متلازِمةُ غزةَ واليمن
د. شعفل علي عمير
كثيرًا ما يرتبطُ المصيرُ الواحدُ بواحديةِ الظروف التي يعيشُها شعبان تجمعُهما مظلوميةٌ واحدةٌ وعدوٌّ واحد؛ فمتلازمةُ التأثُّرِ ببعضها واضحة وكأنَّها جسدان بروح واحد أَو روحان بجسد واحد، تلك الحالة لا نجدها ظاهرةً بالشكل الذي نجدها في الحالة اليمنية الفلسطينية، إنها مزيجٌ من الكرامة والشموخ والجهاد معاً إلى حَــدِّ التطابق الزمني في أحداثها؛ فحينما تنتصر غزةُ تنتصرُ اليمنُ، والعكسُ عندما تنتصرُ اليمنُ يكونُ أثرُ هذا الانتصار في غزّة، وهذا ما أربك العدوّ الصهيوني والأمريكي؛ فحاول أن يوقف هذا الارتباط المصيري، موجِّهاً سخطَه وآلته الحربية باتّجاه اليمن، لم يكن العدوان الأمريكي البريطاني يستهدفُ اليمنَ لولا معرفتهم بأن اليمن هي فلسطين وفلسطين هي اليمن.
عندما وقفت أمريكا بكل ثقلها العسكري والسياسي ضد أي قرار لوقفِ مجازر الكيان الصهيوني فهذا دليل أن العدوانَ على غزة ليست صهيونيًّا فحسب، إنما أمريكيٌّ وغربيٌّ بامتيَاز؛ فمن يدعم الكيان الصهيوني هو ذلك الذي يعتدي على اليمن دون أي مبرّر غير أن اليمن قامت بما يجب على كُـلّ عربي ومسلم أن يقوم به، وكذلك على كُـلّ من يحمل ذرة من إنسانية في هذا العالم؛ شتانَ ما بين من يمنعُ ارتكاب المجازر بحق مجتمع عربي مسلم وبين من يدعم القاتل أَو يشُنُّ حربًا على من يدافعُ عن المظلومين.
إنها أمريكا التي تشاركُ العدوَّ الصهيوني بقذائفها وقنابلها وصواريخها في مجازره بحق أطفال ونساء غزّة، وتشارك العدوّ في تجويع الشعب الفلسطيني في غَزّة، وتقف حائلاً دون أي قرار يدين ما يرتكبه العدوّ الصهيوني من مجازر، وتُلجِمُ كُـلّ المنظمات الإنسانية والحقوقية فأصبحت تلك المنظمات الدولية شريكةً بصمتها وخضوعها للضغوط الأمريكية.
إنها أمريكا التي تسعى بكل ما أُوتيت من قوة لتشكيل أحلاف تحت مسميات مختلفة لوقف ما تقوم به اليمن من أعمال إنسانية لتُجبر الكيان الصهيوني على وقف عدوانه وحصاره على غزّة، إنها أمريكا بتصرفها وسلوكها الإرهابي التي أجبرت كُـلّ من يخضع لأوامرها إمَّا بمشاركتِها في العدوان على اليمن أَو التزام الصمت كما هو حاصل في بعض الدول العربية الإسلامية.
ومن خلال معرفتنا بالسلوك الأمريكي فَــإنَّنا أمام دولة تلبَّست بالإرهاب فكراً وسلوكاً؛ فإذا كان كُـلّ هذا السلوك الأمريكي ليس إرهاباً فما هو الإرهاب إذاً؟! إذَا كان من حق الأمريكي أن يطلقَ على أي شعب يعارِضُ سياستَه وسلوكَه الوحشي إرهابياً؛ فمن حق أي شعب ودولة أن تصنِّفَ أمريكا بالدولة الإرهابية.