تفويضٌ عالميٌّ: من أسوارِ إسطنبول إلى ما لا نهاية..!
هنادي محمّد
- تتصاعَدُ العملياتُ العسكريةُ للقوات المسلحة اليمنية في البحرَينِ الأحمر والعربي؛ بفعل استمرارِ العدوانِ وجرائمِ الإبادة والتجويع لشعبِنا الفلسطيني المظلوم، وتستمرُّ عمليةُ استهداف السفن والمدمّـرات والبارجات المملوكة لثلاثي الشر أَو المرتبطة بها، وكذا السفن المُتَّجِهَة صوبَ “إسرائيل”؛ فتعلق جميعُها بين خيارَينِ -لا ثالث لهما: فإمّا الاحتراق أَو الغرق..!، ما يعني أن التسديد الإلهي بالسواعد اليمانية يجري مجراهُ ضد من يصر على أن يرسو في غير مرساه، ويسلك طريقًا لا يُحمَدُ عُقباه..!
قبل أن ينالَ السفنَ هذا المصيرُ المحتوم، تحرصُ قواتُنا البحريةُ على ضمان سلامة كادر السفينة ومغادرتهم بكامل سلامتهم؛ وهنا مشهد من مشاهد القتال الأخلاقي الذي يعكس صورة ناصعة عن مشروعية ما يقوم به اليمن، وأن هدفه واضح لمن يملك السمع وهو شهيد، ومعادلته لا تعقيدات ولا مجهول فيها، معادلة عادلة بمقاييس إلهية وإنسانية وحقوقية بحتة.
تصعيدٌ دمويٌ في غزة بتصويت أممي، يقابله تصعيدٌ بحريٌّ بتأييدٍ محليّ وخارجي، يفوّضُ اليمن وقيادته ممثلة بسماحة السيد القائد/ عبدالملك الحوثي -يحفظُه الله ويرعاه- في كسر شوكة القوى المستكبرة التي تعيث فسادًا في البشرية وتقتلها من الرضيع إلى الشائب، دون أن يسمع أحد صوتًا جهورًا لحاكمٍ عربيٍّ يقفُ بثقل قدمَيْه وجسده المتخَم وهو يرى أهلَنا في غزة يُساقون إلى الموت الواحد تلو الآخر من شدّة الجوع الذي يفتك بأجسادهم التي لم تعد تقوى على التحمّل.. فلماذا التفويض لليمن وسيّدها تحديدًا؟
مع أحداث ومستجدات الساحة الفلسطينية وما تشهده من عدوان إجراميّ يتابع السيد القائد/عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- تفاصيل الأحداث، ويخصص كُـلّ يوم خميس من الأسبوع لإلقاء كلمة يفند فيها أبرز التطورات، ويحصي إجماليّ الأرقام المهمة التي يجب أن نحيط بها خُبرًا، كعدد الشهداء، والجرحى، والمعتقلين، يطلّعُ فيطلع الأُمَّــة على أكاذيب الماكنة الإعلامية الغربية التي تهدف إلى تزييف واقعية الحدث وتطعيمه بالألوان التي تريد أن تظهر للرأي العام؛ فما إن يتلقى الجمهور ما شابهها تكون الفرصة قد فاتت على العدوّ بفضل لُقاحات العَلَم القائد التي يجرّعها بكل محبةٍ وحرص للأُمَّـة جمعاء، فيكتسب المستمع لكلمته وعيًا عاليًا ويمتلك مناعةً يستطيع بها إظهار الحقيقة التي يشوهها العدوّ.
القائدُ الحوثيّ يهتم جِـدًّا بأن تكون لهُ محطة أسبوعية تجمعه بالأمة العربية والإسلامية، ليذكرهم ببشاعة ما يجري من سفك للدماء في غزة، مع أنّ هذا الحدث ظاهرٌ للعالم بأسره، فما هو الهدف..؟
يدركُ -يحفظه الله- أن عمليةَ التنويم المغناطيسي التي تعيشها الشعوب نتاج اعتيادها على ذات المشهد، نتائجها ومآلاتُها خطيرةٌ جِـدًّا، على الشعوب نفسها، وعلى صاحب الحدث؛ فالأول تؤدي بهم إلى فقدانهم للمشاعر الإنسانية السليمة القائمة على الرّحمة والشفقة والشعور بالآخر، ومد يد العون؛ ما يجعلهم معرّضين لقسوة القلوب؛ وهي الحالة التي لا يصل إليها الإنسان إلَّا بسَببِ بُعدِه عن الله، وأمّا الثاني فستطولُ معاناتُه؛ بفضل سكوت وجمود ولا مبالاة الآخرين.
لذا كان لزامًا أن تكون هناك محطة تذكيرية توعوية تعبوية تشحذ من همم الأُمَّــة، وتدق ناقوس الخطر، وتقدّم المعالجات للإشكالات القائمة، وتعرض حلولًا وسبلًا للمواجهة، وتنقل صراخ وعويل الشعب الفلسطيني المظلوم لمن لا يسمع أَو يصمّ آذانه، لتُقام عليه الحجّـة في الدنيا، فلا يستطيع تقديم الحيل في الآخرة..!، فكانت هذه المحطة، والأولى، هي «السيد القائد»، يترقّبها كُـلّ حرٍ ليعيد الطاقة المعنوية إلى روحهِ التي أصابها الفتور، يستمع فتتسلل القوة والعزيمة والبأس إلى كامل جسده حتى يمتلئ بكل قيم الإيمان التي تجعله في موقع الشعور بالمسؤولية.
ومع كُـلّ إطلالة لهُ، يذكر العدوّ بحجم فداحة ما أقدم عليه، وينصحه بسرعة التوقف، ويخبره بملء فمّه أنه كلما استمر في طغيانه كلما أوجدنا علاجًا جديدًا ناجعًا موجعًا لهُ حتى يتماثل للشفاء ويرفع يده الدموية عن أبناء غزة، ويوقف عدوانه على بلدنا؛ حتى باتت قوى الاستكبار ترتب أوراقها استعداداً للاستماع لكلمته ثم تحلل وتفكّر فتحتار ما تقرّر، فتجرّها قدميها إلى النار فتستعر..!
من خلال الكلمات السابقة التي ألقاها سماحته، وجد المتابعُ لها أن القضية الفلسطينية هي القضيةُ الأُمُّ بالنسبة لهُ، وما لم يستخدمْه في مجابهة العدوان على اليمن، سيكشفُ عنه؛ نُصرةً لفلسطين، وهذا يدلل أن لا مساومةَ على الركائز ولا حلول وسطى يمكن أن تمنعَ هذا القائد عن الاستمرار في ضرب أعداء الإنسانية مهما كلفه ذلك من ثمن؛ ولذا كان التفويض له من كُـلّ أحرار العالم، من مشارق الأرض ومغاربها، من أسوار إسطنبول التركية إلى ما لا نهاية، والعاقبةُ للمتّقين.