بينَ حصارَينِ لا ثالثَ لهما

 

أميرة علي العراسي

عندما نرى شواهدَ ما جرى في اليمن من حصار وعدوان استمر لتسع سنوات عجاف، كانت تسعى المملكة وعملاؤها في الداخل والخارج انتزاعَ لقب أنها سيدة الشرق الأوسط، وسعت لتوسيع هجماتها وقتلت مئات الآلاف من المدنيين وجرحت أعدادًا مضاعفة، ودمّـرت المباني والأسواق والمستشفيات والمدارس، وسعت لاحتلال الكثير من المحافظات وبدعم وتواطؤ دولي وإقليمي، وَأَيْـضاً من مرتزِقة الداخل استطاعت دول العدوان احتلال مناطق في جنوب اليمن، واستطاعت أن تبني هناك عشرات المعسكرات وأضعافها سُجُونًا لكل المعارضين لتواجد المحتلّ في مناطقهم، وسعت لتدمير الجنوب وساهمت بشكل كبير في هبوط الريال مقابل الدولار، وجعلت من المواطنين هناك يعيشون أسوأ أَيَّـام حياتهم من احتلال ووضع اقتصادي متردٍّ، وسخط شعبي وعربي وَأَيْـضاً إقليمي غير معلن عن ممارسات المملكة والإمارات بما حَـلّ من وضع كارثي في اليمن وارتفاع نسبة المجاعة وذلك نتيجة الحصار الجائر.

نأتي إلى الحصار الذي فرضته اليمن على الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين المحتلّة بعد تخاذل عربي وإقليمي، أَيْـضاً عن المجازر التي ترتكب على مدار الساعة في غزة الصمود؛ مما جعل أهل غزة يشعرون أنهم في هذه المعركة متروكون، لا سند حقيقي لهم سوى محور المقاومة، الذي ساند بشكل فعلي وحقيقي في جبهات المعارك من لبنان إلى العراق وُصُـولاً إلى يمن الإيمَـان والحكمة، متمثلة بقيادة حكيمة يقودها سيد القول والفعل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي قال وفعل، وجعل البحر الأحمر كمثلث برمودا يلتهم كُـلّ سفينة صهيونية تدعم الكيان أَو أي سفن متوجهة للكيان لتقديم العون وترك أبناء غزة يموتون دون دواء وغذاء وفي وضع صحي واقتصادي وأمني خطير.

تجاهلت الأنظمة العربية ما تعانيه غزة على مدار 100 يوم ولم تحَرّك ساكناً باستثناء إداناتهم الجوفاء، التي لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فكانت نكبة فلسطين بوطن عربي يقوده حكام متخاذلون باعوا القضية لهثاً وراء أطماع علاقات مع الكيان الصهيوني والأمريكي وبتمويل عربي خالص، فكان لكلمة المقاومة في بلدان المقاومة الصوت الأكبر والمؤثر، فموقف اليمن الذي أثار إعجاب الشعوب وساعد بشكل جوهري في كسر هيمنة الأمريكي والصهيوني والبريطاني كان له الأثر الكبير.

فكيف لبلد مثل اليمن أن يكون رجالها بتلك الشجاعة، وتكون المواجهة بشكل مباشر وقوي أمام الهيمنة العالمية التي تخافها دول بحجم مصر والسعوديّة ومن على شاكلتها، ولم تكن هذه المرة مع الوكلاء رغم بعض المحاولات الفاشلة، ولكنها في الأخير استطاعت أن تفرض معادلة قوة في المعركة المصيرية لفلسطين، وقدمت من دماء رجالها انتصاراً لقضية الأُمَّــة الأم، فكان لليمن هذا الدور الذي ترفع في كُـلّ ميادين العالم الحر والشعوب الحرة أعلام اليمن بجانب العلم الفلسطيني وصور قائد الثورة كنوع من الامتنان، وعلى الدور المحوري التي تقوم به القوات المسلحة لفك الحصار عن غزة.

في آخر مقالي لكل منزعج من دور اليمن بكبح جماح العدوّ الصهيوني إذَا تراجعت اليمن بضع خطوات للخلف.. هل لديكم القدرة على فك حصار غزة وإيقاف عجلة القتل التي يمارسها الإسرائيلي في غزة؟

لن أقول لكم اليوم هل تستطيعون طرد سفراء إسرائيل من بلدانكم ومقاطعة المنتجات الأمريكية؛ فأنا أعلم يقيناً أنكم أصغر وأجبن من أن تقوموا بهكذا خطوة، ولكن لا قلق فهناك رجال خلقهم الله لنصرة المستضعفين في هذه الأرض، وكان لنا شرف ذلك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com