الرئيسُ الشهيدُ الصماد ومفهومُ المسؤولية

 

محمد الضوراني

المسؤولية ليست مُجَـرّد كلمة عابرة نمر عليها مرور الكرام، المسؤولية هي مفهوم كبير يتجسد من خلالها العديد من المهام والأدوار والأعمال التي يتحَرّك من خلالها رجل المسؤولية وفق المنطلق الإيماني الذي يتوجب على الإنسان المؤمن أن يفهم هذه المسؤولية، نجد أمامنا نماذج يقتدى بها في التحَرّك في القيام بالمسؤوليات والمهام وفقها ومن خلالها في خدمة الناس.

إن النماذج القرآنية وعلى رأسها الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في تقديم النموذج الحقيقي والنموذج الصادق والمخلص في الأمانة التي حملها الله إياه في نصر دين الله، وفي إصلاح الواقع الذي يعيشه الناس لواقع نموذجي صحيح يرتقي بهذه الأُمَّــة لمستوى المسؤولية التي تحملتها هذه الأُمَّــة، في واقع عالمي يعيش الضلال والتيه والضياع، وفي واقعنا القريب تجسدت الأخلاق القرآنية والمفهوم القرآني لرجل المسؤولية في الرئيس الشهيد صالح الصماد -سلام الله عليه- الذي تحمل المسؤولية في ظل هجمة عنيفة وعدوان عالمي على أبناء الشعب اليمني؛ فقام بدوره على أرقى مستوى وكان الرجل الصادق في أداء المسؤولية ولم يكن ذلك المغتر بالموقع الذي وصل إليه أَو ذلك المتعجرف المتكبر؛ لأَنَّه أصبح في أعلى الهرم القيادي بل زاده ذلك الموقع تواضعاً وقرباً من الناس وزاده ذلك الموقع خوفاً من الله وارتباطاً بالله عز وجل، لم يكن كما كان الآخرون في حالة من الاستهتار بالمسؤولية واستخدامها في مصالحه الشخصية والذاتية وفي جمع المال والولاءات.

الرئيس الشهيد صالح الصماد حفظ القرآن الكريم قولاً وعملاً، وتحَرّك من خلاله رغم كُـلّ الصعوبات والتحديات والانقسامات؛ فهو الذي وحد الجميع في ظل انقسامات زرعها العدوان الأمريكي ومن تحالف معهم وعمل على تعميقها في واقع المجتمع اليمني بما يسهل لهم احتلال البلاد وإضعاف أبنائها.

نحن اليوم وفي ذكرى استشهاد رجل المسؤولية الأول نستشعر هذا النموذج الصحيح لمن يقود المسؤولية، وبالأخص في ظل قيادة ثورية قرآنية ومنهجية صحيحة وهو القرآن الكريم، ومواقف بنيت عليها توجّـهات اليمن قيادة وشعباً وأزال الله عز وجل المحتلّ الغازي والعبودية والوصاية والاحتلال الذي أثقل بها كاهل الشعب اليمني، وفي ظل أنظمة مرتهنة للخارج وتحت هيمنتها، أن معنى المسؤولية ونماذجها الصحيحة لا بدَّ أن يقتدى بها الجميع بل ويتعلم منها الجميع في كُـلّ مواقع العمل والمسؤولية وحجم هؤلاء الشهداء الكبير كمدرسة قرآنية خالدة يتعلم منها الجميع معنى العطاء والبذل والتضحية والإيمان بكل معاني الإيمان وتجليات الإيمان الصادق لله عز وجل، بعيداً عن كُـلّ أهواء ورغبات وشهوات الدنيا الزائلة والتي لا يمكن أن تحقّق للإنسان الربح والمكسب، بل من يتحَرّك فيها ينال الخسران والندم الأبدي.

إن الرئيس الصماد جسَّدَ معنى رجل المسؤولية الذي باع نفسه وماله لله وفي سبيل الله وفي نصر دين الله وفي نصرة قضايا الأُمَّــة الحق، ولم يكن من طالبي الدنيا بكل أطماعها ورغباتها، ولم يكن من الراغبين في السلطة والجاه والمنصب والمكانة الدنيوية، لم يكن من هؤلاء، بل كان يطلب من القيادة الثورية أن تبحث عن من هو أفضل منه وأقدر منه في قيادة الدولة وفي القيام بهذا الدور المهم والأَسَاسي، لكن ثقةَ القيادة الثورية بالشهيد الصماد وإخلاصه ووفائه لهذا الشعب المجاهد كبيرة، وتقلد المسؤولية بقوة الرجل المؤمن المجاهد، وكان ينظر إليها نظرة كبيرة ومسؤولية عميقة تحتاج لأن يزداد إيمَـاناً وإخلاصاً وتمسكاً بالله عز وجل.

إن الشهيد الصماد أنموذجٌ للقائد الذي تبنَّى موقفَ الحق فسار من خلاله في أداء المسؤولية، ولم يبحث عنها بل هي من بحثت عنه كمسؤولية تحتاج لأمثال هؤلاء الرجال الصادقين المخلصين، في كُـلّ سنة نمر بهذه الذكرى المؤلمة على كُـلّ الشعب اليمني بفقدان رئيس أحبه الشعب اليمني ككل وربح هو المنزلة العظيمة عند الله وهي منزلة الشهادة أعلى المراتب والمقامات العظيمة التي يطمح بها كُـلّ مؤمن ومجاهد.

إن المسؤولية ليست مُجَـرّد كلمات وعبارات ومكانة شخصية ومطامع ذاتية، المسؤولية في مفهوم الرئيس الشهيد الصماد أمانة إيمانية تحملها المسؤول في خدمة دين الله وهذا الشعب والأمَّة وفي نصر قضاياها الحق وعلى رأسها القضية الفلسطينية كأولويات ومهام لرجل المسؤولية الذي يتحَرّك وفق هذا الإطار وهذا المفهوم الواسع والحقيقي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com