مضيقُ المندب ودورُه الفعّال في المعركة

 

كوثر العزي

تلعب المضايق البحرية دورًا بارزًا؛ لما لها من أهميّة استراتيجية واقتصادية وقت السلم أَو وقت اندلاع الحروب؛ فالمضيق المائي يُؤمن للدولة المطلّة عليه مصالح اقتصادية متنوعة ومتفردة، وَأَيْـضاً للمضيق المائي أهميّة استراتيجية دولية لا يعلمها إلا من يعي أهميّة ذلك الممر المائي رغم تحفظ الدول العظماء كأمريكا بريطانيا وغيرهما، وعدم الإيضاح عن أهميتها وموقعها الذي قد يغني تلك الدولة أَو يفقر العالم إن تمّ إغلاقه..

حيث يعد مضيق “باب المندب” من أهم المعابر المائية في العالم، وقد برزت أهميته بوضوح مع افتتاح قناة السويس عام 1869م، حَيثُ أصبح يشكل إحدى الممرات المهمة للطريق البحري الأقصر، الذي يصل بين شرق آسيا وأُورُوبا، والذي يمتد من المحيط الهندي مُرورًا ببحر العرب وخليج عدن، وعبر باب المندب إلى البحر الأحمر ثم البحر الأبيض المتوسط.

تكمُنُ أهميتُه في كونه ثانيَّ أهم مضيق في العالم من الناحية الاستراتيجية، بعد قناة السويس؛ لأَنَّه يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط اقتصاديًّا، يقع باب المندب بين ثلاث دول هي: اليمن وإريتريا وجيبوتي، يتبع إدارياً لمحافظة تعز جنوب اليمن.

ويتمتع المضيق بأهميّة استراتيجية واقتصادية وعسكرية، جعلته ساحة للصراعات الإقليمية والدولية منذ قديم الأزل، وقد عملت القوى المتنافسة على الساحة البحرية تعزيز نفوذها فيه بإنشاء قواعد عسكرية بالجزر والدول المشاطئة، واستغلال التحكم بالمضيق وإغلاقه في وجه الخصوم عند الحاجة، فأصبح ورقة رابحة في الحروب والنزاعات، لا سِـيَّـما أن اليمن كانت تحت نظام خاضع خانع مسلم زمام الأمور للغرب، يسود عليه السيادة الأمريكية.

وتسمية المندب بهذا الاسم -بحسب مصادر تاريخية- تعود للفظ عربي وهو “الندب”، وتقول الروايات إن كلمة المندب مشتقة من الندب والتي تعني البكاء والنواح على الميت، وهو ما يجعل البعض يطلق عليه أَيْـضاً تسمية “باب الدموع” أَو “الندب” بمعنى جاز ومر، وبالتالي يقصد به باب المرور كما هو اليوم ندب على “إسرائيل” ومن يساندها في حصار وقتل وتشريد الشعب الفلسطيني..

استخدمت حكومة صنعاء موقع باب المندب كورقة ضغط على الكيان الغاصب، ولوت بذلك ذراع أمريكا؛ فعقب اندلاع معركة (طُـوفان الأقصى) في أُكتوبر/تشرين الثاني 2023 م بين فصائل المقاومة بفلسطين وجيش الاحتلال الغاصب، دخل اليمنيون خطوط المعركة وشدوا همة القتال وشمّروا السواعد، متوكلين على الله اقتحموا تلك الدائرة بإطلاق صواريخ وطائرات مسيَّرة باتّجاه إيلات، وقصف وتدمير السفن الإسرائيلية، وأعلنوا آنذاك في 16 نوفمبر/تشرين الثاني أن “باب المندب” والمياه المحيطة به سيتم إغلاقها في وجه السفن الإسرائيلية وأي سفن حربية تحميها بشكل مباشر أَو غير مباشر بعد أن فشلت تلك الدول في تمرير السفن لميناء أم الرشراش لدعم اللوبي الصهيوني، وخابت تهديداتهم بل أحرقت بنار أن اليمن لن تكن تحت الأوامر الغربية.

وفي غضون أَيَّـام احتجزت القوة البحرية حاملة المركبات “غالاكسي ليدر” المملوكة لـ “إسرائيل” وطاقمها، حَيثُ هاجمت القوة البحرية سفينتين إسرائيليتين جنوب البحر الأحمر هما “يونيتي إكسبلورر” و”نمبر 9 ” بمسيّرة مسلحة وصاروخ بحري، واستهدفوا كذلك سفنًا إسرائيلية بالمحيط الهندي وخليج عدن.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي، أعلن الأنصار تسليمًا لسيدهم المغوار، أن في يوم 9 ديسمبر/كانون الأول، منعت جميع السفن المرور من المياه الإقليمية اليمنية من جميع الجنسيات، المتوجّـهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية، فمن لم يسمع التحذير ويعي العواقب الوخيمة ستستعر به مياه البحر فتجعلهم أعجازَ نخل خاوية، هنالك العديد من السفن الإسرائيلية والأجنبية أثناء عبورها بالمنطقة تقصفُ بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

لجأت تلك الدول آنذاك ببناء تحالف أسموه بتحالف الازدهار، يندرج التحالف الذي أقيم في البحر الأحمر تحت مظلة “القوات البحرية المشتركة” المتعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، و”القوة 153″ التابعة لها، والتي تعمل في مجال مكافحة النشاطات غير المشروعة في البحر الأحمر والقرصنة وتجارة المخدرات، وتأمين حرية الملاحة، هذا ما تدعيه الولايات المتحدة بحق أنصار الله، متناسية ما يقوم به الاحتلال الصهيوني في فسلطين، فالقرصنة الحقيقية هي ما تقوم به من حرب بحرية ضد القوات اليمنية وردعها عن مناصرة القدس وانتصارها للقضية.

اقتصادهم بدأ ينهار رويداً رويداً مُنذ إدراجهم لقائمة الاستهداف البحري للقوة اليمنية البحرية، كما أن القوة البحرية لن تساوم أَو ترأف بمن يستقوي على الشعب الغزاوي ويستفرد به؛ فإن لن ترفع “إسرائيل” حصار غزة لن تتوقف البحرية عن القصف والتنكيل والله على ما نقول شهيد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com