اليمن.. موقفٌ قويٌّ وتَجَــلٍّ للتأييد الإلهي وإسقاطٌ للردع الأمريكي

 

علي الحسني

بدافعٍ ديني إيماني، أخلاقي، إنساني، تحَرّكت القوات المسلحة اليمنية لمساندة غزةَ جراء ما تتعرض له من عدوان همجي وحرب إبادة جماعية قتلاً وحصاراً وتهجيراً، في ظل تخاذل عالمي وإسلامي وعربي سقطت فيه قيم الإنسانية والأخلاق وحقوق الإنسان التي لطالما تشدّق بها العالم، وسقطت فيه القيم الإيمانية والإسلامية التي لطالما تشدق بها زعماء وشعوب المسلمين، وسقطت فيه القوميةُ العربية التي لطالما تشدق بها زعماء وشعوب الدول العربية؛ فتحَرّك اليمن شعباً وحكومةً وقيادةً؛ نصرةً لفلسطينَ وإعلان حصارٍ بحريٍّ ضد السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية حتى إدخَال حاجة الشعب الفلسطيني في غزة من الماء والغذاء والدواء وإيقاف المجازر الوحشية بحق أبناء غزة.

وهذا هو الدافع والسبب المعلَنُ لعمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر -وبعون الله وقوته- استطاعت اليمن تنفيذ قرارها وفرضَه على كُـلا البحرَينِ: الأحمر والعربي وخليج عدن، وعندما علم الله صدقَ توجّـه اليمن في مناصرة غزة ما كان من فضل الله وكرمه إلا أن مَنّ عليهم بأن كافأهم من خلال إفشال وَإلحاق الهزيمة بما سمي تحالف “حارس الازدهار” الذي قادته أمريكا؛ مِن أجل فك الحصار عن الكيان الإسرائيلي، ثم بعدها جاءت أمريكا وبريطانيا بأساطيلهما الحربية وإمْكَاناتهما العسكرية المتطورة؛ لكي تثنيا القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ قرارها وفك الحصار البحري عن “إسرائيل” ففشلتْ (أمريكا وبريطانيا)، فشنَّتا عدوانًا عسكريًّا جويًّا على الجمهورية اليمنية لردعها عن أداء واجبها الأخلاقي والإنساني والإيمَـاني، ومع ذلك لم يجدِ نفعًا ولم يُثْنِ اليمن عن موقفه بل ازدادَ عنفوانًا وإصرارًا، وبهذا انتهت قوة الرد الأمريكية التي لطالما هيمنت على دول العالم باسم قوة الردع التي لا تُقهر؛ فقُهرت وانتهت قوة الردع الأمريكية في اليمن، وأصبح اليمن حديث العالم بموقفه الإنساني والأخلاقي والإيماني، وَأصبح لليمن قولُه النافذ وقراره الحق في العالم.

وكلّ هذا لم يبحث عنه اليمن عندما أراد نصرة غزة، وإنما شاء الله أن يكرم اليمن بهذه المنزلة والرفعة لموقفه الحق؛ لأَنَّه موقف ظهر في وقت خنع وذل فيه العالم كله أمام غطرسة وهمجية وعدوانية وفجور أمريكا و”إسرائيل” ودول الغرب الكافر.

الكثيرُ في هذا العالم -من الذين يعتمدون في تقديراتهم على المادة فقط- انبهر بل وتعجَّب من الظهور المفاجئ لليمن كقوة إقليمية تقف وحيدة في مواجهة الغطرسة الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، والغرب الكافر نفسه تفاجأ من القدرات اليمنية التي ذاق بأسَها وشدتها من خلال المواجهة في البحر، فأصبح التساؤل العام لدى كُـلّ من يرى تطور القدرات اليمنية وموقف اليمن القوي في مناصرة غزةَ هو: من الذي يدعم اليمن!؟ وما الذي أوصل اليمن الدولة الفقيرة التي كانت فيما مضى لا تكاد تذكر إلى دولة تمتلك القدرات العسكرية التي تمكّنها من مواجهة أقوى دول العالم!؟

الكثيرُ من التساؤلات التي ينتهي مقتضاها في البحث عن شيء مادي (مجهول) يبحث عنه ذو النظرة المادية؛ مِن أجل أن يسقطوا قوة وقدرات اليمن عليه، وهم يتغافلون عن أشياءَ أُخرى بالرغم أن السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، قد أكّـدها لهم مرارًا وتكرارًا في كُـلّ خطاباته ووضحها لهم ولكنهم يتجاهلونها؛ لأَنَّهم لا يؤمنون بها إطلاقًا ولا يريدون تصديقَها، بل إن تفكيرهم المادي البحت يقودهم إلى عدم تصديقها، والإجَابَة لكل التساؤلات التي لم يحصلوا من خلالها على إجَابَة مقنعة خُصُوصاً وقد أثبتت الوقائع والأيّام أن اليمن لا يتلقى الدعم من أية جهة دنيوية، وهذا ما قد اعترف وصرح به في الأيّام الأخيرة قادة وعسكريون أمريكيون وغربيون بقولهم إن الحوثيين لا يتلقون الدعم من أحد وإنما يطورون قدراتهم بأنفسهم، وفي هذا السياق نذكر السبب الرئيسي لتطور القدرات اليمنية وقوة موقف اليمن وهو أن موقف اليمن ديني إيمَـاني، وأن اليمن يمتلك قيادة ربانية ويسير على منهج الله المتمثل في القرآن الكريم الذي قال الله فيه وهو يحث المؤمنين على قتال اليهود والمشركين بقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ…)، وكذلك بتحَرّك اليمن على نهج القرآن وتحت قيادة قرناء القرآن من أعلام الهدى من آل بيت رسول الله كان له الموقف القوي والمؤثر؛ فتحَرّك المجاهدون في اليمن من منطلق قول الله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ” فاعدوا واستعدوا لمواجهة اليهود والغرب الكافر، فحظوا بتأييد الله عندما تحَرّكوا وفق كتابه الحكيم وتحت راية أعلام الهدى استجابةً لقول الله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءامنوا…)، وهكذا جسد مجاهدو اليمن آيات الله سلوكاً عمليًّا يسيرون عليه، فالسر في تطور القدرات العسكرية اليمنية وقوة موقف الشعب اليمني في مناصرة الشعب الفلسطيني هو أنهم استجابوا لله وساروا على طريق الحق وصراط الله المستقيم وجسدوا توجيهات الله قولاً وعملاً.

وارتبطوا بأعلام الهدى قرناء القرآن من آل بيت رسول الله -صلوات الله عليه وآله- فاستحقوا بذلك تأييد الله ومعونته الذي قال لهم في كتابه الحكيم: (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وهذا ما يتجسد واقعاً ملموساً من خلال ما يحدث في البحر الأحمر من انتصارات وتفوق يمني على أمريكا وبريطانيا وكلّ قوى الاستكبار العالمي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com