التواجُدُ الأمريكي في اليمن.. أسبابٌ ونتائج
عبدالله علي هاشم الذارحي
معلوم على أن أمريكا تواجدت في اليمن منذ زمن مبكر، فقد صنعت لنفسها مبرّرات للتواجد، وسمحت قيادات اليمن آنذاك لها بالدخول إلى اليمن والتواجد فيه، رغم أن دستور اليمن لا يسمح لأي مسؤول أن يسمح لأمريكا بدخول اليمن كما أن القضاء اليمني لا يسمح بذلك، وقد بيّن الشهيد القائد (ع) في محاضرته الموسومة بـ “خطر دخول أمريكا اليمن” التي ألقاها بتاريخ 3 فبراير 2022م في صعدة، فكل ما ورد بكلامه عن خطر دخول أمريكا اليمن تحقّق بالفعل، فأمريكا تصنع المبرّرات لدخولها ثم عند دخولهم يسعون لتحقيق أهدافهم، وضرب الشهيد القائد مثالًا بدخول أمريكا أفغانستان..
وقال (ع) عن الأمريكيين إذَا “دخلوا اليمن، وكما قال الله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} (النمل – من الآية 34)، لا تدخل الشركات الأمريكية بلداً إلا وتنهب ثرواته، إلا وتستذل أهله، لا يدخل الأمريكيون بلداً إلا ويستذلون أهله، لكن بأي طريقة؟ عن طريق الخداع لحكوماتهم ولشعوبهم، تبريرات يصنعونها، ونصدقها بسرعة، ونوصلها إلى بعضنا بعضًا”..
ومعلوم أن أول تواجد لأمريكا في اليمن كان بدعوى مكافحة الإرهاب، وهي التي صنعت الإرهاب لتبرّر دخولها إلى اليمن وإلى غيرها من الدول كأفغانستان التي ذهب من اليمن بعض شباب الإخوان ليقاتل بصف أمريكا وبموافقة رئيس اليمن ثم في العراق أَيْـضاً، فمن ذهب للقتال مع أمريكا هناك عادوا فكانوا هم الإرهابيين الذين برّروا لأمريكا دخولها إلى اليمن، ففي 12 أُكتوبر 2000م نُفِّذَت إحدى العمليات الانتحارية على ناقلة عسكرية أمريكية بحرية “يو إس إس كول” USS Cole في ميناء عدن في اليمن وكانت الناقلة راسية في المياه اليمنية لغرض التزويد بالوقود.
بعدها دخلت أمريكا عسكريًّا إلى اليمن بمبرّر مكافحة الإرهاب!! وهي هي أُمه وأباه، وأن أمريكا لا عهد لها ولا ذمة ولا تعترف بالجميل لمن خدمها وسهل لها الدخول إلى اليمن، والأمثلة على ذلك كثيرة.
بالتالي فقد شدّد الشهيد القائد على أهميّة التحَرّك وإعداد العدة والوعي بمخاطر التواجد الأمريكي، وحذر من التخاذل، فقال (ع): “من عظمة الإسلام أنك عندما تتحَرّك له تجد كُـلّ شيء يخدمك حتى أعداؤك”، وبيّن أن التحَرّك هو موقف الحق فقال: “إن تحَرّكك في مواجهة أعداء الله يُحسب له ألف حساب، سيكون ذلك من جانبهم شهادة لك بأن موقفك حق؛ لأَنَّ عملك ضدهم هو منطلق من ماذا؟ من حق أليس كذلك؟ أي أن هذا الحق حرك الباطل هناك، فلو كان موقفي باطلاً لكان منسجماً مع ذلك الباطل، أليس كذلك؟؛ لأَنَّ الحق ضد للباطل، والباطل ضد للحق لا ينسجمان”، وشدّد علينا بقوله (ع): “كُـلّ عمل يبرّر تواجدهم كن أنت من يقف ضده، كن أنت من يفضحه أمام الناس، كن أنت من يقول إنه خداع”.
صدق الشهيد القائد في كُـلّ كلامه الذي تكلم به بكل محاضراته ودروسه عن أمريكا الشيطان الأكبر، التي صنعت المبرّرات لدخولها اليمن ثم أوعزت لعملائها بشن الحروب الست بدايةً على حليف القرآن الشهيد القائد في صعدة، وأدت إلى استشهاده يوم الجمعة الـ26 من شهر رجب 1425هـ، الموافق 10 سبتمبر 2004م وستحل علينا هذه الذكرى الأليمة بعد أَيَّـام قليلة، فعظم الله أجر السيد القائد وكلّ أحرار اليمن والمقاومة بهذه الذكرى الأليمة وثبتنا الله على خطى شهيد القرآن.
ويبقى السؤال التالي “هل حقّقت أمريكا باستشهاد الشهيد القائد أهدافها؟”!
الجواب لا، فـباستشهاده أحيا الله به شعب اليمن خَاصَّةً والأمّة كافة، وأتت النتائج بعكس أهداف أمريكا تماماً، بدليل انتصار ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م.
خابت كُـلّ آمال أمريكا في اليمن فعمدت إلى التواجد العسكري في اليمن فشكلت تحالفًا دوليًّا ضم أكثر من 17 دولة بمبرر إعادة شرعية من لا شرعية له ليحكم اليمن، وما أن أيقنت أمريكا بعدم تحقيق تحالف شرها لأهدافه فرضت الحصار البري والبحري والجوي على أحرار الشعب اليمني فلم يزدهم هذا إلَّا صموداً وثباتاً ومواجهةً وانتصارات تحقّقت بكل مجال، حينها قرّرت أمريكا نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعمدت قطع المرتبات على كُـلّ الموظفين في المحافظات المحرّرة، ومنذ ذلك الحين للآن ونحن في العام التاسع ما زلنا ثابتين صامدين متصدِّين للعدوان ومتحدين للحصار وانقطاع الرواتب وعلى أمريكا منتصرين..
فنحمد الله ونشكره على نعمة الهداية والقيادة ممثلة بالسيد القائد الحكيم، البطل، الشجاع، مجدد العصر وفخر الأُمَّــة..