لا عاصمَ لـ “إسرائيل” من الزوال
توفيق عثمان الشرعبي
لم يكن الوطنُ العربي في يومٍ ما أحوجَ منه إلى الصراحة والوضوح كما هو اليوم، لاتِّخاذ قرار استراتيجي يحدّد علاقات الدول العربية فيما بينها البين وبينها وبين العالم الخارجي، وإعادة النظر في موقفها السياسي برمته على أَسَاس موقفها من قضية فلسطين، والذي بدأه اليمن بموقفه الشجاع وأعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة؛ باعتبارها محوراً للسياسة العربية المعاصرة ومركزاً للصراع العربي الغربي..
ما كان لـ “إسرائيل” أن تقوم بارتكاب مجازر الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين مهما كان الدعم الأمريكي والغربي لها لولا مواقف الأنظمة العربية والإسلامية المتخاذلة والمخاتلة والخيانية!!
أصبح من الضروري إعلان نبذ سياسة المهادنة وغربلة مواقف الأنظمة الوظيفية والمطبعة وتعريتها أمام شعوبها والقوى الحرة، بعد أن حدّدت تلك الأنظمة مواقفها الداعمة لإسرائيل سواءً تلك الخيانية التي تلعب على كُـلّ الأطراف أَو تلك التي لا تزال تتستر وتتلطى خلف مواقف مخزية، أَو تلك الأنظمة المارقة التي أسفرت عن وجهها وقبح مواقفها الداعمة لإسرائيل بكل تبجح.!!
إسرائيل تستأسد على الشعب الفلسطيني بمواقف الأنظمة العربية التي تجد مصلحتها البقائية رهنًا باستمرار وجود إسرائيل!!
والشعب الفلسطيني ومقاومته يدركون من وقت مبكر دور الأنظمة الوظيفية والمطبعة في التآمر على قضيتهم، مستوعبين الارتباط الوثيق بينها وبين الكيان الغاصب وانزلاقها إلى علاقة أحط وأخزى، علاقة منحرقة ومنحازة وفاسدة في أَسَاسها، وأنه لولا إغداق تلك الأنظمة بالمساعدات على إسرائيل لكانت قد أفلست داخلياً!!
بل إن بعض تلك الأنظمة وتحديداً في الخليج قد أضحت -سياسيًّا وفي حساب القضية الفلسطينية- المعادِلَ الموضوعي للصهيونية ذاتها!!
أما القيادة الثورية والسياسية في اليمن عندما اتخذت قرارها واستشعرت مسؤوليتها التاريخية وغلبت الصالح الديني والإنساني والأخلاقي والقومي على غيره من المصالح مهما بلغت أهميتها -لم تكن تعول على أي موقف مساند من الأنظمة الوظيفية والمطبعة؛ لأَنَّها تدرك منذ البداية أن الخيانة تشجع على الخيانة وأن التخاذل يؤدي إلى التطبيع مع إسرائيل، وأن تلك الأنظمة تتخذ من مواقف (محور المقاومة) مبرّراً لمزيد من التخذيل ونشر روح التسليم وحجّـة لتصفية القضية الفلسطينية.
فإذا كان حامي “إسرائيل” وحارس الأنظمة المطبعة واحد هو أمريكا.. ومورد السلاح لإسرائيل ذاته مورد الأسلحة للأنظمة المطبعة هو أمريكا، فلن تزول “إسرائيل” إلا بزوال تلك الأنظمة؛ لأَنَّ استمرارها يعني استمرار ألاعيبها وتحَرّكاتها ومعاركها الجانبية والعبثية والهامشية وتكريس الجهد والمال لمحاربة (محور المقاومة) الذي ترى فيه خطراً يفوق خطر الصهيونية.
معركتنا ضد الصهيونية مصيرية ومقدسة ولا تحتمل المواقف المتخاذلة والخيانية للأنظمة المطبعة والمتواطئة مع إسرائيل، ولهذا فهي معركة تفرض العودة إلى الشعوب واستنفار قواها الثورية لتقوم بدورها.
فقضية المصير في لحظة تاريخية مصيرية لا تقبل أنصاف الحلول أَو المساومات، والشعوب العربية متلهفة للبذل والجهاد، ومتحمسة ومتحفزة لأن تقوم بدورها وتملي إرادتها؛ مِن أجل قضيتها الأولى.
فعندما تتحَرّك الشعوب لن تستطيع أمريكا ولا الغرب أن يحموا “إسرائيل” من الزوال.