الجهادُ نصرٌ وعِــزٌّ للمؤمنين وذُلٌّ للكافرين
القاضي حسين محمد المهدي
لقد وعد اللهُ المجاهدين بالهداية والنصر؛ فحياتُنا لا تستقيمُ إلا به.
وعِزُّ المسلمين يتمُّ بالجهاد والصبر والثبات، وخفض الجناح للمؤمنين والعزة على الكافرين؛ ولهذا وصف أهل الصدق في إيمانهم بأنهم (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).
ومما لا ريبَ فيه أن كسرَ شوكة الصهيونية اليهودية وتحرير فلسطين والأقصى الشريف ونصر المؤمنين في فلسطين لا يتم إلا بالجهاد.
ومما لا ريب فيه أن عزة المؤمنين وجهادهم أثر من آثار الإيمان بالله ومحبته، فمواطأة القلب لمراد الرب لا يكون إلا بالمحبة الخالصة لله، “واللهِ لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والدِه وولدِه والناسِ أجمعين”.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّـهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا، إذ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جميعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ).
والنفس تحتاج إلى مجاهدة؛ لأَنَّها تميل إلى الشهوة واللذة والهوى، ولهذا فَــإنَّه لا بُـدَّ من التمرن على ضبط النفس والسيطرة عليها كي لا تذهب بالإنسان إلى القعود عن الجهاد في فلسطين وتركن إلى مغريات الظالمين فهي إمارة بالسوء (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى).
فإذا تمكّن الإنسان من السيطرة على نفسه قادها إلى أعلى المراتب وأسنى المطالب.
فمن قاد نفسه واستنصر ربه حصل له النصر وقذف الله الرعب في قلوب أعداء المسلمين من اليهود والكافرين، فللمؤمن أسوة بما حصل للمؤمنين في الصدر الأول (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُـلّ بَنانٍ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
فالنصر حليف المؤمنين في كُـلّ زمان ومكان، فليستمر المؤمنون في الجهاد في فلسطين فَــإنَّ النصر حليفهم كما جاء في القرآن الحكيم (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ).
فهذا وعد إلَهي لن يخلفه الله، فمن تمسك بالإسلام فهو ظاهر على الأمم كلها؛ لأَنَّ الله أرسل رسله ليظهره على الدين كله، فكل ما هو واجب على المجاهدين الأخذ بأسباب النصر الحقيقية من القوة العسكرية وقوة الإيمان وإعداد العدة والاستبشار بالنصر الذي أكّـده الله في القرآن بقوله: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّـهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)، فقد اشتملت الآية على تأكيدات لفظية ومعنوية، ومن تلك المؤكّـدات اللفظية القسم المقدر؛ لأَنَّ التقديرَ والله لينصر الله من ينصره، وكذلك اللام والنون كلاهما تفيد التوكيد، ومن المؤكّـدات المعنوية قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فهو سبحانه قوي لا يضعف، وعزيز لا يذل، فكل قوة وعزة تحاول أن تضاد الله وتغالب جنده فستكون ذلاً وضعفاً تشهدونه بأم أعينكم للصهيونية اليهودية وأذنابها من الأمريكان في القريب العاجل بإذن الله، فلله عاقبة الأمور، فلا تستبعدوا نصره، فَــإنَّ عواقب الأمور لله وحده يجعلها حسبما تقتضيه حكمته.
فالمؤمن إنما يزيده صلف العدوّ قوة وتمسكاً وطاعة لله وحده، فهو الذي وعد بالتمكين ولن يخلف الله وعده، فعما قريب بإذن الله يحصل النصر والعزة والاستخلاف للمؤمنين (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئك هُمُ الْفاسِقُونَ).
وفي وقت قياسي يحصل للأُمَّـة نصر الله الذي لم يخطر لهم على بال، وأن المؤمن الواثق بوعد الله ليعلم أن الأسباب المادية مهما بلغت ليست بشيء بالنسبة إلى قوة الله فالنصر وعد الله (وَعْدَ اللَّـهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
النصرُ للمؤمنين الذين نصروا الله في فلسطين والبحرَين الأحمر والعربي، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذلة والهوان والخزي على الكافرين والمنافقين.
والحمد لله رب العالمين.