الصماد.. اللبنةُ الأولى في مشروع الدولة المدنية الحديثة
دينا الرميمة
لا يزال الرئيس صالح الصماد ذكرى حيةً في قلوب اليمنيين يستحضرونها مع كُـلّ إنجاز يرونه على أرضهم، التي ترك الصماد بصمتهَ عليها وكان مؤسّساً لما تعيشه اليمن اليوم من الانتصارات السياسية وَالعسكرية سواء في الحرب مع دول العدوان الذي شهدها الصماد أَو الحرب الحالية مع أمريكا رأساً؛ دعمًا لغزة وفلسطين!!
تخرج الصماد من مدرسة الشهيد القائد ضمن ثلة رجال مؤمنين تشربوا من معين المشروع القرآني ثقافة جعلتهم لا يخافون في الله لومة لائم، وصنعت منهم رجال صرخوا في وجه أمريكا معلنين مواقفهم المناهضة لها والرافضة هيمنتها على بلدهم أَو على شعوب الأُمَّــة أجمع، ما جعل النظام الحاكم يشن حروب ست عليهم بأمر أمريكا، كان النصر فيها للمجاهدين، وكان لهم باعٌ كبيرٌ في تحرير اليمن من ظلم النظام الحاكم والهيمنة الأمريكية.
ما جعل أمريكا تأتي عليهم بعدوان لم تشهده أرض من قبل في فترة كانت اليمن تعيش حالة من التمزق والفراغ السياسي وَصراعات حزبية معظمها كانت أمريكا وَأياديها في المنطقة هي من تسببت فيها!!
في هذه المرحلة الأصعب في تأريخ اليمن تسلم صالح الصماد رئاسة الدولة بتوافق من الأحزاب السياسية، قد حط الكثير أمله عليه في إنقاذ اليمن من المؤامرات السابقة واللاحقة، إلى جانب بعض من راهنوا على أنه سيفشل في إدارة المرحلة الراهنة؛ فالجميع كان يعلم حجم الفساد المتفشي في كُـلّ مفاصل الدولة حتى باتت على حافة الانهيار اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وحتى على المستوى الاجتماعي من الفرقة والتقسيم والتناحر بين أبناء البلد.
إلى جانب ما تسبب به العدوان من تدمير لكل مقومات الحياة فيها!!
بَيْدَ أن الصماد ما إن امتطى كرسي الرئاسة حتى اتخذ منه فرساً جامحاً يمكّنه من الوصول إلى جميع الجبهات سواء جبهات مواجهة الفساد أَو جبهات المواجهة مع العدوّ الخارجي، فبدأ بمعالجة الاختلالات وَالبحث في كُـلّ مفاصل الدولة عن مكامن الخلل ليقضي على كُـلّ ما من شأنه أن يعرقل بناء الدولة الحديثة التي يتطلع لها كُـلّ اليمنيين ووفق القاعدة التي أعلنها “يد تبني ويد تحمي”، بما من شأنه أن يخدم الشعب ويخفف المعاناة التي خلفتها الأنظمة السابقة والحرب.
وكان دائماً ما يردّد “نريد أن نبني دولة تخدم الشعب وليس شعباً يخدم الدولة”، وشجع فكرة الاكتفاء الذاتي والعودة إلى الأرض لزراعتها، أضف إلى تشجيع الصناعات المحلية التي جميعها تهدف لكسر الحصار وتشغيل الأيادي التي سلب العدوان رواتبها!! وكان الرئيس الشهيد حاضراً بين أوساط الشعب يتفقدهم، ويشاركهم وجع الحرب ومعاناتها؛ فتراه عند المريض عائداً وللمحتاج ملبياً وللمظلوم منصفاً بشهادة الكثير من أبناء اليمن الذين تأثروا به تأثراً كَبيراً، فانطلقوا انطلاقة كبيرة للتصدي للمحتلّ وبناء الدولة التي ينشدها الجميع.
كما اهتم الصماد ببناء جيش ولائه لليمن وليس لصالح قوى خارجية، فتخرجت في عهده العديد من الدفعات العسكرية، منها من انطلق إلى الجبهات، ومنها من عمل في مجال التصنيع العسكري الذي وضع الصماد لبنته الأولى فانتجوا وطوروا الصواريخ والمسيَّرات التي صنعت النصر لليمن، وكما كان للصماد يدٌ في البناء والتغيير كان أَيْـضاً له يد ضمن الأيادي التي تحمي؛ فكان دائماً التردّد على المجاهدين بتواجده الكبير بينهم في كُـلّ جبهة ولا تحلو له الأعياد إلَّا بينهم.
وكان دائماً ما يردّد: “كُـلّ يوم يتبين لنا أننا على الحق وأنهم على باطل، كُـلّ يوم يتبين لنا عظمة ما نحن فيه وعظمة الموقف الذي اتخذناه”.
لذلك كان هذا الأثر الكبير للرئيس الصماد والتغيير الملموس في واقع اليمن هو ما أغاظ دول العدوان، ما جعلها تعده ثاني مطلوب ضمن قائمة المطلوبين للقضاء عليهم، وبمساعدة ضعاف النفوس من خونة اليمن الذين باعوا الدولة والوطن ببعض دولارات تمكّنوا من استهدافه على أرض الحديدة، التي تركها أمانة شعب حرّرها من المحتلّ ثائراً لرئيسهم، الذي تعمدت السعوديّة قتله لوأد مشروع الدولة المدنية التي دائماً ما تؤرقها، ظَنًّا أنها بذلك ستتمكّن من اليمن كما حدث بعد تآمرها على الشهيد الحمدي لكنها فشلت هذه المرة.
حيثُ إن الصماد كان قد ترك إرثاً كَبيراً من الوعي بين أوساط شعبه وأسس لمشروع انتهجه اليمنيون، واصلوا به مشروع البناء والتحرير، وبه اليوم ينتزعون السلام العادل لليمن التي هزمت كُـلّ مخطّطات الأعداء، وباتت دولة يحسب لها البعيد والقريب ألف حساب.