المستقبلُ للإسلام
القاضي حسين محمد المهدي
لقد اقتضت حكمةُ الله أن تضيءَ شمسُ الإسلام لتبدِّدَ الظلام وتملأَ الدنيا نوراً وهداية، بعد أن امتلأت ظُلماً وجوراً وفساداً؛ فتهيأ لنصرة الإسلام رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
فشحذوا هممهم للجهاد في سبيل الله، وتحرير أرض فلسطين من براثن الصهيونية؛ مِن أجل إعلاء كلمة الله والفوز برضوانه، خلقهم الإيثار والتضحية، والوصول بالبشرية إلى تجديد معالم الدين إلى محل لائق كريم، وتلك هي السعادة الحقيقية للإنسان ونهاية كماله ومعراج قلبه وروحه.
لقد تغيرت الدنيا بعد بعثة النبي محمد (ص) بفضل تعاليم الإسلام السامية، وتغيرت طباع البشر وأشرقت القلوب بنور ربها واستضاءت بنور جديد بأفواج مؤمنة تسير على الطريق الصحيح، وها هي الآن تظهر طلائع المجاهدين من فلسطين واليمن ولبنان والعراق وإيران وغيرها، وكأن الإنسانية والأمة الإسلامية أفاقت واستيقظت من جديد، ففتحت عيونها بعد سبات لبرهة من الزمن، وَإذَا بالمجاهدين في فلسطين واليمن بالبحر الأحمر والعربي ولبنان باذلين أنفسهم ونفائسهم؛ مِن أجل تحرير فلسطين وتحرير العالم من الصهيونية وإنقاذها من الخطر المحدق بها.
إن هذا الانقلاب العظيم والدور الزاهر الجديد معجزة كبرى تدل على أن المستقبل للإسلام، وأن علماء الأُمَّــة الإسلامية وزعماءها وعلماء الفكر وأولي الرأي والحكمة مطالبون بنشر تعاليم الإسلام والجهاد؛ مِن أجلِه، وكبح جماح الصهيونية وتحرير أرض فلسطين، وأن أبناء الأُمَّــة وشبابها معنيون بأن يقوم كُـلّ فرد بدوره على قدر ما آتاه الله من مواهب، فالمستقبل للإسلام كما أخبر الرسول بقوله: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار).
فللإسلام جولة قادمة على الأرض كلها كما أخبر بذلك نبي الإسلام (إن أول دينكم نبوة ورحمة وتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم يرفعها الله، ثم يكون ملكاً عاضاً، ثم يرفعه الله، ثم يكون ملكاً جبرية، ثم يرفعها الله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدراراً، ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئاً إلا أخرجته) والحديث في مسند أبي يعلى والبزار والطبراني وأحمد بألفاظ متقاربة.
والذي يظهر أن الملك العاض قد بدأت نهايته بظهور الثورة الإسلامية في إيران وبروز الإمام الخميني كمجدد وظهور حزب الله في جنوب لبنان بقيادة سماحة السيد حسن نصر الله، وظهور أنصار الله في اليمن بقيادة قائد المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- ثم تولي زمام الأمور بقيادة الزعيم المظفر سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-.
وقد أسست انتفاضة الشعب الفلسطيني في غزة لظهور الإسلام والقيام بواجب الجهاد حتى يعم الخير والسلام والأمن في العالم ويرث هؤلاء المستضعفون الشرف والعزة والكرامة والنصر؛ فتلك سنة الله في الذين خلوا من قبل وهو القائل: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرض وَمَغارِبَهَا)، (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّـهِ شَهِيداً).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والمستقبل للإسلام والخزي والهزيمة للكافرين.
(وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).