الصهيونيةُ وخطرُها على المجتمع الإنساني
القاضي حسين محمد المهدي
إن الجهلَ بالله تعالى خالق هذا الكون، والاسترسالَ في الأوهام وافتتانَ الإنسان بما أوتي من مالٍ ومتاعٍ يرتب ذهولَه عن خالقه وبارئه وغفلته عنه؛ مما يجعل منه عبداً لأهوائه ومطامعه ينتهك الحرمات ويسفك الدماء ويعيث في الأرض فساداً، شاهد ذلك: ما تفعله الصهيونية اليهودية في فلسطين.
إن الصلف الصهيوني، والخطر اليهودي الذي يداهم المجتمع الإسلامي في فلسطين لا يشكل خطراً على فلسطين وحدها، وإنما يشكل خطراً على الإنسانية كلها؛ فأكبر خطر على الإنسانية أن يحدث في بنائها خلل؛ فتحيد لبنتها الأَسَاسية عن مكانها الصحيح.
فينسى الإنسان قيمه وغايته وإخوته في الإنسانية؛ فيتحول إلى شيطان مريد، فحين يذهل الإنسان عن خالقه وعن حقوق الإنسان ربما يسعى إلى تحويل الحدائق الوارفة بالزهور والورود إلى نار متأججة تقذفها صواريخ ملتهبة، هنالك يزدردُ الإنسانُ أخاه في الإنسانية، يفترسه ويسفك دمه، وربما جعل منه طعاماً للخنازير، فلربما اعتبر نفسه في الغابة الإنسانية ذئباً يفترسها فتخجل منه الذئاب المفترسة والثعابين والعقارب السامة؛ لأَنَّه تحول إلى شيطان مريد تستقذر فعله شياطين الجن وتخجل، فكيف لا يكون كذلك وقد احترق الإنسان واشتوى بالنار التي أشعلها شيطان الصهيونية اليهودية في شعب فلسطين المؤمن المسلم دون أدنى رحمة؟
إن هذا العبثَ والفسادَ يشكِّلُ خطراً على الإنسانية كُلِّها؛ فلم تسمع البشرية ولم تَرَ بأم عينها ما شاهدته اليوم من التناسي لرب الكون وما دعا إليه من الاستقامة والابتعاد عن ظلم العباد وسفك دمائهم والسعي في الأرض بالفساد.
ومما يزيد الطين بلةً والفعل فظاعةً أن نجدَ في ساسةِ الأُمَّــة الإسلامية من يعطي ولاءَه للصهيونية اليهودية ويركنُ إليها ويزوِّدُها بما تحتاجُه من مالٍ ونفطٍ وسلاح، ويظُنُّ أن ذلك لا يصمه بالنفاق ولا يضعه في دائرة الولاء للكافرين، مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمالَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مِنْ أولياء ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
فليعلم المسلمون كافة وساسةُ أمورهم خَاصَّة أن المسلم لا يكون مسلمًا حَقًّا ما لم يحرّر ولاءَه لله ولرسوله وللمؤمنين؛ فلا يجوزُ أن يعطيَ ولاءَه للكافرين والمنافقين.
وليتدبر هؤلاءِ إلى قول الحق سبحانه وتعالى: (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أولياء مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعاً).
لذلك فَــإنَّ المسلمين وكلّ أحرار العالم مدعوون اليوم إلى كبح جماح الصهيونية وجهادها في فلسطين وتحرير الشعب الفلسطيني من إفكها وظلمها، وأن لا يتقاعسوا عن نصرة دين الله، فالله ناصر دينه ولكنه أراد اختبار الناس وابتلاءهم ففرض الجهاد، فإذا لم ينهض المسلمون صاروا آثمين (وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ)، (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).
وغداً بإذن الله ينتصر المجاهدون في فلسطين وتعلو كلمة الإسلام في الأرض كلها، ويندم المتخاذلون ويلحقهم الخزي والعار إن لم يستقيموا وينهضوا للجهاد قبل أن تدور عليهم الدوائر وتلحقهم اللعنة التي تلحق الظالمين، وما ذلك على الله بعزيز.