“طوفانُ اليمن” وارتداداتُه المزلزلة للأمريكان والصهاينة
عبدالجبار الغراب
كانت لمؤشراتٍ بداياتِها معالمُها الواضحةُ للانطلاق، ودلائلُها الوافية للمعرفة والاستدراك، وإيضاحاتُها المستوفية لأغراضها وأهدافها التي صدر القرارُ مِن أجلِها، وحقائقها الباعثة بكل تفاصيلها الإنسانية؛ ولهذا فقد سارت بداياتُ الأمور في وضعها لخارطة التنفيذ للانقضاض على جيش كيان الاحتلال الخبيث، ليكون ليوم السابع من أُكتوبر موعدُه التاريخي للإعلان عن بداية عهد جديد للشعب الفلسطيني، فكانت معركة “طُـوفان الأقصى” والتي نجحت في خلقها لواقع جديد زلزل كيان الاحتلال الإسرائيلي البغيض، ليتحقّق الانتصارُ السريع والذي انتهت به مختلفُ الأحاديث والمخطّطات الموضوعة من قبل الأمريكان والصهاينة لعدم قدرتهم على تجاوز تلك الصدمة؛ فأعدوا عدتهم العسكرية؛ لغرض الانتقام وارتكاب المجازر وقطع الماء والغذاء والدواء على كامل سكان قطاع غزة، لتشكل هذه المعركة واقعها المغاير الفريد لسابق الصراع العربي الإسرائيلي في تحقيقها للهزيمة الكبيرة السريعة بجيش الاحتلال الإسرائيلي.
لتتوالى كُـلّ الحقائق في إضافتها المؤكّـدة لوقوف الغرب والأمريكان مع الصهاينة ومساعدتهم في ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وتدلل على ذلك كافة الوقائع المكشوفة والظاهرة للغطرسة والهيمنة الأمريكية في كُـلّ محاولاتها الداعمة للعدو الإسرائيلي عسكريًّا وسياسيًّا ومالياً وتواجدهم الكبير في البحار والممرات وبعشرات القواعد العسكرية المحيطة بالكيان من دول الجوار؛ فالتباينات في المواقف والتناقضات الأمريكية استمرت في ظهورها؛ لتخلق لهم صعوبات في اتِّخاذهم للقرارات؛ وُصُـولاً إلى حماقتهم في التصرفات وتهورهم الغبي لمساندتهم للكيان بعسكرتهم للممرات والبحار كما حدث في البحر الأحمر وقيامهم بالعدوان على اليمن.
فبرزت على ضوء ذلك ملامحُ سريعة لظهور تطورات وأحداث كبيرة، وأهداف سابقة مبنية على خطط جديدة، وسيناريوهات عديدة تعدها الإدارة الأمريكية، وسياسات كلها لخدمة الكيان الإسرائيلي، وأجندة مفصلة لأغراض أمريكية تساعدها في تحقيق مطامعها في المنطقة؛ فتماشت مجريات الأحداث عكس ما تم التخطيط لها من قبل الأمريكان، ليظهر وبوضوح تام تقزم حجمهم واضمحلال دورهم في المنطقة؛ لتتصاعد كافة المستويات السياسية داخل الإدارة الأمريكية في فشلها لاحتواء ما تم رسمه والتخطيطُ له والنظر إلى منع توسع رقعة الحرب في المنطقة هدفًا لها وحصره بقطاع غزة، لكنها بخلاف ذلك هي من وسّعت الحروب وأشعلت الصراع وهدّدت أمن المنطقة؛ لتتورط في البحر الأحمر بعدوانها المباشر على اليمن ودعمها للكيان الإسرائيلي في توفير الحماية لسفنهم التي أعلن الجيش اليمني بحصر استهدافها في البحرَينِ الأحمر والعربي ومنعها من المرور أو العبور إلى موانئه مع التأكيد على سلامة الملاحة البحرية العالمية في إطار معادلة الضغط على كيان الاحتلال لإيقاف عدوانه على قطاع غزة ورفع الحصار عنها.
كان لثبات الموقف اليمني لمواصلة إسنادهم للمقاومة الفلسطينية عنوانُه البارِزُ الإنساني الأخلاقي المناصِر لقضية الشعب الفلسطيني والتي تحطمت معه الكبرياء والعنجهية الأمريكية والبريطانية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب أمام قوة وبسالة وشجاعة القوات المسلحة اليمنية التي سطرت في هذا الموقف الثابت محطات خالدة رفيعة في القيم الأخلاقية والإنسانية في موقفها المشرف والنبيل والتي ينبغي على الجميع دراسته لجعله تأكيدات للبناء عليها؛ مِن أجل المراجعة والاستدراك وخاصةً من جانب الأمريكان؛ لكي يضعوا لهم الحسابات لعلها تساعدهم في وضع المخارج وإيجاد العديد من التصورات لإيجاد الحلول المناسبة تخرجهم من مأزق تورطهم في الصراع أَو التخطيط لإعادة رسم صحيح لسياساتهم القادمة وفق القيم والمعاير الإنسانية الصحيحة.
ارتدادات الطوفان -على مدار أكثر من مِئة وعشرة أَيَّـام من العدوان الإسرائيلي على غزة- ارتفعت في صعودها وشكَّلت إضافاتٍ للانتصارات التي حقّقتها المقاومة الإسلامية؛ لتزلزل بالأمريكان والصهاينة في كافة الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية؛ فما حدث من زلزال ارتدادي أربك الصهاينةَ عندما نجحت المقاومةُ الفلسطينية بقتل أكثرَ من 21 ضابطًا وجنديًّا عند الحدود مع المستوطنات بغلاف غزة وضعت بها بعثرة لكل أوراق الاحتلال قد يفكر معها بإيقافه للعدوان، إلى طوفان اليمن وإسناده الفعلي وإلى الآن وبأكثر من 200 مسيرة حربية و50 صاروخاً بالستياً ومجنَّحًا تم استهداف مواقع داخل الأراضي المحتلّة، وُصُـولاً إلى إحداثه للعديد من الطوفانات الارتدادية في الممرات والبحار وتشكيلها عواصفَ قويةً صدمت الأمريكان بثباتِ اليمنيين على الموقف ومواصلتهم استهداف الملاحة الإسرائيلية وقيامهم بالرد على الاعتداءات الأمريكية.