوم بارتكاب “أعمال إبادة” بحق الفلسطينيين في غزة من خلال قيامها بأفعال محدّدة تصنف كجرائم إبادة وفق اتّفاقيــة منع جرائم الإبادة، والتي تعرف هذه الجرائم بأنها “أفعال مرتكبة على قصد التدمير الكلي أَو الجزئي لجماعة قومية أَو عرقية أَو عنصرية أَو دينية”.

وتضمنــت الدعــوى التي اســتندت إلى الاتّفاقيــة الموقعة في العــام 1948م أربع تهــم يتصدرها ارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية، بقتل أكثر من 23 ألف فلســطيني، والتســبب في ضرر جســدي أَو عقــلي خطير لعــدد كبير من ســكان قطاع غزة ناهز 50 ألف فلسطيني بما خلفته من معاناة إنسانية طاولت مئات الآلاف من سكان القطاع.

واتهمــت الدعوى المؤلفة من 84 صفحة إسرائيل بالتعمد في إخضاع الأفراد لأوضاع معيشــية تدمّـرهم كليًّا أَو جزئياً، وهــي التهمة التي تم توثيقها بإعلان مســؤولين إسرائيليين منــع الطعام والمــاء والإمدَادات الطبية والوقود عن ســكان القطــاع والدعــوة لتحويل غزة إلى معســكر اعتقال، فضلاً عن فرض حكومة الكيان تدابير لمنع الولادات وتدمير المشافي وقتل الأطباء واســتهدفت سيارات الإسعاف بشكل متعمد.

الرد الإسرائيلي الضعيف:

مقابل التهم والأدلــة المقدمة من جنوب إفريقيا حاول فريق الدفاع الإسرائيلي هدم الأركان التي تقوم عليها دعوى جرائــم الإبادة، متخذاً الخطوات التالية:

1- إنكار أن الجيش لم ينتهك القوانين الإنسانية وقوانين الحرب وأن تحقيقاً إسرائيلياً ســيجري للتحقيــق في هــذه الادِّعاءات.

2- إنكار توفر عنصر القصد الجنائي (توفر النية) نافيــاً أن يكون لــدى الجيش الإسرائيلي أي نيات لتنفيذ جرائم إبادة جماعية، أَو احتلال غزة بشكل دائم أَو تهجير سكانها المدنيين.

3- طلب رفض الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا.

4- طلب رفض طلب جنوب إفريقيا بوقف الحرب كون ذلك سيمنعها من الدفاع عن النفس.

وطعنت بالأسباب الشكلية للدعوى لعدم توفر شروطها، مدعية بأنه لا يوجد بين إسرائيل وجنوب إفريقيا أي نزاع مسبق لهذه القضية، وهذا سببٌ كافٍ لرفض الدعوى بناءً على رأي الكيان الصهيوني.

الخيارات المطروحة أمام المحكمة هو كالآتي:

1- إدانة إسرائيل بارتكابها جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وفي هذه الحالة تصدر قرارًا أوليًّا بإيقاف الحرب كتدبير احترازي لحماية حياة الفلسطينيين ومنع وقوع جرائم الإبادة بحقهم إلى حين إصدار القرار النهائي فيما بعد.

2- أن تنصاع لضغوط أمريكا والدول الحليفة للكيان وتصدر قرارها بعدم اختصاص المحكمة في النظر في هذه القضية.

خيارات أمريكا أمام أي قرار صادر من المحكمة:

1- استغلال الحكم بوقف الحرب ليشكل مخرجًا للكيان الصهيوني للخروج من ورطته في غزة.

2- استخدام حق الفيتو وبالتالي تعطيل تنفيذ حكم المحكمة؛ لأَنَّه لا بُـدَّ من عرضه على مجلس الأمن لتنفيذه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com