أبعادُ ودلالاتُ مسير “الجهاد المقدَّس” لقوات الحماية الرئاسية
أحمد عبدالله المؤيد
لم تتوقف مظاهر الحراك الجهادي الشعبي، بين أبناء الشعب اليمني، وخُصُوصاً بعد يوم السابع من أُكتوبر، من العام المنصرم، حَيثُ انطلق بانطلاقة تلك العملية، التي هزت الكيان الصهيوني الغاصب، وكان نعم العون والسند، مباركاً وداعماً ومؤيداً لها إعلامياً ومالياً وميدانيًّا، في مسيرات مليونية، تملأ الساحات بشكل أسبوعي، وعلى الصعيد العسكري كان حضور الجيش اليمني، هو الأبرز والأقوى، باتِّخاذ أصعب القرارات، وأعظم وأخطر المواقف، في الدخول المباشر على خط المعركة، وتوجيه أعنف الضربات وأقساها على العدوّ الصهيوني، وهذا هو الموقف، الذي عبر عن وجدان الشعب اليمني، ومثَّل صميم رغبته وطموحاته، فاندفعت جموع غفيرة من خيرة أبنائه وشبابه، للالتحاق بالتشكيلات العسكرية، من خلال المواقع والمعسكرات التدريبية للجيش اليمني، معلنين توقهم وشوقهم ورغبتهم الصادقة، واستعدادهم الكامل لخوض المواجهة القادمة، ضد العدوّ الصهيوأمريكي، فكان من نصيب معسكرات التدريب، الخَاصَّة بقوات الحماية الرئاسية، ما يبلغ قوام ثلاثة ألوية، بعدد يقارب ثلاثة آلاف مقاتل، كدفعة تدربت وتخرجت من ميادين التدريب، بعد دورات عسكرية عالية، شحذت هممهم، ورفعت مستواهم القتالي، وتعلموا من خلالها مختلف فنون ومبادئ القتال الدفاعية والهجومية، مع معرفة وإتقان استخدام السلاح الخفيف والمتوسط.
إنَّ هذه الدفعة ليست سوى دفعة واحدة، ضمن قوة واحدة، وما زال الشعب اليمني، يرفد معسكرات التدريب، في مختلف التشكيلات والوحدات القتالية، للقوات المسلحة اليمنية، وبأعداد تذهل العدوّ، وتؤكّـد على عظمة وعنفوان هذا الشعب.
تكللت الدورة العسكرية، بمسير “الجهاد المقدس”، الذي قطع فيه المقاتلون، مسافة أكثر من مئة كيلو متر، سيراً على الأقدام، بمعنويات عالية، ورؤوس شامخة، لن تركع للصهيوأمريكي، بل ستركِّعه هو، وتجعله يبحث عن وسيط، يخرجه من مغبة مأزقه.
لقد كشف مسير “الجهاد المقدس”، مدى الروحية والإصرار لدى المقاتلين، وكشف أَيْـضاً مدى التناغم والانسجام العملياتي، ومستويات التنسيق العالي، بين وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، التي سارعت بمختلف تشكيلاتها واختصاصاتها، إلى تأمين منطقة المسير، وتكثيف الانتشار الأمني والدوريات، في مختلف مديريات محافظة البيضاء، وبعض مديريات محافظة مأرب، للحفاظ على أمن وسلامة المسير، من أية عملية معادية؛ كون المنطقة حساسة جِـدًّا، وعلى مقربة من تواجد عملاء تحالف العدوان، والظروف الأمنية بالغة الخطورة، ومسؤولية تأمين المسير كبيرة.
إنَّ هذا المستوى العالي من التكامل العملياتي، والانسجام والتفاهم الأدائي، بين مختلف مؤسّسات ووزارات الدولة، في إطار الدعم والإسناد فيما بينها، لتحقيق الأهداف الوطنية العليا، يعكس أهم العوامل والمرتكزات، في رؤية بناء الدولة اليمنية الحديثة، في صورتها القوية، وتموضعها السيادي والريادي.
يكتمل مشهد الارتباط الوثيق، بين الشعب اليمني العظيم وقواته المسلحة، حينما تشاهد المواقع التدريبية للقوات المسلحة، وهي ممتلئة بأعظم الرجال، الذين يتدربون، ويلتحقون بصفوف الجيش، للجهاد في سبيل الله، بشكل دائم ومُستمرّ، وبمعادلة يمنية تُعَذِّبُ العدوّ، وتحطم آماله وتوهن عزائمه، فكلما تزايدت حماقة العدوّ أكثر، أَو صعَّدَ في الميدان أكثر، يتزايد اندفاع أبناء الشعب اليمني، إلى مواقع التدريب أكثر وأكثر، وبهذه المعادلة سيُقْهَرُ العدوّ، ويتقهقر بقوة هذا الشعب وإصراره، وبمشروعية وأحقية قضيته.
إن تخرج دفعة “الجهاد المقدس”، لقوات الحماية الرئاسية، واستمرار عمليات التدريب، وتخرج الدفعات تلو الدفعات، من كافة التشكيلات والوحدات العسكرية، للقوات المسلحة اليمنية، دليل على القدرات العالية للقادة العسكريين، الذين بلغوا من القدرة والكفاءة والخبرة، أنهم أصبحوا على استعداد لاستيعاب وإدارة وتدريب، وقيادة شعب بأكمله، فضلاً عن قيادة جيش منظم مدرب مجهز، ذلك؛ لأَنَّهم اكتسبوا المعارف والخبرات القتالية والقيادية، من واقع ميادين وجبهات المواجهة، خلال معارك وحروب، استمرت لأكثر من خمسة عشرة سنة، كان آخرها تحالف العدوان والشر والنفاق، في عام 2015م.
يمكن القول إن هذا الشعب العظيم، وهؤلاء القادة المخلصون، وهذا الجيش الفدائي المؤمن، المتوُّج بقيادة العلم المجاهد السيد القائد، عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- يمثلون ورقة الرهان الرابحة، في حسم هذه المعركة المصيرية، ومحو كُـلّ مظاهر هيمنة الصهيونية اليهودية العالمية من الوجود، وتخليص البشرية من مخاطرها وشرورها.