عباراتٌ عاجزةٌ في مقام الشهيد القائد
هاشم أحمد وجيه الدين
ماذا عساي أن أكتُبَ في مقام الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-؛ فمقامُ هذه الشخصية النادرةِ فوقَ كُـلّ مفردات اللغة مهما تحدث الفصحاء وكتب الكتاب والبلغاء وتنافس الأدباء والشعراء، ستظل الكلمات عاجزة، والعبارات ناقصة، والمفردات خجولة، أمام هذه الشخصية الفذة والعقلية الراجحة في أخلاقه واستقامته وإنسانيته ومروءته وشجاعته وكرمه وحبه للآخرين وإحسانه للمستضعفين وتواضعه وبذله للجهود لخدمة الناس، فهو منهم، يعيش معاناتهم ويشعر بأوجاعهم وآلامهم فسخر نفسه لخدمتهم ووهب حياته وماله وأولاده وكلّ ما يملك في سبيل الله، خدمة للمستضعفين.
لقد نشأ وترعرع الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- في بيئة قرآنية، فأبوه فقيه القرآن العلامة الحجة السيد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، تعلم منه علوم القرآن ومنهاج آل بيت النبوة وعترة المصطفى -صلوات الله عليه وعلى آله-، وتميزت شخصيته عن أقرانه بالذكاء الخارق والاهتمام بالعلم ومجالسة العلماء، وكان ناشطاً مؤثراً في القضايا الاجتماعية وبصماته بارزة في الجانب الاجتماعي وحلّ قضايا المواطنين.
وكان لنشاطه -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- في الجانب الاجتماعي نتائج كبيرة لناحية الاهتمام باحتياجات الناس في منطقته مران، وقام بتأسيس جمعية مران التعاونية الخيرية وقدم من خلالها الكثير من الخدمات لأبناء المنطقة وأسس الكثير من المدارس الدينية والرسمية وقام بالمتابعة لتأسيس مستوصف مران وعمل على رفده بالكوادر المؤهلة من أبناء المنطقة، وكذلك قام بالمتابعة لشق شبكة من الطرق لخدمة أبناء المنطقة، ومتابعة وتنفيذ عدة مشاريع في مجال الكهرباء والمياه لمنطقة مران والمناطق المجاورة لها.
وعندما دخل الشهيدُ القائدُ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- البرلمانَ اليمني ممثِّلاً للدائرة 294 في العام 1993م عن حزب الحق، كان له دورٌ بارزٌ في صياغة القوانين ومحاربة الفساد والمفسِدين وتقديم المداخلات والأُطروحات القرآنية التي كانت محل تقدير واحترام وإعجاب الكثير من الشخصيات الوطنية والدينية آنذاك، كما كان له دورٌ بارزٌ ومحوريٌّ تجاه حرب صيف 94م لناحية الحفاظ على الوحدة اليمنية وقدم النصح للسلطة في ذلك الوقت بعدم الذهاب نحو الحرب وكان من أشد المعارضين لها.
وعندما ذهبت السلطة للحرب نأى الشهيدُ القائدُ بنفسه ومن معه عن التورط في إراقة الدماء ونهب الممتلكات بدون حق وغادر إلى مران وعلمت السلطة آنذاك بموقفه -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- وقاموا بعدة محاولات لاغتياله وإلقاء القبض على عدد من أتباعه وإيداعهم السجون بدون محاكمات.
وبعد أحداث الــ 11 من سبتمبر 2001 في نيويورك وإعلان الإدارة الأمريكية الحرب تحت مسمى “محاربة الإرهاب” استشعر الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- حجم المؤامرة الأمريكية على الإسلام والمسلمين، وبنظرة المؤمن الصادق أدرك أنه يجب أن يكون هناك تحَرّك جاد من الشعوب لمواجهة الخطر القادم فقام بإطلاق صرخة الحق المدوية في وجه المستكبرين في 17 يناير 2002م وانطلاق المسيرة القرآنية كمسيرة توعوية ثقافية تتحَرّك في أوساط الناس لنشر ثقافة القرآن والتحَرّك بمنهجية القرآن للتذكير بالمسؤوليات الدينية والأوامر الإلهية التي وردت في القرآن الكريم، واستنهاض الأُمَّــة للجهاد في سبيل الله ومواجهة أعدائه ومحاربة الثقافات المغلوطة والدخيلة على الإسلام والمسلمين.
قدم -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- الكثير من المحاضرات (الملازم) حول معرفة الله، والثقة بالله، والثقافة القرآنية، والصرخة في وجه المستكبرين، وخطر دخول أمريكا اليمن، ومن نحن ومن هم، والكثير والكثير من المحاضرات والدروس التي مثلت القاعدة الرئيسية لتغيير واقع الأُمَّــة السيئ والمهين نحو ما أراد اللهُ لهذه الأمّة أن تكونَ عليه من القوة والعزة والاستقلال والسيادة في جميع الجوانب بمنهجية قرآنية فريدة وجذابة، وعلى قاعدة “عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث”.
هذا المشروع القرآني العظيم الذي أسَّسه الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- وضحَّى مِن أجلِه بروحه ودمائه الطاهرة ودماء الكثير من أسرته وأتباعه وأمواله، ها هو اليوم يثمر نصراً وعزة وكرامة ونصرة للمستضعفين في فلسطين.
وبمقارنة الواقع قبل انطلاق المشروع القرآني والواقع اليوم في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والتصنيع الحربي، نلمس نقلة نوعية كبيرة جِـدًّا وإنجازات عظيمة كان الفضل فيها لله -سبحانه وتعالى- وتوفيقه وعونه ونصره لأوليائه، ثم لهذا المشروع القرآني العظيم ومؤسّسه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، الذي كان صاحب هذه الرؤية وهذا التحول الكبير والعظيم في واقع الأمَّة، ومن بعده أخوه السيد القائد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-.