هطولُ أمطار السّماء على حشود الوَفاء
إقبال جمال صوفان
“اليمنُ وما أدراكَ ما اليمنُ السعيد” هكذا قالها الناطق العسكري باسم سرايا القدس أبو حَمزة، شعبُ اليمن هو الشعب المُتفرد عن العالمِ أجمع، الوحيد الذي جمع بين عظمة الموقف وعنفوان القتال، أثبت القول بالفعل، وأصرّ على الاستمرار في دروب العزة، الكرامة، والتحديات، لم يخشَ إلَّا الله، يخرجُ أفواجاً بشرية فِيْ مختلفِ المُحافظات اليمنية بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى الكُبرى في (7/أُكتوبر/2023) ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة المُبادة، وحتى بعد الاعتداء الأمريكي البريطاني عليه لم يتوانَ أَو يخاف، بل يزداد غضبه على أئمة الكُفر، قَتلة الأطفال والنِّساء من يتسترون خلف قوانينهم الكاذبة المُنحطة، التي لا تتطابق نهائيًّا مع واقع ما يقومون به، لقد خُذل الشعب الفلسطيني من أغلب الدول العربية وسطع شُعاع اليمن من أقصى الأرض ليُشع نوراً في وسط الظلام.
تدفّقت الحشود في يوم الجمعة الموافق (19/يناير/2024) إلى ساحاتها في العاصمةِ صنعاء ومختلف المُحافظات اليمنيّة وخرجت في مسيرةٍ كُبرى كان عُنوانها (ثَابتون مع فلسطين.. وأمريكا أُمُّ الإرهاب)، شَهِدت ساحة السبعين شلالات بشريّة مُنقطعة النّظير، رجالٌ حضروا حاملين القضيّة الفلسطينية مع سلاحهم وعسيبهم، هي جزءٌ من أجسادهم لم يتركوها سابقًا ولن يتركوها حاضراً؛ لأنها الوِجهة الأولى والهدف الأسمى، توافدوا بكلِّ عزيمة وحماس، بعد يومٍ من إطلالة البدر المُنير الذي قال “أزفُّ البُشرى لشعبنا” وقبلها بأسبوع واحد قال: “أملي فيكم ” كلماتٌ عميقة، صادقة، مؤثرة، فيها مسؤولية كبيرة جِـدًّا جداً كلماتٌ نابعة من قائدٍ قُرآني إلى شعبٍ يماني، لقد خرج الشعب وكُله طاقة إيجابية استمدها من سيّد قلوبنا، خرج وهو يحملُ روحيّة الفِداء، يتمنى نيل الشهادة في أقرب الأوقات وأسرعها، ما أعظمهُ من شعبٍ مُفوِض وما أحنكهُ من قائدٍ مُخلِص!
تحَرّكت الرياح، تشكّلت الغيوم، وهطلت الأمطار قال تعالى: (ٱللَّهُ ٱلَّذِی یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ فَتُثِیرُ سَحَابࣰا فَیَبۡسُطُهُۥ فِی ٱلسَّمَاۤءِ كَیۡفَ یَشَاۤءُ وَیَجۡعَلُهُۥ كِسَفࣰا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ یَخۡرُجُ مِنۡ خِلَـٰلِهِ) “الودق ” أي المطر يخرج من بين السحاب، تناثرت جُزيئاته على السيول البشرية المتواجدة في ساحةِ السبعين فارتسمت لوحة بهيّة المنظر زاهية الإطار، وكأن تلك القطرات الكثيفة المُستمرّة من الماء نزلت كمواساةٍ ربانيّة لتقول: نَحن هُنا سوياً بشراً ومطراً في حضرةِ نُصرة مسرى النبيّ، كان المنظر مؤثراً جِـدًّا حين تبلّلت الأعلام الثلاثة الصامدة ليكون ذلك تعبيراً للعالم الصامت وترجمة لدموعِ كُـلّ الموجوعين في غزة ولبنان واليمن، لم تنفر الحشود أَو تغادر أَو تتراجع عن الحضور بل بقيت ككل أسبوع حتى انتهى الوقت وحان الرحيل، وفعلاً كان يوماً من أَيَّـام الله الذي هطلت فيه أمطار السّماء على حشود الوَفاء.