شهيدُ القرآن وأثرُه في إحياء مسيرة القرآن

 

القاضي/ حسين بن محمد المهدي*

القرآنُ حبلُ الله المتينُ وصراطُه المستقيمُ والنورُ المبينُ والشفاءُ النافع، عصمةٌ لمن تمسك به، وهدايةٌ لمن أخذ به، ونجاةٌ لمن اتبعه.

ولقد كان للسيد حسين بدرالدين الحوثي، في عصرنا هذا، شرفُ الأخذ به ورفعُ رايته والدعوة إليه والاعتصام به؛ فعاش به سعيدًا ومات شهيدًا، أحسينُ أنت أخو الشهيد بكربلاء، ورفيقُ زيدٍ في نعيم تُرفَع.

القرآنُ أنزله اللهُ على نبيه ليخرِجَ الناس من الظلمات إلى النور؛ فهو نور يبدد ظلمات الضالين ويهدي إلى صراط الله المستقيم (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ).

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).

آيات قرآنية أيقظ بها قائدُ المسيرة القرآنية ضمائرَ أحرار الأُمَّــة، وجّه إليها أنظارهم، إلى ما تحمله من بيان وبرهان يزيح ظلم المعتدين على عباد الله في فلسطين وغيرِها من اليهود والنصارى المستكبرين.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مبينًا، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً).

ولقد كان -رحمه الله- ممن يدعو إلى الجهادِ والأخذ بأسباب القوة والاستعداد، يُتبِعُ القولَ العملَ، وليس ممن يقول ولا يعمل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّـهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ).

فلقد صدق في وعده ونصحه لأمَّة جده المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- فهنيئًا له الشهادة.

ولقد خلفه عدولٌ من أهل بيت النبوة وغيرهم من أنصار الله وأحبابه، وعلى رأسهم قائد المسيرة القرآنية القائد المظفر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- فجدّد السيرَ على ذلك المنوال، ودعا إلى الجهاد في فلسطين ورَصِّ الصفوفِ وتوحيد الكلمة، وشاء الله أن يظهرَ دينه ويعز شريعته وينصر المسلمين تحت راية الجهاد، راية الإسلام، راية السيد عبدالملك، الظافرة.

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

إن الذين يسعون إلى إصلاح نُظُمِ الحكم ويجاهدون في مناصرة الحق ونشر العدل ورفع الظلم ويتحملون عبءَ إصلاح سياسة الأُمَّــة ويقيمون واجبَ الأمر بالمعروف.. هم خيارُ مَن على الأرض وأحقُّ الناس بإرشاد الأُمَّــة إلى طريق صيانتها وعزتها.

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَوْ آمَنَ أهل الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفاسِقُونَ).

إن إرشادَ الأُمَّــة وحَثَّها على الجهاد وبيانَ سبيل عزتها مما أرشد إليه القرآنُ (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّـة وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).

كما أن بيانَ مضارِّ الاستعمار وسوء أثره على الشعوب ومقاومة احتلاله لأرض الإسلام في فلسطين وغيرها هو من أهم الواجبات حتى يصيرَ الحقُّ محفوظاً بجلال الإسلام كما هو مشرِقٌ بأنوار الهداية.

كيف وقد بيّن الله ما حكته ملكةُ سبأ في القرآن عن مضارِّ الملوك وفسادِهم على سبيل التقرير (إِنَّ الْمُلُوكَ إذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ).

إن صرخةَ الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رحمه الله- في وجوهِ المستكبرين فيها تأكيدٌ بأن العزةَ لله وللمؤمنين (وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)، ولو تراجَعَ المستكبرون عن ظلمهم لفلسطين وللعرب والمسلمين، وخضعوا لأوامر الله ونواهيه، واعترفوا بحقوقِ المظلومين لَمَا سمعوا من يصرخ في وجوههم، فهل يعي هؤلاء المستكبرون مغبةَ ما يجنون به على أنفسهم وعلى غيرهم، فهل من مُدَّكِر؟

* رئيس الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com