الخلافاتُ تعصفُ بكيان العدوّ “الإسرائيلي” من الداخل: انتهاءُ الحرب موتٌ سياسي لنتنياهو وحكومته
في اليوم الـ 106 لمعركة “طُـوفان الأقصى”:
المسيرة | خاص
بعد مرور 106 أَيَّـام من معركة “طُـوفان الأقصى”، بات رئيس وزراء كيان العدوّ “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو يدرك جيِّدًا أن بقاء أَو انهيار حكومته أصبح رهيناً لما بعدها، ويُدرك الرجل أن مستقبله السياسي معلق على بقاء حكومته، ولذلك فهو يصارع للحفاظ على خيط رفيع مع وزراء حكومته في محاولة لإبقائها على قيد الحياة أطول وقت ممكن، من خلال استمراره في العدوان على غزة.
بدت العديد من التغييرات الشاملة على المدى الطويل في المنطقة تطفو إلى السطح، وظهرت الكثير من التصريحات التي تتحدث عن مخطّط حكم غزة لما بعد الحرب، ونقلت تقارير إعلامية أمريكية عن مسؤولين أمريكيين، أن “خطة واشنطن بشأن ما بعد حرب غزة لا تلقى قبولاً واسعًا؛ ما أثار الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية، وحكام العرب “أصدقاء أمريكا” من ناحية أُخرى.
ولعل السمات الرئيسية لمخطّط ما بعد الحرب يتمثل في إحياء عملية إنشاء دولة فلسطينية، ووضع ضمانات أمنية لإسرائيل، وتطبيع العلاقات السعوديّة الإسرائيلية.
ووفقاً لدوائر أمريكية فَــإنَّ عدة خطوات يمكن للولايات المتحدة اتِّخاذها لتمرير مخطّطاتها المزمع تنفيذها، أبرزها إحداث تحول إسرائيلي ملحوظ إلى حرب أقل كثافة في غزة، ومن ثم السماح بتكثيف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية لمئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين النازحين.
الخلافاتُ حول الميزانية:
أظهرت اجتماعات الحكومة “الإسرائيلية” على مدى اليومين الماضيين، خلافات وانقسامات بشأن قضايا مختلفة، وبرزت هذه الخلافات ما بين وزراء ما يسمى حزب “الوحدة الوطنية” ووزراء الحكومة بمن فيهم حزب “الليكود” الذي يقوده نتنياهو وحتى الأخير نفسه، حَيثُ “تبادل أعضاء مجلس الوزراء الإهانات وخرج وزير التعليم، يوآف كيش، من القاعة غاضبا”، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
ووفقاً هارتس العبرية، فَــإنَّ اجتماعاً كان مخصصاً لمناقشة “ميزانية معدلة لعام 2024″، وهي ميزانية أقرها الكنيست في مايو 2023، لكنها الآن بحاجة إلى تعديل؛ بسَببِ تكاليف الحرب، وزير الاتصالات شلومو كاراي في مقابلةٍ له حول المناقشات بما يتعلق بميزانية الدولة، والخلافات بني أعضاء الحكومة: قال: “لقد رأينا معسكر الدولة في الأسابيع الأخرية، وهم يصلون مقدًماً للاستعداد للتصويت ضد كُـلّ شيء. ضد الميزانية، وضد كُـلّ خطوة يحاولون الترويج لها في الحكومة، لقد عارضت موازنة الحكومة لسبب مريب للغاية، لقد عارضوها من باب الشعبوية”.
الخلافاتُ حول قضية الأسرى:
مع تصاعد حدة الخلاف حول واقعية الإدارة، أكّـد رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق، إيهود باراك، الخميس، “عدم وجود هدف واقعي سيتسبب في إغراقنا في غزة، من الضرورة تنظيم انتخابات مبكرة في إسرائيل قبل فوات الأوان”.
من جهته، علّق عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، غادي إيزنكوت بالقول: “على إسرائيل أن تسألَ نفسَها كيف ستستمر مع قيادة فشلت تماماً. سلوك حكومة نتنياهو قبل وبعد عملية “طُـوفان الأقصى” فشل كبري جِـدًّا. أنا بالفعل في مرحلة لا أثق فيه بهذا القائد “نتنياهو” وعيناي مغمضتان، وأحكم على الرجل في قراراته والطريقة التي يقود بها البلاد”.
بدوره، قال مدير الإعلام بمقر تنسيقية أهالي الأسرى المحتجزين في غزة رونان تسور، الخميس: عن سلوك الحكومة بشأن عودة الأسرى: “أرفض أن أصدق أن حكومة الحرب قرّرت التخيل عن المختطفين. لكن إذَا كان الأمر كذلك فلن نسمح بذلك بأي مثن. هؤلاء الناس منتخبون مسؤولون وليس رسل الله، ولم يأذن لهم أحد بالتخيل عن 136 مختطفاً ومختطفاً بأيادي حامس القاتلة”.
