الشهيد الصماد.. تاريخُ اليمن المتجدِّد للحاضر والمستقبل
عبدالجبار الغراب
حياة كلها حافلة وفاخرة وزاهية بمختلف عطاءاتها الخادمة لدينها ووطنها وأمتها، مزهرة بضوئها وشعاعها الإيماني وبنور وهداية خالقها الرباني، غايتها ومرادها أن يتحقّق لشعبها الأحلام والأماني، باعثة في كافة جوانب شخصيتها التفصيلية الالتزام الديني والارتباط بمنهج الله الحكيم القرآن الكريم، والتثقيف بثقافته لنيل القوة والاصطفاف والتعاون بين المجتمعات وهو المنطلق الأَسَاسي والهام لمواجهة كافة التحديات والصعاب، لينطلق من خلالها الجميع نحو مستقبل أفضل، قرارهم مسقل، باسطين سيادتهم على كُـلّ أراضي دولتهم، والإسهام للبناء والتقدم والنهوض والتطور وتأسيس جيش وطني قوي للدفاع ومواجهة كُـلّ مخطّطات وتآمرات الأعداء، والوقوف ضد قوى البغي والضلال والعمل على نصرة المستضعفين: هذه هي شخصية الرئيس الشهيد صالح علي الصماد، منذ ولادته وعلى مدار أربعة عقود كاملة قضاها من حياته، خدم دينه ووطنه وشعبه، ذلكم الشخصية القرآنية الإيمانية المستنيرة بالله وبهداه، والجهادية في سبيله لتحقيق مرضاته، والقيادية في الحكم المناصرة لقضايا أمتها العربية والإسلامية.
فالشهيد الصماد هو ذلك الرجل المؤمن العابد التقي الراسخ في العلم والإيمان، المجاهد في سبيله تعالى لنصرته ونصرة المستضعفين، فمنذ ريعان شبابه تعددت مسيرته الحياتية بمختلف الأدوار والعطاءات فكان له الشرف في الوقوف والتصدي لكل المحاولات وبأنواعها العسكرية وغير العسكرية التي قادتها أمريكا وحلفاؤها وخاصة النظام السعوديّ، وبدعم منهم بدأت مراحل التنفيذ من قبل الحكومة اليمنية السابقة بشنها للعديد من الحروب الوحشية على محافظة صعدة للقضاء على مسيرة الإيمَـان والقرآن التي أَسَاسها القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، والذي كان للشهيد الصماد شرف الالتحاق بها، فجعل من نفسه المدافع القوي الشجاع وبحزم واعتزاز وبشرف وإباء فصمد مع كُـلّ الشرفاء حتى تحقّق النصر وتم إفشال كافة المؤامرات الرامية للقضاء على مسيرة النور والهداية، لتشكل بعدها أحداث “الربيع العربي” عام 2011 وانطلاق ثورة شعبيّة سرعان ما أعلن الشهيد الصماد الانضمام إليها، وكان في ذلك الحين يشغل رئاسة المكتب السياسي لأنصار الله، وما إن شعر ومعه الكثير من الشعب بانحراف مسار التغيير عن أصله الحقيقي والتدخلات الكثيرة للقوى الخارجية وحرفها لمسار الثورة، فكانت للصحوة الحقيقية للشعب اليمني في إعلانهم لثورة شعبيّة عارمة 21 سبتمبر 2014م، ليبرز الشهيد الصماد كأحد أوائل المجاهدين الذين قاموا برفدها بكل ما يملك من مقومات يمتلكها لخدمة اليمن واليمنيين.
ليدخل الشهيد الصماد تاريخ اليمن من أوسع الأبواب؛ لأَنَّه أسّس اللبنات الأولى لبناء الدولة في كُـلّ مجالاتها المختلفة، لخدمة حاضرها وجعلها قواعد ثابتة ينطلق بها الأجيال المتعاقبة للبناء عليها للمستقبل، وفق ما رسمها وخطط لها الشهيد الصماد في حياته كإنسان وكَقائد سنستذكرها بعظمة هذا الإنسان، والتي انفردت وتتعدد إنجازاته وتحقّقت في ظرف يعتبرها الكثير غاية في الصعوبة لأسباب واضحة للعيان واستحالتها في الوجود في ظل تطورات وأحداث لها عوائقها المانعة تعرقل مسيرة الإصلاح التي أطلقها الشهيد الصماد، ولبناء الدولة بشكلها الحديث قاد ثورة تصحيح شاملة عبر تأسيسه للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، ومن التعامل الإنساني والتقرب من الناس وملامسة همومهم ومشاكلهم، سابقة وبادرة قادها والتي كانت بنظره هي من أهم خطوات الصعود والنجاح عندما يكون الحاكم هو خادم وليس جاعلاً من كرسي الحكم مغنماً لتحقيق الثراء والمكاسب.
محطات تاريخية واستثنائية رافقت حياة رجل الدولة والمسؤولية في مختلف مساراته في الحكم والقيادة؛ فهو الرئيس الاستثنائي الذي امتلك لليمنيين قرارَهم السيادي؛ فكان روحُه الجهادي حاضرًا في الجبهات العسكرية، وإنشاؤه للمعسكرات وزيارته الدائمة لها وفي أشد وأحلك الظروف الأمنية، وقاد التوافق والالتحام بين كافة الأحزاب فكان له القبول ولا يوجد عليه اختلاف، ليتولى رئاسة المجلس السياسي الأعلى في أغسطُس 2016م، ليتحمل المسؤولية ويخطو خطواته الكبيرة لتفعيل كُـلّ مؤسّسات الدولة وترشيدها والقيام بزيارتها بشكل دائم، وفي إخماده لأحداث فتنة الثاني من ديسمبر عام 2017م، وبمسؤولية كبيرة وبقيادته الحكيمة رسخ مفهوم النهوض والاعتماد على الإنتاج الحربي وتطوير الأسلحة العسكرية وتصنيعها من أصغر قطعة سلاح وُصُـولاً إلى إنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة.
إحساس وشعور تحالف العدوان بخطر وجود وبقاء رجل بحجم ومكانة الرئيس الصماد جعلتهم يجهزون مختلف الوسائل للإطاحة به، فكانَ لأيادي الإجرام السعوديّ الأمريكي وعملائهم وأثناء زيارته لمحافظة الحديدة يوم 19 أبريل 2018م غدرُهم المعهود وقصفُهم المباشرُ بالطائرات ليغتالوا الرئيس الصماد آملاً منهم كسر إرادَة اليمنيين، لكن إرادتهم ما ازدادت إلَّا قوة وصلابة، وثورة الرئيس الصماد تتجدد برسوخ إنجازاته الثابتة الممتدة للحاضر الحالي والأجيال المتعاقبة إلى المستقبل القادم، فعشرات الآلاف من الشباب حاملين مسيرته الجهادية الذين تربوا عليها وأثبتوا مواصلتهم السير نحو اكتمال طريق البناء لليمن وحمايته، والاستمرار في الجهاد لنصرة القضية الفلسطينية وإسنادها الفعلي العملي، وهو ما بان واتضح عسكريًّا بمشاركة يمنية تاريخية لنصرة القضية الفلسطينية في معركة (طُـوفان الأقصى).