رجلٌ من أقصى المدينة
صفاء العوامي
في زمنٍ ساد فيه الظُّلم والفساد، وما بقي من الدين إلا اسمه وَمن القرآن إلَّا رسمه وأصبح طُغاة الأرض يضربون فيها بيدٍ من حديد، فلا يُعصى لهم أمر ولا يُستنكر عليهم منكر، يسفكون الدماء، وينهشون القيم والأخلاق، ويستبيحون الأرض والعرض، لا يخافون ملكاً ولا سلطاناً، فقد استعملوهم فأصبحوا لهم عملاء، يعيثون في الأرض فساداً، دون زاجر أَو رادع، أصبح المعروف لا يُؤمر به والمنكر لا يتناهى عنه؛ بل وصل الحال إلى أن يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً يُتباهى به ويُدعى إليه، حتى أن من يرى الدنيا فانية ويريد أن يعمل لدار الآخرة الخالدة لا يفقه الطريق الصحيح، فيظلُ متخبطاً إلى أن تتلقفهُ أيادي المتأَسلمين المتصهينين كداعش والوهابية، فيجروهم لتحقيق أهداف الطغاة باسم الدين فكادت الأُمَّــة أن تهوي إلى الهاوية.
حتى جاء من أقصى البلاد رجل يسعى منادياً فينا، ليستنهض العباد وينفض عنهم غبار الذل والهوان، سعى بينهم ناصحاً ومذكراً حاملاً على أكتافه همّ الأُمَّــة وعزها، يستوطنهُ هَمُّ الأُمَّــة ومصيرُها، مستصغراً لا يرى الطغاة إلَّا قشة، وأيامهم إلا عدة وعتادهم وقوتهم أوهن من بيت العنكبوت.
كان يحمل عليه السلام، من الصفات ما أَهَّلهُ ليدعُوا فيُستجاب له، كان لِحُسن خُلقهِ أهلٌ، لم يكن فظًّا غليظًا، كان قريباً إلى القلوب، باذلاً للروح، مقابل نهوض هذه الأُمَّــة، كُـلّ من عرفه عرف التواضع والوقار وحب الجهاد، فأخرج الناس من الظلمات إلى النور وردهم إلى دين الله القيم رداً جميلاً، فتحَرّكوا معه، على سفينة النجاة صعد الأحرار فكبروا الله تكَبيراً وجاهدوا في الله حق الجهاد، فاجتمعوا وما هز جمعهم كُـلُّ طواغيت الأرض وكلّ الحروب التي شُنت عليهم، ظلماً وعدوانًا.
فظهر منهجهُ القرآني للعالم أجمع وأبى الله إلَّا أن يتم نورهُ ولو كره الكافرون، ويبقى ويستمر آثار عمله ما بقي الليل والنهار؛ فقد ربى أجيالاً تعشق الشهادة ولا تخاف في الله لومة لائم، أجيالاً مرغت أنوف الظالمين ونصرت المستضعفين فسلامٌ عليك ألف سلام سيدي ومولاي السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي.