أمريكا في الشرق الأوسط تحترق
منتصر الجلي
بحلول الشهر الخامس لانطلاقة عملية “طُـوفان الأقصى” المباركة، وتسجيل ذات العدد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تستمر حربُ الإبادة الجماعية التي لم تحصل من قبل، في ظل صمت عالمي مريب، وإبادة جماعية متعددة الأساليب والوسائل وإدخَال سكان القطاع في شلل من الموت البطيء من منع للغذاء والدواء والماء وجميع مقومات الحياة، وُصُـولاً إلى المساعدات ذات الشكل المحدود التي كانت تقدمها منظمة الأونروا، والتي أصبحت هي الأُخرى محطة استهداف لإسرائيل ومنع مساعداتها من الدخول بكافة أشكالها.
مرحلة يعيشها أهلُنا في القطاع وآمالهم صوب الأُمَّــة العربية وعالمنا الإسلامي، ناظرين صوب منافذ أغلقت وزعماء أوصلوا المساعدات للعدو لإسرائيلي ولم يرهقوا أنفسهم بإيصاله إلى أبناء جلدتهم في غزة.
ملحمة تحقّق خلالها غربلة المواقف وفرز الأنظمة والشعوب، وقد تجلى خلال ما مضى من فترة العدوان التباين الشاسع بين أبناء الأُمَّــة وعالمنا الإسلامي، تخاذل شديد لغزة وأهلها ومساندة غير مسبوقة للكيان الإسرائيلي، خُصُوصاً والجسر الجوي والبري ما بين كيان الاحتلال وقادة الدول المطبعة من المسماة عربية، كالسعوديّة والإمارات والأردن والتي سارعت جميعها لفتح جسر بري للشحنات الإسرائيلية، رابطاً الأردن بالمملكة والإمارات والهدف إسرائيل.
نافذة برية وجد فيها كيان العدوّ فرصة ذهبية ومنجاة له من لهب البحر الأحمر، والذي جعلت منه القوات البحرية اليمنية سداً منيعاً أمام حركة الملاحة إلى فلسطين المحتلّة والموانئ الإسرائيلية أبرزها إيلات ناحية البحر الأحمر، حسب تقديرات نشرت لكيان العدوّ أنه خلال الفترات الأخيرة بلغ إجمالي تراجعه ما يقارب 3 مليارات دولار أمريكي، معادلة فرضتها اليمن حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن أهلنا في غزة.
لم يطِب للأمريكي ذلك الحجر العسكري الذي فرضته القوات اليمنية والشعب اليمني على ملاحة كيان العدوّ، ليسارع لعسكرة البحر الأحمر، عبر تحالفات غربية حشد لها لتحويل أهم ممر عالمي إلى ثكنة عسكرية تحت حجج فارغة المضمون، ذات قوالب سوداوية بجرائم الاحتلال في قطاع غزة.
في المقابل تابع الجميع المشهد اليمني البارز الذي أقَضَّ مضجعَ اللوبي الصهيوني ليحشر أمريكا وبريطانيا في العدوان على دول محور المقاومة عبر عمليات الاغتيالات المختلفة، والقصف الجوي والبحري والتهويل الإعلامي وفزاعة الإرهاب، أساليب عديدة لجأت إليها أمريكا في محاولة لكسر الحصار على كيان العدوّ من جهة البحر، وكبح هجمات المقاومة في شمال لبنان والعراق وغيرها.
فتيلٌ من الصراع بين محور الشر الأمريكي والخير والعدل والتحرّر المقاوم، معركة طالما حسب لها مراقبون وقوعها، وهَـا هي تجلياتُها تظهر من خلال الانزعَـاج البريطاني والأمريكي من عمليات الوجع الكبير لليمن في البحر وللمقاومة على مختلف الجبهات، من سوريا إلى العراق إلى شمال لبنان، جميعها لكسر الحصار ورفع العدوان عن غزة، رغم كُـلّ ذلك لا يريد الأمريكي وقف التصعيد وخفض ملامح التوتر القائم في منطقة الشرق الأوسط، من خلال جره المنطقة للحرب الإقليمية والتي حذر منها الكثير لدقِّ المسمار الأخير في نعشه وخروجه من المنطقة.
فالعدوان على اليمن وآخرها عشية البارحة والتي استهدف فيها 6 محافظات بـ 48 غارة ليست في قاموس اليمنيين والشعب اليمني شيئًا، مُجَـرّد هرطقات لا تغير من موقفه الراسخ والمبدئي تجاه غزة قيد أنملة، بل تزيد من تصاعد الهجمات على جميع المصالح الأمريكية في المنطقة، واستهداف قواعده وبوارجه العسكرية وكلّ ما له علاقة به وكيان العدوّ وبذات الصدد البريطانية.
“غليان قدر” على ثُنائية الانفجار والتصعيد بمثله والصاروخ بمثله، والجروح قصاص، واستهداف ما تم استهدافه في خلال 8 أعوام من العدوان الذي قادته أدوات الوكالة النظامين السعوديّ والإماراتي على اليمن، أهداف فاشلة، وجميع المعطيات تدلل على ذلك فشل بريطاني أمريكي ذريع بكل تلك الهمجية والهالة الأمريكية التي كانت فزاعة العالم، أصبحت اليوم أضحوكة العالم بزعامة إدارة بايدن، والتي تحاول أن تحقّق بالسياسة ما لم تحقّقه بالقصف وقوة السلاح خلال الزيارة التي يجريها وزير خارجيتها للمنطقة من 4-8 من فبراير/ شباط الجاري، للسعوديّة وقطر والأردن وكيان العدوّ والضفة الغربية، زيارة لبحث مِلفاتٍ لا تقدم أي شيء، لا على المستوى البحري أَو الهجمات التي تنال قواعده في المنطقة، لا حَـلّ يلوح في الأفق اليوم أمام الإدارة الأمريكية سوى وقف التصعيد وإيقاف العدوان عن غزة وإدخَال المساعدات ودفع ضريبة حرب الإبادة والخروج من المنطقة وبيدها كيان الاحتلال إلى الأبد.