إرهابُ الحق

 

أنس عبد الرزاق

إن منهجية القرآن تحفظ مقومات الأُمَّــة الإسلامية؛ فلا عفوية فيه ولا عوج، ومن فضل الله على العرب أن القرآن عربي ونزل بالجزيرة العربية، وما قام به الحاقدون على الإسلام أنهم استطاعوا فصل العرب عن المنهج الإلهي القرآن الكريم، واستطاعوا جعلهم يذوبون في الحضارة الغربية؛ فهدفهم الوحيد هو جعل الإسلام ذا حدود تكبله الوطنية والانصياع لها؛ فيصبح دور المسلم دور المتلقي لا الملقن، دور المستمع لا المتحدث، أصبح الضمير العربي تحكمه قوانين غربية رجعية عرقية تأكل الميتة وتشرب الخمر، فأصبح المجتمعُ العربي مقلِّداً ومفعولاً، لا فاعلاً.

إن المجتمعات العربية اليوم في جاهلية هُــوِيَّة إسلامية يتحكم بها الغرب الذي لا يعرف من الحياة إلا لغة الغاب، حَيثُ يأكل القوي فيها الضعيف ويضع له القوانين عبودية من نوع آخر، حَيثُ طغت الماديات على منهج السمو الإلهي، إذ جعلت من المادية حياة دائمة لها والقوانين البشرية أصبحت بمثابة منهج للدول العربية بحيث صار الفرد فيها يمتثل لقوانين شخصية تلبس الوطنية، وكلّ يقوضها حسب تأثره بحضارة معينة لا تعي حتى معنى وجود الله، والذي يجب هو أن يكون مؤثراً فيها، أي الفرد المسلم؛ فأمريكا صدرت للدول العربية مبدأ العصبية الوطنية بدلاً عن العصبية العرقية وواجبنا هو الحفاظ على مشاعل النور الحقيقية التي لا لبس فيها ولا غموض، التي يتصدر فيها النور وينتشر في أرجاء المعمورة له السيادة وله الريادة والتأثير، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).

إن ما ينبغي أن تعرفة أمريكا وباقي الدول التي تدّعي الحضارة وتتزين بالمدنية والإنسانية والسلام وتصدر الحروب، تدّعي العدل وتقوم باستغلال الشعوب مستخدمة شعارات براقة.

إن يمن اليوم ليس كما كان بالأمس؛ فقد أصبحنا نعي من نحن والبغية من وجودنا في هذا العالم؛ فلا يمكن أن يتأثر شعب ينتهج بمنهج الله بصواريخ وقوانين يضعها مجموعة أشخاص، همها الحصول على كأس خمر تسكر به؛ فتغيب عن واقع الإنسانية، وما يحدث للإنسان وإنما تسعى لاستغلال حقه في الحرية والكرامة والدفاع عن أبناء الإسلام في كُـلّ وقت وزمان، أصبحنا نعرف أن القرارات التي تتخذها أمريكا تمثل حالة سكر للقوانين الدولية؛ كونها تتسم بالمزاجية التي لا يمكن أن يمثلها أي قانون على مر العصور وتطلعنا على مدى الانحطاط في السياسة الغربية.

إن الشعب اليمني اليوم لم يتشبه بالنعامة العربية التي تدس رأسها في التراب عند مواجهة العدوّ، وهذا ما تعرفه أمريكا وتخشاه؛ فمدرسة اليوم أصبحت تطبق منهج نصر وحق لكل الظروف والأحوال، لكل زمان ومكان، وهو ما يغيب عن عقول الكثير من السياسيين ورجال الحرب، نعم لا أبالغ إذَا قلت إننا الآن نؤمن بالغيبيات؛ فمن نصر الإسلام باليمنيين سابقًا ينصر الإسلام باليمن في كُـلّ زمان ومكان، وهذه مشيئة الله مصدر الغيب الذي انتهى كُـلّ شيء في حكمته.

ما أود ذكره هو أن دخول أمريكا وبريطانيا ومعها الكيان الإسرائيلي يعد أكبر مغامرة في تاريخ هذه الدول؛ لأَنَّها لا تواجه الشعب اليمني فحسب، بل تواجه منهجاً وضع ليبقى، منهجاً يعود بالنصر بل هو النصر بحد ذاته، وهذا يمكن ألا يتصوره عقل قاصر يشعر بالمحسوس ويتأثر بالمدى القصير، فهل يمكن لمن يمثل منهج الله أن يهزم في ساحات المعركة، والغلبة ليست بالكثرة، والنصر ليس بالعدة والعتاد، ولست أرجم بالغيب إذَا قلت إن النصر قريب؛ فتاريخ الإسلام يذكر هذا جيِّدًا في معركة الأحزاب وتدخل عناية الله في مجريات الأحداث؛ فكانت النهاية زوال الأحزاب وبقاء الإسلام، قال تعالى: (أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

إن أمريكا متشبعة رهاباً من الحق وأصبح مرضها كالطاعون في مرحلة خطيرة ينتقل بالعدوى، ولا يمكن لهذا المريض أن يشفى إلا بالحرق، ونحن سنكون تلك النار التي ستلتهم الطغيان الفاسد في تاريخ البشرية أمريكا والكيان الصهيوني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com