وفي الأخير أتَوا بأنفسهم
إخلاص عبود
منذ أن انطلقت تلك الصرخة الصادقة، من الأفواه المخلصة والقلوب المؤمنة، أثرت وأنتجت، وصنعت رجالاً مؤمنين، أشداء على الكفار رحماء بينهم، عاهدوا الله على نصرة فلسطين، فصرخت أمريكا مع اللوبي الصهيوني، إن هؤلاء لنا لَغائظون، وإنا منهم قلقون، فقال العملاء نكفيكم إياهم، فما هم إلا شرذمة قليلون، ولن نحتاج أكثر من أَيَّـام معدودات للقضاء عليهم، فلبثوا في غيهم وحلمهم عشرين سنة وازدادوا دهراً، فما استطاعوا أن يهزموهم، ولا أن يصيبوهم بغير الأذى، فأتى أمر الله، وجاء وعد الآخرة، فأثبتوا صدقهم، وخرجوا ثلة قليلون بين ملايين المسلمين، لنصرة فلسطين، فهل من مُدَّكر؟
قال العملاء (لدهرٍ من الزمن): إنا مع فلسطين، وليس بيننا وبينها سوى دعوة للجهاد، ننتظر وننظر الوقت المناسب لنتحَرّك، كم أخذوا من أموال الناس على شكل تبرعات؟، وكم أكلوا باسم الجمعيات والمساعدات؟، وكم صرخوا ولطموا بعيونٍ باكيات؟، كم رفعوا أيادي الدعاء (على اليهود) بالهلاك والوبال، والشر والزوال، وإن مكرهم لتزول منه الجبال، وحين حان وقت التحَرّك، وأصبح الجهاد من أوجب الواجبات، رأيناهم ينادون لنصرة اليهود، فأغلقوا الحدود، ودعوا الناس للجمود، فقالوا: إنما هي الفتن، والجهاد يكون بالسنن، فأرادونا أن نرد بدل الصاروخ (بسواك)، نرميهم به حتى يكفوا عدوانهم، وبدل القنبلة بصيام (أيام البيض)، وبدل الدمار بركعتين في النهار، ثم لنركع لهم بالصبر على الذل والهوان، ثم نرفع ما تبقى من أيادينا التي بترها العدوان بالدعاء على أعدائنا بالهزيمة، وأن يجعلهم الله لنا وليمة، فجعلونا كـبني إسرائيل، نقول لله قاتل أنت اليهود فلا طاقة لنا بـ (النتن ياهو) وجنوده، فأذهب يا الله قاتلهم وأهلكهم ودمّـرهم، ونكل بهم وشرد بهم، إنا ها هنا قاعدون.
لعبوا بالحكم وغيروا النظم، وتعدوا حدود ما أنزل الله، فامتلأت الأرض ظلماً وجوراً، وخرجوا للوقوف ضد أمر الله، وأصبح الإنسان غير اليهودي ليس إنساناً، يُقتل بالحرق، وبالذبح، والدفن، والسحل ويقتل بالرصاص، فلا رقيب عليه ولا حسيب، ولا عدل ولا قصاص، تُباد شعوب جملة واحدة، ولا من مدافع، وتُنتهك الحقوق وتُداس الشرائع، ينادون بالإنسانية ويتعاملون معنا أسوأ من الحيوانات، ويدعون إلى الحرية، وقد جعلوا العالم في سجن ثقافاتهم وأفكارهم، ما دخلوا بلاد إلا وأفسدوها، وجعلوا أهلها للقتل والفظائع، هدفاً مشروعاً، فذُبح الصغير قبل الكبير، بلا معين ولا نصير، من يقف ضدهم فهو إرهابي، ومن له موقف يفضحهم فيه فهو نابي، حريتهم أن يحرقوا القرآن، ويقتلوا الإنسان، ويدمّـروا الأوطان، ويهلكوا الحرث والنسل، وحريتنا في قوانينهم هي الصمت والهوان، والذل والإذعان، والعمى عما يحصل، وبعد كُـلّ هذا الظلم الذي ملأوا به الأرض، هل كان الله ليتركنا بلا نصير أَو بصير؟ بلا هادٍ وقائد من ذرية البشير؟ يخرجنا به الله من الظلمات إلى النور، ونتحَرّك تحت قيادته لنعيد للإسلام قوته وعزته، وسطوته وتمكّنه، ونرجع اليهود والنصارى إلى وضعهم الطبيعي الذي قال تعالى فيه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أي؛ بسَببِ يدٍ ونعمة عليهم هي أمانهم من القتل.
جاء الفرقان، ببيانه، ووضوحه، ودلائله، وأتى إمام الزمان، واصطفى الله تعالى لنا إمامًا بايعه الشعب اليمني، ونرى بوادر المبايعة من الشعوب الأُخرى، هو السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، الذي أذل الله به دول الاستكبار الغربي وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ناهيكم عما لحق بالنظامين السعوديّ والإماراتي من خزي وعار على يديه، ألم يكف للأُمَّـة العربية والإسلامية أنه خرج ليعلن الجهاد ضد أكبر دول الاستكبار؟ ألم يكفهم أنه أعلن أن من يتعدى سياسة واستقلالية اليمن سيندم حتى لو كانت آخر دولة في أقصى الأرض، ألم يكفكم يا عرب أنه تحداهم وقال لهم تعالوا واجهونا، كم كنا نتمنى لقائكم، بلا خوف ولا انزعَـاج وبلا تردّد، بل بكل شجاعة بكل قوة بكل ثبات، بكل عزة، أفلا نصرتموه أيها العرب، أفلا بايعتموه أيها العرب، أفلا توليتموه أيها المسلمون؟