“شهيدُ القرآن” قتلوه ولكن مشروعَـه أحيَــانا
بُشرى خالد الصارم
من بين حروب شرسة، وهجمة عالمية تكابد عنائها أبناء المنطقة وكل أحرار وشرفاء مدينة صعدة الأبية وكل من نهج نهج الشهيد القائد والتحق بمسيرته المباركة من مختلف المحافظات، صدح المشروع القرآني، وعلا صوته على كُـلّ منبر وعلى كُـلّ المجالس، وعلا نجمه في الأفق وبدا كالشمس في كبد السماء لم تستطع يد الطاغوت أن تصل إليه، ولم تستطع أفواه الأبواق الوهَّـابية واليهودية أن تطفئه، ولم تستطع أسلحة الشرق والغرب أن تردعه؛ فهو مشروع الله ومشروع كتابه الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، مشروع إسلامي إيماني إنساني وعالمي تقدم من منطلقات قرآنية وحلول من آيات الفرقان لمعالجة ما تعانيه الأُمَّــة الإسلامية من ذل وتبعية وانحطاط حضاري جعلها فريسة سهلة يستلذ بها كُـلّ الظلمة والمفسدين والمستبدين لقوى الاستعمار الأمريكية والصهيونية.
مشروعٌ نهجُه قرآنيٌّ كان له الحضور الوطني الكبير وكان له الدور الحاسم في التصدي لمشاريع وخطط الفتنة التي تربصت وتجذرت باليمن أرضاً وإنساناً، وتلقى استجابةً لدى مختلف أطياف المجتمع اليمني، وأصبح مشروع حق في زمن الباطل.
مشروعٌ أسّسه ذاك الرجل الذي تكالب عليه الأعداء الأوباش الظالمون من تجار الحروب والإنسانية والوطن، في ثاني أكبر جريمة تشهدها الأُمَّــة الإسلامية بعد حادثة عاشوراء ارتكبها أعداء الدين والإسلام متمثلة بـ يزيد هذا العصر صاحب النظام المجرم والعميل، تكالبوا واعتدوا عليه في ظل شراكة دولية، حتى فرض عليه وعلى أهل بيته والقليل من أنصاره، حصاراً مطبقاً؛ ليثنوه على ما بدأه ويوقفوا مشروعه الحق والعظيم، ولكنه -رضوان الله عليه- كان مدرسةً في البذل والعطاء والصبر والتحمل والإحسان والإيمان، صمد وصبر وتجلد وقاوم وقاتل، ولم يحني لقوى الاستكبار رأسه حتى لقي اللهَ في مكان حصاره وارتقت روحه الطاهرة إلى جوار خالقها وجوار جده محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله، وجوار آبائه من آل بيت جده وعترته.
باستشهاده منحنا الحياة من حياته، والقوة والكرامة والعزة من دمه، والسمو والمجد من صدقه وصبره وثباته، منحنا بروحه أقدس وأعظم ثورة قادها بكل اقتدار وصبر وثقة بالله سبحانه، فوصلت لنا رغم عداء المعتدين له، ورغم تجبرهم وخيانتهم له، ورغم طغيانهم وسعيهم لإطفاء مشروعه وإماتة ذكره في وجدان من حوله، فأحيا فينا أُمَّـةً تعشق الشهادة، وتناصر الحق، وتبطل الباطل وتزهقه، أحيا فينا روح القرآن، وروح الإيمان والإسلام، وحب رسوله وآل بيته الطاهرين، أحيا فينا العداء لأعداء الله ومحاربتهم والتصدي لهم بكل قوة وثبات وعزيمة، مات واستشهد ولكنه بقي فينا حيًّا لن ولم يمت.
فقد قدم لنا مشروعا قرآنيا في زمن تعيش فيه الأُمَّــة حالة فراغ وتخبط يعبر عن فقدان الذات والهُــوِيَّة، وغياب الرؤية الحق السمحة في الأُمَّــة، فتتجاذبها الثقافاتُ الضالة، والمفاهيم الخاطئة وتداعت لها الأمم الغربية بشراسة؛ مما أفقدها توازنها وإيمانها، فكان مشروعُه القرآني أهم مشروع إسلامي وحضاري مستقل وقوي وجذاب فرض حضوره في الساحة الإقليمية والعالمية، مشروع قرآني نهضوي مقدس جعل مصير وحياة الأُمَّــة مرتبط به فهو مشروع من هدى الله، الهدى المقدس والمنقذ والمخلص للناس وللأُمَّـة.
وتجلت عظمة مشروع الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في عظمته وعالميته وصفائه ونقائه، وتجاوزه لكل القوالب المناطقية والطائفية والمذهبية فنهجه هو نهج القرآن الواسع الشامل، فهو مشروع واسع الأفق بوسع ملك الله، وعالمي الرؤية برؤية العالم البصير، فهو لا يقتصر على الثقافة فقط أَو الدين، لا؛ فهو مشروعٌ شامل لكل جوانب الحياة الدنيوية والأخروية، بجانب أنه مشروع حيوي ونشط له القدرة على المواكبة والبناء لكل عصر ولكل زمن.
إنه مشروع خرج من واقع المعاناة والألم والدم، مشروع يتطلب منا جميعاً المحافظة عليه وصونه بدمائنا وأرواحنا، وقبل ذلك حسن فهمه واستيعابه وإيصاله إلى الناس ولكل شعوب الأُمَّــة والتحدث عنه بجماله وروعته وبمرونته وعظمته.
لك منا يا سيدي الولاء والفداء لمشروعك العظيم، وإنّا على نهجك سائرون، وعلى دربك ماضوْن، ولك منا الوعد والعهد أننا لن نفرط بمشروعك العظيم ولن نقصّر بإذن الله في المضي فيه وتطبيقه.
سلام الله ورضوانه على روحك الطاهرة الزكية.
الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام.