غيثُ النصر
رفيق زرعان
الأرضُ مادت بأهل الأرض في زمنٍ
يبقى به شعبُنا في أرضنا البطلا
في وجهِ أعتى العدا في الكونِ قاطبةً
مثل الجبال صمودًا يَقهَرُ الدُّوَلا
ما ضره قصفهم في الحرب إلا أذىً
وعن دروب الوغى لا يبتغي حِوَلا
قد حوَّل الصخرَ أحجارًا مفخخةً
وحوَّل الأرض أهوالاً لمن دخلا
وحوَّل الحرب في الأجواء مصيدةً
تصيد كُـلّ سلاح قبل أن يصلا
وسعَّر البحر نيرانًا مسجرةً
تشوي فراعنةَ الغزو الذي فَشِلا
وصَيَّر الرملَ نارًا تحت أرجلهم
وفي لظاها تهاوى البغيُ مشتعلا
إذا أتَوه غزاةً سوف يقتُلُهم
خوفُ التلاقي ليفنوا كُلُّهم وَجَلا
كل العواصف خابت في مرابعنا
فنحن جيشٌ على عشق الوغى جُبِلا
البأس في يمن الإيمان يعرفُه
كل الغزاة فقد نالوا به الأجلا
كل الغزاة تواروا في ثرى بلدٍ
قد صار مقبرةً تستقبل العُمَلا
فيه رجالٌ أشدّاءٌ بسطوتِهم
قد حالفوا الآلَ والقرآنَ والرُّسُلا
هم يسكنون بأريافٍ وأوديةٍ
لم يعشقوا المالَ واللذاتِ والفللا
هم خيرُ مَن داس في هذا الثرى قدما
هم خيرُ من سار فوقَ الأرض وانتعلا
هتافُهم كالرصاص الحي إن صرخوا
تصيب صدرَ عدو حالف الزللا
قد أصبحوا كعذاب الله في بلدي
يُفنِي الغزاة ومَن في حلفهم دخلا
الصبرُ فيهم كأيُّوب بشدتِه
وعزمهم عزم ذي القرنين، إذ رحلا
عامٌ مضى ثامنٌ في الحرب ما وهنوا
أو ألف عامٍ فهم لن يعرفوا الكَلَلا
أعلامُ دين الهدى في الدرب قدوتهم
لله قد أخلصوا الأقوالَ والعَمَلا
نالوا رضا اللهِ والتأييدُ حالفَهم
والنصرُ غيثٌ بساحات الوفا هطلا