تصاعُدُ الخلافات السياسية:
قال عضو الكنيست عن حزب العمل، جلعاد كريب، الخميس الفائت: “إن الحاجة واضحة أكثر من أي وقت مضى إلى صوت اليسار الصهيوني في الكنيست ضد اليمني القومي وفساد نتنياهو وتلعثم الوسط. ومن الواضح أكثر من أي وقت مضى أن هناك مساحةً لقائمة واحدة فقط من اليسار الصهيوني ستطرح أجندة سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية وديمقراطية ومدنية. ويجب على حزب العمل أن يقود عملية توحيد القوى وفتح المفاوضات مع جميع الأطراف السياسية والمدنية ذات الصلة.
وَأَضَـافَ، “يجب أن تجرى الانتخابات التمهيدية في حزب العمل بشكل مفتوح وواسع، بما يخدم توحيد القوى وتشكيل القائمة الواحدة لليسار الصهيوني. انتخابات تمهيدية يمكن أن يشارك فيها كُـلّ من يؤمن بالقيم والمسار”.
وقال رئيس المعارضة، وَرئيس حزب “يش عتيد” يائير لابيد: “كل من سأل نفسه هل يجب تغيير الحكومة، حصل على الجواب الليلة. نعم والآن نتنياهو غير مؤهل. بالنسبة للمقاتلين، بالنسبة لجنود الاحتياط؛ مِن أجل هزمية حماس وإعادة المخطوفين، يجب استبداله بأي شكل من الأشكال. إن إسرائيل بحاجة إلى حكومة جيدة وشجاعة قادرة على إحداث التغيير”.
الخلافاتُ مع الإدارة الأمريكية:
في السياق، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، عن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي “بيرني ساندرز” قوله: “إن الولايات المتحدة متواطئة في الكابوس الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، أجد صعوبة في فهم سبب عدم تحَرّك الكونغرس لوقف معاناة الفلسطينيين ومعالجة الكارثة الإنسانية التي يواجهونها في غزة، الولايات المتحدة متواطئة في المأساة التي يعيشها ملايين الفلسطينيين”.
كما وجّه مسؤولون أمريكيون انتقادات حادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب إعلانه بأنه أبلغ إدارة الرئيس جو بايدن رفضه إقامة دولة فلسطينية بعد نهاية الحرب في غزة، ورأى السيناتور الديمقراطي “بيتر ويلش”، أن “نتنياهو لا يشارك الولايات المتحدة قلقها بشأن فقدان أرواح الفلسطينيين. ورفض نتنياهو إقامة دولة فلسطينية يكشف أنه يريد أخذ الأموال الأمريكية فيما يرفض دائماً نصائحها”.
وقالت الصحيفة ذاتها: “إن مقربين من الرئيس الأمريكي جو بايدن نصحوه بالإعلان عن عدم ثقته برئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو؛ بسَببِ تعمده إطالة الحرب في غزة لأسباب شخصية، لكن الرئيس بايدن ما زال متردّدًا إزاء مثل هذه الخطوة. إدارة بايدن تشعر بالإحباط من إطالة أمد الحرب، ومن حقيقة أن نتنياهو يرفض مناقشة الواقع في غزة في اليوم التالي”.
مخطّطُ اليوم التالي للحرب:
قال الإعلام “الإسرائيلي”: إنّ “الجيش حدّد أهداف العملية بالأمور التالية، وهي “تدمير قُدرات حماس وسحب سلاحها، والسيطرة الأمنية على قطاع غزّة، وفي اليوم التالي للحرب إنشاء مؤسّسة مدنية على شاكلة نموذج السلطة الفلسطينية في مناطق (ب)، ومُساهمة الدول العربية المعتدلة في إعادة إعمار قطاع غزّة”، وهذه الأهداف لم تتحقّق.
في السياق، أفاد تقرير شبكة “NBC”، بأن وزير الخارجية الأمريكيّ، أنتوني بلينكن أبلغ رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو أنه لا حَـلَّ عسكريًّا بشأن مصير حماس، وعلى “إسرائيل” الاعتراف بذلك. إدارة بايدن تتطلع إلى ما بعد نتنياهو، لتحقيق أهدافها في المنطقة.
ورغم التأكيدات المُستمرّة للمقاومة الفلسطينية بأن “مستقبل غزة لما بعد العدوان قرار بيد أبنائها”، كشف التقرير أن إدارة بايدن تحاول التحضير مع قادة “إسرائيليين” آخرين، لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو، بعد حصول بلينكن على تعهد من ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، وأربعة قادة عرب آخرين، بالمساعدة في إعادة بناء غزة بعد الحرب، بحسب شبكة إن بي سي الأمريكية.