معركةُ وعي وحربُ إعلام
دينا الرميمة
منذ أن اصطنع الغرب دولة لليهود داخل الدولة الفلسطينية تكفي المجتمع الأوروبي أذاهم وتكون يدهم الضاربة على الأرض العربية بما يخدم مشاريعهم الاستعمارية وَأوكلوا لهم تنفيذ أجنداتهم الهادفة إلى إضعاف العرب وتمزيقهم، عمل اللوبي الصهيوني على إذكاء الصراعات الطائفية والمذهبية بين العرب، ومع أمريكا أسسوا نظامًا إرهابيًّا ممثلاً بالقاعدة وداعش؛ بهَدفِ الإساءة للدين الإسلامي أولاً وَلخدمة أمريكا التي اتخذت منه ذريعةً لاحتلال الدول وجعلته تهمة تلقيها على كُـلّ من يقف بوجهها!!
أضف إلى إشغال العرب بحروب على إثرها يتوسع نفوذ الصهاينة وعلى إثرها تصبح قضية فلسطين نسياً منسياً، إلى جانب حرف بوصلة العداء من عليهم نحو إيران والمحور المقاوم المساند لفلسطين والرافض مشروع التطبيع!!
لأَنَّه الوحيد من لا يزال يتذكر وَيذكر العالم بفلسطين ومقاومتها التي تقاتل وحيدة على أرض عمل الصهاينة على تهويد معظمها وانتهاك مقدساتها وَتضحيات شعب يُذبح ويؤسّر أبناؤه، في ظل صمت عربي وخذلان عالمي!!
وهذا ما جعل المقاومة الفلسطينية تثور غضباً بطوفانها.
مع بزوغ فجر السابع من أُكتوبر حطم كُـلّ ما بناه الصهاينة منذ نشأتهم الأولى ما جعلهم يثورون على غزة بحرب ظنوا أنها لن تستغرق إلا أَيَّـامًا كما هو سابق عهدهم تصاب خلالها غزة بنكبة تجعلها مستوطنة صهيونية وتعيد لهم سابق مجدهم الذي أصبح كهشيم المحتظر!!
بيد أن هذه الحرب طال أمدها فتجاوزت المِئة يوم حاولوا خلالها تبرير كُـلّ جريمة ومجزرة بأنها دفاع عن النفس، وعلى الرغم مما مارسوه من تضليل وخداع عبر الإعلام الصهيوني والغربي وَمن لف لفهم من العرب بغرض شيطنة المحور المقاوم والحديث بأنه من ورط المقاومة الفلسطينية بالطوفان الذي تسبب بقتل الأف الفلسطينيين انتقاماً لقتلى أبرياء الحفلة، وأنهم من ترك غزة تموت بمن فيها دون نصرة ودعم، وهم الذين لطالما تغنوا بتحرير فلسطين ومقدساتها!
إن المحورَ فنَّد كُـلّ زيف حاول العدوّ شرخ العلاقة بينه وبين فلسطين، حيثُ إنه من ثاني أَيَّـام الطوفان كانت المقاومة اللبنانية قد جعلت من المدن الحدودية المحتلّة جبهة مشتعلة بصواريخها التي طالت مواقعَ عسكرية وَأجهزة مختبرات، وَجعلت المستوطنات خاوية على عروشها؛ ما جعل إسرائيل تستنفر بثلث جيشها نحو جبهة الجنوب اللبناني!
وكما أعلنت اليمن أن غزة ليست وحيدة ولنصرتها بدأت الصواريخ والمسيَّرات اليمنية تنطلق إلى فلسطين المحتلّة وَمن ثم أعلنوا الحصار على الكيان الصهيوني من باب المندب.
وكما كان للجبهة العراقية والسورية دور مساند لغزة عبر استهداف المواقع الأمريكية رداً على اصطفاف أمريكا مع الكيان الصهيوني.
وكان لهذه الجبهات دور كبير في إسناد غزة ومقاومتها التي أبدت عظيم امتنانها منهم؛ ما جعل الأعلام المعادي يعمل على التقليل من أهميتها وَوصف ضرباتها بالمفرقعات التي لا تسمنُ ولا تغني من جوع!!
الكيان المهزوم داخل غزة بدأ يشتكي بأنه يقاتل على أكثر من محور وَبدأ نحيبه يعلو على انهيار اقتصاده؛ نتيجة الحصار اليمني الذي جعل منه مشكلة تضر بالملاحة العالمية، وعلى إثر نحيبه هرعت أمريكا لنصرته في البحر بقصف اليمن وإلقاء تهمة الإرهاب عليها!!
من هنا ذهب إعلامُهم إلى القول إن المحور المقاوم المساندَ لغزة سيضر بالدول التي ينتمي لها كلبنان وَاليمن، التي تعاني مشاكلَ اقتصادية!! حتى تضغط شعوبها عليهم بعدم جر بلدانهم لحروب لا طاقة لهم بها، إلَّا أن الرد كان لا وقف للعمليات إلَّا بانتهاء الحرب على غزة!!
من هنا علينا أن نعلمَ أن معركتنا مع العدوّ قبل أن تكون عسكريةً هي معركة إعلامية وحرب وعي علينا لإفشال كُـلّ ما تروج له أمريكا وَالصهاينة، خَاصَّة أن حربَ غزة وأبراجها التي استشهدت بمن فيها قد استطاعت أن تعيد لذاكرة العالم فلسطين وَقضيتها، وَأثمرت تضحيات سبعة عقود من الشعب الفلسطيني المنسي التفاف شعوب عربية وغربية حوله؛ تأييداً لحقهم بدولة كادت إسرائيل أن تمحوَها من خارطة العالم بما في ذلك بعض من المجتمع اليهودي، الذي اعتبر حرب غزة هي حرب صهيونية تسيء لليهود نافياً وجود دولة اسمها إسرائيل، وكما جرت هذه الحرب أقدام الصهاينة إلى محكمة العدل الدولية لأول مرة في تأريخهم ومزقتهم شر ممزق!!
وكان لغزة بركات تنزلت على كُـلّ من ساندها لمسناها نحن اليمنيون الذين خذلنا العالم على مدى سنوات تسع وَأصبح يفاخر بمواقفنا المساندة لغزة وَيخرج مظاهرات رافضاً ضربات أمريكا علينا وهو الذي لطالما انتظر نهايتنا ومحو أثرنا من على هذه الأرض.