قانونُ الغلبة والقهر يغلُبُه قانونُ الرحمة والحق في الإسلام
ق. حسين بن محمد المهدي
إن قانون الغلبة والقهر وسيطرة القوي على الضعيف هو الذي يتحكّم في الغالب في الكثير من البلدان.
فما تسير عليه الأمور في الواقع العملي في الميدان الدولي اليوم ويسود هو قانون المغالبة بعيدًا عما يرسمه القانون الدولي نظريا.
إن القانون الذي تسير عليه الصهيونية اليهودية، ودول الاستكبار، ومن يدور في فلكها لا يتفق مع العقل والمنطق
فالاستعلاء على البشر وظلمهم قانون جاهلي قضى عليه الإسلام.
وكشف الواقع أن القانون الذي يجب أن يتبع ولا يسيطر القوي على الضعيف هو قانون الحق الذي جاء به الإسلام والقرآن، وأعلنه نبي الإسلام.
فليس من المعقول ولا من المقبول أن تنظر دول العالم الإسلامي إلى الصهيونية اليهودية وهي تعتدي على الشعب الفلسطيني المسلم، وتغتصب أرضه، وتحتل دياره، وتعبث بمقدراته، وتستلب حقوقه، وتدنس مقدساته، وتسفك دم أبنائه، وتتلذذ بقتل الأطفال والنساء والشيوخ، والكهول والزمنى، وتجعل من لحومهم طعاما لكلابهم وخنازيرهم على مرأى ومسمع من البشرية كلها، وساسة المسلمين وزعماءهم، رؤساءهم وملوكهم وقادة الفكر فيهم يقفون وكأنهم مكتوفو الأيدي لا يحركون ساكنا، وكأن الرسول صل الله عليه وآله وسلم لم يخاطبهم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع بلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ولم يصيخوا اسماعهم إلى قول الحق سبحانه وتعالى (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقوله سبحانه (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شيئاً وَاللَّهُ عَلى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
ولم يقف الحد عند بعض هؤلاء الزعماء والساسة عند السكوت فحسب بل القى اللائمة على حماس وفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني المظلوم المعتدى عليه، وكأنه لا يعلم أن الله سبحانه (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)
وأن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله يقول: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد)
ولم تنهى الشعوب هؤلاء الساسة عن سكوتهم غير البريء، وسلوكهم غير المرضي، وكأنهم لم يسمعوا (إن أعظم جهاد كلمة حق عند سلطان جائر) (ولا طاعة في معصية).
وكأنهم لم يعلموا أن من واجبات ولي الأمر المحافظة على الدين الإسلامي، وصد أي اعتداء على دينهم وارضهم بكل الوسائل.
وهذا ناتج عن سوء فهمهم للإسلام، وسوء اختيارهم لملوكهم ورؤسائهم، ووضعهم القيادة في غير موضعها، وبما يتضح جليًّا صواب اختيار أنصار الله وحزب الله لمرجعيتهم وقيادتهم لعلم من أهل بيت النبوة، وما سبقت إليه الثورة الإسلامية في إيران من اختيار المرجعية بغض النظر عن شكل النظام جمهوريا كان أَو ملكيا، فوجود مرجعية عليا يمنع من انهيار الدولة وتماهيها مع الصهيونية اليهودية وغيرها، ويقود الأُمَّــة إلى ما فيه سبيل نجاتها وعزتها وقد اوضحت ما تضمنته إيضاحات السيد حسين بدر الدين الحوثي يرحمه الله عن الولاية في ملزمة الولاية بما فيه الكفاية وَحتى لا تصبح زعامة الأُمَّــة وولايتها في يد الكافرين وليست بيد المؤمنين، وبذلك سينقطع امل الدول المستكبرة التي تسيطر على مراكز القرار فيها الصهيونية العالمية في اختيار زعما الأُمَّــة وساستها تحت أي شعار يرفعونه لتضليل الشعوب كما هو الحاصل فأغلب الزعماء لا يطبقون شرع الله فيما يحدث في فلسطين ولا يرفعون علم الجهاد ولا يستجيبون لله ولا يتبعون شعوبهم وإنما يتبعون اهواء الصهيونية وساستها.
