عملياتُ اليمن نحو التصعيد.. زِمامُ المواجهة البحرية بيد صنعاء

 

محمد بلحوت

تتصاعد العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن الأمريكية والبريطانية لتؤكّـدَ للأعداء الأمريكيين والبريطانيين أن ورطتَهم في اليمن هي ورطة تاريخية واستراتيجية وأنهم لن يتمكّنوا من السيطرة على نتائجها.

وتستمرُّ العملياتُ البحرية اليمنية في تحقيق أهدافها الضاغطة على الأعداء بشكل مباشر وسريع، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة وبريطانيا فشلهما الذريع في إحداث أي تأثير على القدرات اليمنية أَو على القرار اليمني بمواصلة العمليات، واتِّخاذ المزيدِ منَ الإجراءاتِ رداً على العدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ، وتأكيداً على الموقفِ العمليِّ المساندِ للشعبِ الفلسطيني”، وهي رسالة واضحة بأن معادلة التصعيد بالتصعيد ليست مُجَـرّد شعار بل واقع سيدفع الأعداء ثمن تجاهله أثماناً مكلفة بالنظر إلى أن المستوى الحالي للمعركة، يعتبر بالفعل متقدماً وكارثياً عليهم من عدة جوانب.

وسبق للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أن تطرق إلى ما يمثله المستوى الحالي للمعركة من ورطة كبرى لثلاثي الصهيونية (الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الإسرائيلي) في البحر الأحمر، وما تمثله العمليات اليمنية البحرية من “تحول استراتيجي في واقع المنطقة وتأثيرها الكبير على النفوذ الأمريكي والبريطاني”، هو توصيف يشير بوضوح إلى أن اليمن اليوم يكسر حواجز جيوسياسية تاريخية سيكون لسقوطها تداعيات طويلة الأمد ولن يكون بإمْكَان الأمريكيين والبريطانيين استعادتها مرة أُخرى.

معادلة “أن يهدّد الأمريكي والكل يتفرج انتهت” وأن “الأعداء في خسران حقيقي وورطة حقيقية وهجماتهم لا جدوى منها وإنما لها تبعات وآثار سلبية عليهم”؛ ما يعني أن اليمن يملك باقتدار زمام مواجهة البحر الأحمر بحجمها الدولي ومستوى تداعياتها التاريخية والواسعة وغير المسبوقة، ولن يتردّد في أن يوجه مجرياتها نحو تحقيق الضغط المطلوب على الأعداء مهما كان مقدار ذلك الضغط أَو حجمه وتداعياته.

رسالة التصعيد التي وجهتها القوات المسلحة، ورسالة “التحول الاستراتيجي” التي أكّـدها قائد الثورة، تكاملت مع رسالة إضافية وجهها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، يوم الجمعة، من أمام الحشود المليونية المساندة للشعب الفلسطيني في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، بقوله إن: “قرارنا ثابت، وأنتم من بدأتم ولكنكم لستم من ينهي الأمر”، وهو ما يجدد التأكيد على أن زمام المواجهة اليوم بيد اليمن وأن الحسابات التي يعتمد عليها الأمريكيون والبريطانيون للسيطرة على مجريات المعركة أَو احتواء نتائجها ستسقط بفعل إصرار يمني على تثبيت واقع جديد لا يستطيع الأعداء العودة إلى ما قبله أَو حتى التحكم بمفاعيله.

وأول تلك المفاعيل أن الاعتداءَ على اليمن سيقابَل بالرد “مهما كانت النتائج”؛ ما يعني أن سقف العمليات اليمنية لن يتأثر بأي ضغوط أَو محاولات ترهيب أَو ترغيب ولن يكون محكوماً بأية حواجز، وهو أمر حرصت القيادة اليمنية منذ البداية على تثبيته في واقع ميدان المواجهة من خلال تنفيذ عمليات لم يسبق للأمريكيين والبريطانيين أن واجهوا مثلها في تأريخهم بحسب اعترافات مسؤوليهم وضباطهم.

وإلى جانب رسائل القيادة والجيش، جاءت الرسالة الشعبيّة الواضحة على لسان الجماهير المليونية المحتشدة في صنعاء والمحافظات في الجمعة الأخيرة، والتي طالبت بالتصعيد بشكل صريح، لتؤكّـد بذلك أنها لا تقف فحسب إلى جانب القيادة والجيش في المستوى الحالي من المواجهة، بل إنها متطلعة لمستوى أكبر من الاشتباك مع العدوّ وتثبيت المزيد من المعادلات التاريخية التي تساهم في تغيير مستقبل المنطقة لمصلحة القضية الفلسطينية في المقام الأول ولمصلحة كُـلّ الشعوب.

وبالمحصلة يمكن القول إن الساحةَ اليمنية شعبيًّا ورسميًّا وعسكريًّا مهيَّأَةٌ ومجهَّزةٌ بالكامل لتصعيد يواكب إصرار العدوّ على مواصلة إبادة الشعب الفلسطيني وما يتضمنه ذلك الإصرار من اعتداءات على اليمن والمنطقة، وهي جهوزية تنطلق من واقع إدراك لطبيعة المعركة الجارية كمعركة مصيرية وتاريخية يبنى عليها تحولات كبرى.

ويمثل هذا الموقف المتكامل رسميًّا وعسكريًّا وشعبيًّا دلالة واضحة على أن محاولات الأعداء للتأثير على الموقف اليمني قد ارتدت سريعاً بنتائج عكسية أكثر تأثيراً، وأن الأمر لن يقف عن مستوى فشلهم في حماية الكيان الصهيوني و”ردع” المساندين له، بل سيتطور سريعاً إلى حَــدّ زعزعة أركان الهيمنة الأمريكية والبريطانية في المنطقة تمهيداً لهزيمة تاريخية غير مسبوقة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com