أمريكا.. دعمٌ قويٌّ ومُستمرٌّ لـ “إسرائيل” وَمواقف صارمةٌ لصالحها
أمل عباس الحملي
من خلال هذا المقال التحليلي سنتفحص الأسباب والحيثيات الداعمة لهذه العلاقة الوثيقة ونلقي نظرةً شموليةً على النتائج والمآلات.
تاريخيًّا، تعود علاقة الولايات المتحدة مع إسرائيل إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الحين تواصلت العلاقة بتطور مذهل وتعاون شامل في العديد من المجالات بما في ذلك الأمن والدفاع والاقتصاد والسياسة الخارجية أحد الأسباب التي تعزز تلك العلاقة هي القيم والمبادئ المشتركة بين البلدين مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، لعبت لوبيات قوية في الولايات المتحدة، مثل المؤسّسات اليهودية الأمريكية دوراً هامًا في تعزيز الدعم لإسرائيل والدفاع عن مصالحها وتعتبر المصالح الاستراتيجية والأمنية لأمريكا في الشرق الأوسط بما في ذلك مكافحة الإرهاب وضمان استقرار المنطقة عوامل أُخرى تدعم تلك العلاقة.
وعلى الصعيد الدولي، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز قوة إسرائيل وموقعها في المجتمع الدولي من خلال استخدام النفوذ السياسي والاقتصادي والدبلوماسي على سبيل المثال تقدم الولايات المتحدة دعمًا مالياً سخياً لإسرائيل وتستخدم حق النقض في مجلس الأمن لحمايتها من أية إجراءات تدينها أَو تعرض مصالحها.
مع ذلك، يثير هذا الدعم المُستمرّ لإسرائيل انتقادات ومعارضة من قبل العديد من الأطراف يرون أنها تفقد مصداقيتها في تحقيق العدل والتوازن في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمنطقة بشكل عام وَيعتبر البعض أن هذا الدعم الفعال يعرقل جهود السلام ويعزز الاحتلال والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
وعلى الصعيد الداخلي في الولايات المتحدة هناك انتقادات وجدالات متعددة تواجه دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في المجتمع الأمريكي ومن بين الانتقادات الرئيسية التي تطرحها بعض الجماعات والأفراد:
1- توجّـه السياسة الخارجية: يعتبر بعض النقاد أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يتعارض مع القيم والمصالح الأمريكية في المنطقة، يعتبرون أن الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل يؤثر سلباً على العلاقات الأمريكية مع الدول العربية والإسلامية ويمكن أن يكون له تداعيات سلبية على سمعة الولايات المتحدة في المنطقة.
2- الاعتماد العسكري الكبير: تعتبر بعض الانتقادات أن الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل يسهم في زيادة التوترات والصراعات في المنطقة، يرون أن هذا الدعم العسكري يشكل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة ويزيد من احتمالات نشوب الصراعات.
3- التأثير السياسي واللوبي: يثير دور اللوبي الإسرائيلي في السياسة الأمريكية انتقادات كبيرة، تعتبر بعض الجماعات أن القوة والتأثير السياسي للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة يؤثر على صنع القرار الأمريكي ويحد من الحيادية والعدالة في السياسة الخارجية الأمريكية.
4- التكلفة المالية: يشكك البعض في القيمة المالية للدعم الأمريكي لإسرائيل ويعتبرون أنه يكلف الضرائب الأمريكية مبالغ ضخمة وَهذه النقطة ترتبط أَيْـضاً بالمطالبة بتوجيه تلك الأموال إلى القضايا الداخلية مثل التعليم والرعاية الصحية.
5- الحقوق الإنسانية والعدالة الاجتماعية: يركز بعض النقاد على اتّهامات انتهاك حقوق الإنسان من قبل إسرائيل في التعامل مع الفلسطينيين، وتشمل هذه الاتّهامات انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة والتمييز العنصري والحصار الاقتصادي للقطاع الفلسطيني، يرى بعض النقاد أن الدعم الأمريكي يعزز هذه الانتهاكات ويمنح إسرائيل حصانة دولية.
6- القضية الفلسطينية: ينتقد بعض الأفراد والجماعات سياسة الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يرون أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يعرقل تحقيق العدالة والحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويؤثر سلباً على حقوق الفلسطينيين وحظوظهم في إقامة دولتهم المستقلة.
تتفاوت هذه الانتقادات في الشدة والرؤى وتعكس مجموعة متنوعة من الآراء في المجتمع الأمريكي، ويجب ملاحظة أن هناك أَيْـضاً أصوات داخل الولايات المتحدة تدعم العلاقة الوثيقة بين البلدين وتروج للدعم المُستمرّ لإسرائيل.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن تكون هناك عواقب محتملة للعلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من بين هذه العواقب:
1- تأثير على السياسة الخارجية الأمريكية: يمكن أن يؤثر الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلاقاتها مع الدول الأُخرى في المنطقة، قد يصبح من الصعب على الولايات المتحدة تحقيق التوازن في العلاقات الإقليمية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية الأُخرى.
2- تأثير على العلاقات الأمريكية العربية: يمكن أن يزيد الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل من التوترات في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية.
قد يؤدي ذلك إلى تقليل الثقة والتعاون بين الولايات المتحدة وبعض الدول العربية، وقد يؤثر على جهود الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
3- تأثير على العملية السلمية: قد يؤثر الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل على الديناميات المتوازنة لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قد يعتبر الجانب الفلسطيني أن الولايات المتحدة غير محايدة ولا تستطيع توفير الوساطة العادلة والمستقلة في المفاوضات.
4- تأثير على الأمن والاستقرار: قد يؤدي الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل إلى زيادة التوترات والصراعات في المنطقة، مما يؤثر على الأمن والاستقرار الإقليمي قد يزيد هذا الدعم من عداء الدول العربية والإسلامية تجاه الولايات المتحدة.
خلاصة القول، يمثل دعم أمريكا العلني لإسرائيل تحولاً مهما في الشرق الأوسط ويعكس توجّـهاً استراتيجياً في العلاقات الدولية.
وعلى الرغم من النتائج المؤيدة لإسرائيل فَــإنَّها تثير أَيْـضاً تساؤلات وإشكاليات عديدة فيما يتعلق بالعدالة وتحقيق السلام والمصالح الوطنية الأمريكية..
وختامًا من المهم أن نتذكر أن هذا التعارض والتأثير ليس مقتصراً على المجتمع الأمريكي فقط بل ينعكس أَيْـضاً على المستوى الدولي في سياسة العديد من الدول والمنظمات حول العالم.
تظل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل موضوعاً حساساً ومتنوعًا وتتأثر بالعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية وقد تستمر جهود الجماعات والمنظمات في تعزيز الوعي والتغيير وقد تتغير السياسات والمواقف مع مرور الوقت.