ولكي يصبح قرار اختيار ولاة الأُمَّــة بيد الأُمَّــة الإسلامية في مسيرتها القرآنية
والحق أن رأي هؤلاء هو الأقرب إلى الصواب بل هو الصواب بعينه؛ لأَنَّه يتناسب مع حقيقة الأُمَّــة الإسلامية التي وصفها الله بأنها خير أُمَّـة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنه عن المنكر.
فالإسلام الذي يقوله كتاب الله (وَ لِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لايَعْلَمُونَ) يأبى أن ينشأ المسلمون على الذل أَو يقبلوا بالظلم.
فشمولية الإسلام للسياسة والحكم هي حقيقة لم تكن موضع جدلٍ ونقاشٍ بين المحقّقين من العلماء، فمن له أدنى إلمام بعلوم الإسلام، وأحكام شريعة الإسلام يعلم ذلك يقينا، فطبيعة الإسلام تقتضيه، وتاريخه يؤكّـد ذلك، ولم تكن هذه الحقيقة موضع شك أَو ريبة.
فقيام الدولة والسلطة هي من صميم أحكام القرآن الذي دلت عليها آياته (وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
وقد مارس رسول الله (ص) مهام الدولة والسلطة في مختلف مجالات الحياة السياسية والعسكرية والقضائية والثقافية والتنفيذية، فعين الولاة في مختلف البلدان، كما عين القضاة، وقادة الجيوش وعين امراءهم، وقاتل بنفسه وفتح البلدان، وتولى القضاء بنفسه في بداية الأمر، واحسن اختيار الولاة، وقال (مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شيئاً، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ) وفي رواية (من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان والمؤمنون)
ولم يختلف العلماء في قرشية الخلافة، بل نقل النووي الاجماع على قرشية الخلافة، وذهب طائفة من العلماء إلى القول بأولوية أهل البيت، وأهل البيت من قريش ولا خلاف في ذلك.
فوجود علم من أهل البيت يوقظ الأُمَّــة من غفوتها، ويدعو إلى العمل بالقرآن، ويقود مسيرته، ويكون مرجعية كما هو الحال السيد العلم قائد المسيرة القرآنية الذي رفع علم الجهاد في فلسطين.
فذلك لا يمنع منه الدستور المستمد من القرآن أَو أي نظام يجعل القرآن والسنة النبوية مرجعه، فذلك من أهم الواجبات التي تؤسس لقيام دولة إسلامية تحكم العالم، وتؤكّـد شمولية الإسلام لشؤون السياسة والحكم.
ولقد سمع العالم اليوم خطاب القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- خطابا إسلاميا يوقظ المشاعر ويرفع هامات المسلمين، ويحقّق ممارسة المسلمين للشؤون الأُمَّــة العامة على طريق الرحمة الذي جاء بها الإسلام في مختلف شؤون الحياة.
وقد امتلأ الخطاب بما يبعث الغيرة على الإسلام وعلى شعب فلسطين وعلى كُـلّ ما من شأنه رفع الظلم على فلسطين وتحقيق العزة والكرامة للمسلمين، ورفض الذلة والانحناء للمستكبرين أعداء الإنسانية والدين وذلك مطلب كُـلّ مسلم ينشد العزة للإسلام والمسلمين، والتخلص من كيد الكفار والمنافقين (وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والنصر للمجاهدين.
والشكر لكل أبناء اليمن الأحرار الذين يخرجون كُـلّ أسبوع تأييدا لفلسطين وللنهي عن المنكر والظلم الذي تمارسه الصهيونية استجابة لتوجيه قائد المسيرة القرآنية وذلك واجب أخلاقي وإنساني وإسلامي.