المصابُ الجلل والأثرُ الأجل

 

رؤى الحمزي

واللهِ تهدمت أركان الهُدى من جديد، في تاريخ مفصلي حوّل الكلمة إلى ثورة، والعشرة من القوم المؤمنين إلى الملايين، في قرية صغيرة داخل محافظة هناك نور بين الجبال والكهوف يشع مُزخرفًا بالعفاف والإيمان والزهد والتولي الصادق لله ولرسوله؛ جذب القلة القليلة الخُلص من القوم الذين حوله، قلة فهموا المبدأ وساروا عليه عرفوا القضية ووعدوا أنفسهم أنهم سيحاربون؛ مِن أجلِها.

إمْكَانيتهم بسيطة، وحياتهم أبسط، عددُهم قليل، قائدهم لا يقل عن المواصفات أعلاه بشيء، إلا أنه غنيٌّ بالإيمان والعلم والبصيرة والحكمة، أسَّس شعارًا ليس من تلقاء نفسه بل بما أمر الله في محكم كتابه، أيَّدَه ونصرَه أتباعُه وأرادوا أن ينطلقوا على أَسَاس توجيه إلهي، ولم يتوقعوا أيَّ ضرر أَو سوء يلحق بهم فانتشروا معه بين أوساط الناس للتوعية بمحاضراته التي تُترجم القرآن عمليًّا وتبين معانيه.

حدث ما لم يتوقع! حُوربوا وسُجنوا وعُذِّبوا حتى وصل الحال بالبعض أنه حُرم من عمله ومصدر رزقه! الصدمة كانت سيدة الموقف فلم يتوقعوا ذلك ولو للحظة واحدة، بالمقابل كانت لقائدهم نظرة مختلفة وهو يحثهم على الصبر والتقرب من الله أكثر وطلب العون، فهو كان يعرف أن أمريكا لن ترضَى عنهم وأن حكومات العالم تتبعها اتباعًا أعمى؛ فتوقع كُـلّ ما حدث وما سيحدث حتى كان يملك بصيرة إلى ما سيحدث بعد عشرات السنين، وكلّ ذلك ذُكر في محاضراته المسجلة ونصل إليها يوماً تلو الآخر مع الأحداث المُستجدة.

توسعت دائرة الصراع مع هؤلاء المؤمنين القلة على مدار السنوات، وانتهى ذلك باستشهاد ذلك القائد الحر الحنك البسيط الذي لم يملك حتى سلاحاً غير كتاب الله مُترجماً إياه عمليًّا، قتلوه مُحاصَراً في كهف! قُتل غدراً ولم يكتفوا بذلك! بل أخفوا جثمانَه الشريف، خافوا منه حتى بعد موته! لعلمهم بقوة قضيته ومبدئه الذي يخافون منه ولعلمهم بأنه جاء ذلك الشخص الذي سيكون زوالهم على يده ولكن لم ينزل ذلك الدم الطاهر على الأرض هباءً منثوراً ولم تنتهِ رحلة الحق ولم يمت ذلك القائد ولم يختف أُولئك القلة من المؤمنين.

ذلك النور انتشر وأصبح متوهِّجاً أكثر، وذلك الدم تمدد إلى الأرض كلها، وتلك المحاضرات دخلت كُـلّ بيت، وذلك القائد قاد تلك المسيرة، رغم غيابِه جسدًا لكنه بقي فكرًا ومشروعًا، وتلك الصرخة رُفعت وتلك القضية انتشرت توالت الأحداث وتوسع الصراع ووصلنا من بعد الضعف إلى القوة، ومن عدم توفر الإمْكَانات البسيطة إلى صناعة الصواريخ والمسيَّرات، ومن بعد محاربة العملاء إلى محاربة العدوّ نفسه، ومن قضية محفوفة بين أهلها وصرخة ينطقها الآلاف، نرى اليوم العالم عرف اليمن واليمنيين وقضيتهم وصرختهم وقوتهم، وأمريكا نفسها أصبحت قشة أمام هؤلاء أتباع ذلك القائد الشهيد السيد/ حسين بن بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-.

في ذكرى استشهاده المقتول غدراً وهو لا يملك ما يدافع عن نفسه وعن أولاده، اليوم تتجدد ذكرى رحيله المؤلمة وهو قائد الملايين وقضيته ومبدأه أصبح مبدأ شعب كامل، وحكومة بأكملها تسير على نهجه ممتلكة قوة عظيمة تُحارب العالم وعلى رأسهم أمريكا و”إسرائيل” وتسعى لإبادة اليهود عن بكرة أبيهم نصرةً للإسلام ومقدساته وأهله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com