اليمنُ في مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني الجديد
علي عبدالله الدومري
بعد مرور تسعة أعوام من الصمود اليماني الحيدري أمام جحافل العدوان الصهيوني الأمريكي السعوديّ الإماراتي الأعرابي، وخاصة بعد انطلاق عملية “طُـوفان الأقصى” وما حملت في جعبتها من مستجدات ومتغيرات عصفت بالساحة العالمية ووضعتها على كف عفريت، وما نتج عنها من تطورات استراتيجية امتدت إلى خارج النطاق الجغرافي لساحة المعركة، أَدَّت إلى انتقال المعركة وتمددها إلى البحر الأحمر وإلى العراق ولبنان وسوريا ومصر وإلى أكثر من دولة عربية.
ولكن هذه المرة ظهرت جليًّا للعالم أجمع العنصرية الأمريكية والبريطانية من خلال تعصبها السافر وانحيازها الكامل لعصابات الكيان الصهيوني، وإمدَادها بالسلاح والعتاد والإعلام والتدخل المباشر، ومشاركة كيان العدوّ بالعدوان على غزة، والتصدي لكل الدول التي تقف جنب مظلومية الشعب الفلسطيني الأعزل، وفي مقدمة الدول الواقفة الجمهورية اليمنية التي قامت بما يملي عليها الواجب الإنساني والأخوي والديني والضمير الحي تجاه مظلومية غزة والشعب الفلسطيني، وذلك بموقفها الإنساني والعروبي المعلن بمنع سفن الكيان الصهيوني من المرور من باب المندب والبحر الأحمر حتى يوقف الكيان الصهيوني عدوانه الإجرامي على الشعب الفلسطيني.
وبهذا الموقف الإنساني الشجاع قامت قيامة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكلّ شذاذ الآفاق، وكشفوا عن أقنعتهم المزيفة وإنسانيتهم الملوثة والملونة والكاذبة، وتحَرّكوا لإيجاد تحالف دولي لضرب اليمن تحت يافطة أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وصدرت التهديدات المتتالية للجانب اليمني، وكذَلك الترغيبات، ولكنها لم تجدِ نفعاً مع الموقف اليمني الصادق والصريح الذي لا يقبل القسمة على اثنين؛ فكان الرد اليمني صفعة في وجه المهزلة الأمريكية والإرهاب الصهيوني، الذي يمارس بحق الشعب الفلسطيني وبدعم وتشجيع وَإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية والعجوز الشمطاء بريطانيا وبعض الدويلات التي يحركها اللوبي الصهيوني اليهودي، وفق أجندته الاستخباراتية والعسكرية المتوافقة مع مصالحه في المنطقة.
الغريب في الأمر أن السياسة الأمريكية الغبية المتحيزة والمتعصبة والمتعجرفة تسمي من يناصر المظلومين والمستضعفين إرهاباً بينما هي أم الإرهاب وكلّ الإرهاب ومصدر الإرهاب ومنبته الأول، هكذا تقوم سياسة الولايات المتحدة ضد الدول والبلدان الحرة التي ترفض سياسة الهيمنة الأمريكية على قرارتها السياسية وترفض الوصاية الأجنبية على سيادتها ومنها الجمهورية اليمنية التي رفضت الهيمنة الأمريكية منذُ وقت مبكر وبسبب موقف اليمن الإنساني والأخوي والتاريخي الشجاع في مساندة مظلومية الشعب الفلسطيني شنت قرن الشيطان المسمى أمريكا وبريطانيا العجوز عدواناً إجرامياً، مخالفة لكل القوانين والمعايير الدولية، استخدمت فيه سلطتها المتحكمة بمجلس الأمن وبهيئات منظمة الأمم المتحدة التي تخضع للنفوذ الأمريكي، وقامت بالقصف المباشر والاعتداء على جنود البحرية اليمنية، وكذَلك قصف العديد من المطارات والموانئ والمحافظات اليمنية، في محاوله منها لتركيع الشعب اليمني وإذلاله وتخويفه وإرعابه ليتخلى عن موقفه الشجاع تجاه القضية الفلسطينية كمظلومية يندى لها جبين الإنسانية إلَّا أن النتائج والتوقعات كانت عكس ما تريد أمريكا قرن الشيطان؛ فكانت المفاجآت خروج الشعب اليمني وبزخم غير مسبوق لتفويض القيادة اليمنية والقوات المسلحة بالرد على العدوان الأمريكي البريطاني وإنهاء تواجده في البحر الأحمر وَالعربي نهائيًّا، وإيصال الرسالة للعالم أجمع أن اليمن صاحبة القول الفصل في تامين البحر الأحمر ومن يمر من باب المندب، وذلك لموقعها الجغرافي والسيادي الذي تتمتع به منذُ مئات السنين وهي حارس البحر.
وأكّـدت ذَلك بقوة في كُـلّ المدن والساحات في أنحاء اليمن وطمأنت كُـلّ دول العالم أن المستهدف هو الكيان الصهيوني ومن تحالف معه أو يساعده بنقل البضائع فقط، وبعد العدوان الأمريكي زاد إصرار الشعب اليمني على المضي في خيار التصدي والمواجهة والثبات على الموقف مع الشعب الفلسطيني تحت شعار نحن معكم حتى الانتصار، وأصبحت السفن والبوارج الأمريكية البريطانية أهدافاً مشروعة للقوات المسلحة اليمنية، ولرجال البحرية اليمنية الحق الكامل في مطاردة وملاحقة سفن الكيان الصهيوني والأمريكي والبريطاني وكلّ من أنخرط مع الشيطان الأكبر في عدوانه الإرهابي على الشعب اليمني.
الأمر الذي جعل الأمريكي يفشل كعادته في المواجهة مع الشعب اليمني، حَيثُ وجد نفسه في موقع الضعف وعدم الشرعية في عدوانه وَتواجده العسكري في البحر الأحمر والعربي؛ فسعى لتمرير مشروع يصنف الشعب اليمني بالإرهاب، في خطوة يراها المراقبون والمحللون والسياسيون أنها خطوة تقود نحو السقوط والتورط الجديد في المنطقة، فالعالم اليوم لم يعد يصدق التُّرَّهات والدعايات الأمريكية المضللة والتي جربتها الولايات المتحدة أكثر من مرة وكانت النتيجة الفشل والسقوط الذريع؛ فالإرهاب هو ما يمارسه الكيان الصهيوني وبحماية ودعم وتشجيع من البيت الأبيض ولندن، هو الإرهاب، ليس الشعب اليمني، الإرهاب هذا ما يجب أن تعيه الولايات المتحدة الأمريكية وليس لديها خيار إلا بتغيير سياساتها في المنطقة العربية والعالم، وعلى وجه الخصوص مع القضية الفلسطينية واليمنية والعراقية والسورية وللبنانية، إذا أرادت السلام مع العالم الذي تتشدق به وبدون تغيير سياساتها فَــإنَّ الهلاك ينتظرها حتماً، والله ولي المؤمنين.