بريطانيا العجوزُ بين الوَهْـمِ والخيال
د. شعفل علي عمير
تاريخٌ من الاستعمار مارسته الإمبراطورية البريطانية منذ القرن السادس عشر كانت تقوم ببناء جيش قوي قبل التفكير في غزو أية دولة، وكانت سياستُها الاستعمارية تعتمد على ركيزتَين هما: القوة العسكرية والتحكم باقتصاد البلدان التي تغزوها عن طريق احتكار الأعمال التجارية للبريطاني دون غيره، والعمل على إخضاع مواطني تلك البلدان الواقعة تحتَ سيطرتها لسلطتها العسكرية والتحكم في اقتصادها ومعيشة شعبها، كانت تسمى إنجلترا المملكة التي لا تغيب عنها الشمس دلالة على المساحة الكبيرة التي سيطرت عليها والتي تجاوزت 32 دولةً كانت خاضعةً للتاج البريطاني ولو بشكل رمزي ولا تزال هناك دولٌ مستعمَرة تحت مسمى المملكة المتحدة وهي (اسكتلندا، ويلز، أيرلندا الشمالية).
بدأت بريطانيا أطماعها الاستعمارية منذ القرن الخامس عشر، كانت بريطانيا حينها في أوج شبابها وقوتها، ولأن سنة الله في خلقه تقتضي أن يكون لكل بداية نهاية وبعد كُـلّ قوة ضعفاً؛ فدورة الحياة التي تمر بها كُـلّ الكيانات والكائنات على مستوى الفرد والجماعة مُرورًا بالدولة والأرض، بل والكون كله تسري عليه السُّنةُ الإلهية في الفناء التدريجي؛ فالإنسانُ يمر في فترات حياته بمرحلة الشباب ثم يكبر ليصبح كهلاً؛ فعندما يصدر منه أي تصرف أَو كلام خارج المنطق والمعقول يطلق على هذا بالخرف والذي عادة ما يكون نتيجة الوهم أَو الخيال الذي يعيشه هذا الرجل الضارب في العمر، وما ينطبق على الإنسان ينطبق على كُـلّ الكيانات والدوّل، لذلك نجد بأن بريطانيا العجوز بدأت بالخرف والهلوسة نتيجة وَهْمِها وخيالِها الذي يعد كما ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- (مرَضاً نفسياً) ينبغي علاجُه ولو استدعى ذلك تدخُّلًا جراحيًّا، وهذا ما يحصل في للجرعات التي تلقتها الدولة العجوز في البحر الأحمر والعربي.
إن ما تعانيه بريطانيا من إرث وتاريخ استعماري كان امتداده لحدود لا تغيب عنها الشمس جعل منها تعيش وهم السيطرة، جدير بالذكر أن دخول بريطانيا وتورطها مع الأمريكي في حماية السفن الصهيونية يأتي في إطار مهام البريطاني القديمة الحديثة؛ لتمكين هذا الكيان من احتلال فلسطين؛ فهي المؤسّس الأول والراعي الرسمي لهذا الكيان، وتأتي هذه الخسائر الكبيرة التي تتحملها بريطانيا وأمريكا للوفاء بالعهود التي تعهَّدت بها في مساعدة الكيان الصهيوني لاحتلال فلسطين؛ تنفيذاً لتعاليم كتبهم سواء التوراة أَو الإنجيل المحرّفة، وهنا تتجلى حقيقة أن الصراع مع اليهود والنصارى هو صراع ديني في عقيدتهم قبل أن يكون لأجل مصالح، وهذا ما يستوجبُ على الأُمَّــة الإسلامية الانتباه له والاستعداد لمواجهته؛ فكل الأحداث تشيرُ إلى طبيعة هذه المواجهة، وما علينا إلَّا زيادةُ الوعي بما يدورُ والاستعداد لمواجهته.